ما هو تأثير فيروس كورونا على النزاعات في الشرق الأوسط؟

> بيروت «الأيام» أ ف ب

> يعيش العالم اليوم تحت رحمة فيروس كورونا المستجد الذي تسبب بوفاة عشرات الآلاف وأجبر نصف سكان العالم على ملازمة منازلهم، إلا أن تداعيات انتشاره على مستقبل النزاعات في الشرق الأوسط ما زال ضبابياً رغم نافذة فتحها وقف إطلاق النار في اليمن الذي أعلنته السعودية من جانب واحد.

ودعت الأمم المتحدة في 23 مارس إلى وقف لإطلاق النار في دول تشهد نزاعات للمساعدة في التصدي لكوفيد-19. ونبّه أمينها العام أنطونيو غوتيريش الجمعة إلى أن "الأسوأ لم يأت بعد".

هل التزمت أطراف النزاع في المنطقة بهذه الدعوة؟ وما ترجمتها ميدانياً في اليمن وليبيا وسوريا والعراق؟

اليمن

في اليمن حيث لم تُسجّل أي إصابة بالفيروس بعد، فتح التحالف بقيادة الرياض نافذة لإحلال السلام بإعلانه وقفاً لإطلاق النار يبدأ الخميس ويستمر أسبوعين للتركيز على مكافحة الفيروس وتهيئة الظروف لبدء محادثات مع المتمرّدين الحوثيين الذين لم يصدر أي تعليق عنهم بعد.

وأعلن طرفا النزاع سابقاً دعمهما لدعوة غوتيريش. إلا أن بصيص الأمل النادر خلال خمس سنوات من النزاع لم يدم طويلاً مع إطلاق الحوثيين الأسبوع الماضي صاروخين اعترضتهما الرياض، وردّت بشنّ ضربات على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وسبق أن توصّل طرفا النزاع إلى هدن أكثر من مرة لكنّ مصيرها كان الفشل.وقال أحد أعضاء فريق المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لفرانس برس الأربعاء إن ما أعلنه التحالف ليس وليد اتّفاق.

ومن شأن تفشي فيروس كوفيد-19 في اليمن أن يفاقم الأزمة الإنسانية التي تُعدّ الأسوأ في العالم. ويهدد في حال بلوغه أفقر دول شبه الجزيرة العربية بكارثة إنسانية.

وحذّرت منظمات دولية من أن عدم التوصّل إلى هدنة تفسح المجال أمام تقديم المساعدات الضرورية، من شأنه أن يهدد مصير السكان في بلد انهارت منظومته الصحية وبات توفر المياه النظيفة نادراً.

وقال سائق الأجرة في مدينة الحديدة الساحلية غرباً محمد عمر من أنه في حال انتشار الفيروس "سيموت الناس في الشوارع وتتعفن الجثث في العراء".

سوريا

سُجّلت أول إصابة بالفيروس رسمياً في سوريا بعد أسبوعين تقريباً من بدء وقف لإطلاق النار في إدلب (شمال غرب)، بموجب اتفاق روسي تركي وضع حداً لهجوم واسع شنّته دمشق لثلاثة أشهر.

ويبدو أن المخاوف من قدرة الفيروس على الانتشار كالنار في الهشيم في كافة أنحاء البلاد التي استنزفتها تسع سنوات من الحرب، أوقف هجمات متفرقة على محاور عدة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، شهد مارس مقتل 103 مدنيين، في أدنى حصيلة قتلى شهرية للمدنيين منذ اندلاع النزاع العام 2011.

وعلى الأرجح، فإن قدرة مختلف السلطات المحلية، من حكومة دمشق مروراً بالإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق) وائتلاف الفصائل على رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) في إدلب، على التصدي لمخاطر الفيروس سيضع مصداقية الأطراف الثلاثة على المحك.

ويقول الباحث المتابع للشأن السوري فابريس بالانش لفرانس برس "يشكل الوباء وسيلة لدمشق كي تظهر أن الدولة السورية كفوءة وعلى كافة المناطق أن تعود إلى كنفها".

ويمكن للوباء والتعبئة العالمية التي يفرضها أن يسرّعا رحيل القوات الأميركية من سوريا والعراق المجاور، ما قد يخلق فراغاً يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية الذي تم القضاء عليه قبل عام، أن يستغلّه للعودة الى شن الهجمات.

ليبيا

على غرار اليمن، رحب طرفا النزاع الليبي بدعوة الأمم المتحدة لكنهما سرعان ما استأنفا الأعمال القتالية وتبادلا الاتهامات بخرق الهدنة بعد قصف على جنوب طرابلس. واشتدت وتيرة الاشتباكات في الأيام الأخيرة.

ودفع التصعيد مئتي ألف شخص إلى النزوح غالبيتهم في طرابلس، منذ مطلع العام، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

ودان غوتيريش "بشدة" في بيان الثلاثاء القصف الذي طال مستشفى في طرابلس. وندّد بـ"الهجمات المستمرة" على المستشفيات والطواقم الطبية "فيما الحاجة ماسة لها لمنع انتشار جائحة كوفيد-19".

ولعبت تركيا مؤخراَ دوراً عسكرياً مباشراً في ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة في مواجهة القوات الموالية للمشير خليفة حفتر الذي يستقر في شرق البلاد.

ولا يستبعد بالانش أن يحدّ انسحاب الغرب المتسارع من الصراعات المختلفة في المنطقة من الدعم التركي لحكومة الوفاق الوطني، وهو ما قد يصبّ بالدرجة الأولى في مصلحة حفتر الذي بدأ قبل عام هجوماً للسيطرة على العاصمة تحوّل حرب استنزاف أهلية. ويحظى حفتر بدعم روسيا ومصر والإمارات.

وينذر تضرّر الدول الغربية بشدّة من الوباء باحتمال توقّفها عن لعب دور الوسيط في محادثات السلام. ونقل تقرير عن مجموعة الأزمات الدولية أن مسؤولين أوروبيين أفادوا أن الجهود المبذولة لضمان وقف إطلاق النار في ليبيا لم تعد تحظى باهتمام رفيع المستوى بسبب الوباء.

العراق

لا يشهد العراق حالياً نزاعاً شاملاً، إلا أنه يبقى عرضة لهجمات يشنّها تنظيم الدولة الإسلامية في بعض المناطق ومسرحاً لشدّ حبال أميركي إيراني كاد أن يقود إلى صراع مفتوح في وقت سابق من هذا العام.

ورغم أن القوتين من بين أكثر الدول تأثراً بفيروس كوفيد-19، إلا أنّ ما من مؤشرات على توجههما للحد من المبارزة على الساحة العراقية.

ومع مغادرة كافة القوات غير الأميركية تقريباً في صفوف التحالف الدولي العراق وإخلاء قواعد عسكرية، يُصار حالياً إلى إعادة تجميع الجنود الأميركيين، بعدد أقل وفي قواعد أقل.

وانتهزت واشنطن الفرصة لنشر بطاريات صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، في خطوة تثير الخشية من تصعيد جديد مع إيران التي تُتهم مجموعات مسلحة تابعة لها بتنفيذ ضربات صاروخية على قواعد أميركية في العراق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى