هل تقف الحرب أم يضيف الحوثيون لها كورونا؟

> جمال مسعود

> ورد في حديث الحوض الشريف أن ملائكة تدفع الناس عن ورود الحوض بالسياط وتمنعهم من الوصول إليه وهم من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيعلم بهم النبي فيقول شفيعا لهم يا رب أمتي يا رب أمتي، فيناديه منادٍ ويقول يا محمد إنك لا تعلم ما أحدثوا بعدك.. هذه هي المشكلة من حقيقة الحرمان من النعم وهي المخالفة. فلقد كان الحوض نعمة من الله لأمة محمد، حرم منها أولئك وهم يستحقون الشرب منه، لكنهم عملوا شيئا لم يعلمه النبي، فلما علم به في المحشر غضب منهم فبدل أن يقول لربه يا رب أمتي ويشفع لهم ليردوا إليه في الحوض ويسقيهم بيده شربة من شرب منها لا يظمأ بعدها أبدا.. فيقول صلى الله عليه وسلم غاضبا منهم اذهبوا سحقا سحقا.. اذهبوا سحقا سحقا، فيتخلى عنهم وتأخذهم الملائكة بالسياط تدفعهم بعيدا عن الحوض مع الأشقياء، وهكذا من خالف الشرع ولم يشكر النعم.

وكلنا نذكر قصة أبناء سبأ عندما خصهم الله بجنتين عن اليمين والشمال، فبدل أن يشكروا الله على النعمة طلبوا منه حياة التعب والمشقة بأن يبدل جنتيهم بجنتين من السدر والخمط والأثل. لا ثمر فيها ولا ظل ولا رائحة، فاستجاب الله لطلبهم الشقي على أنفسهم واستبدل الجنان الوارفة والحدائق الغناء والنعيم ببساتين مريرة شوكية متباعدة الأغصان لا تظل من تحتها ولا يأكل منها طير ولا ترعى فيها بهيمة، مريرة الطعم، شوكية، خشنة الملمس. ويعكس ذلك حال اليمن اليوم التي تزرع بأرضها الخصبة أشجار القات بدل القمح والذرة والفاكهة، وتسقي أشجار القات بمياه هي أحوج إليها بشربها لحياتها.

وها نحن اليوم وقد استثنانا الله جل في علاه بأمره وتقديره أنه حال بيننا وصرف عنا وباء العصر كورونا الذي أصاب الكرة الأرضية بكاملها ونجانا من خطره، وهو أعلم بحالنا وضعفنا وعجزنا وفشلنا في تدبير أمورنا الاعتيادية، فكيف بوباء أقعد من كان عليه قادر من كبرى الدول وأعظمها؟! فخرت صريعة أمامه تحصي وفياتها وتعزل الإصابات لم يسلم منه رئيس أو زعيم، فكان فضل الله تعالى علينا كبيرا أن سلمنا منه وعافانا في بلادنا وأبداننا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فما بقي علينا إلا أن نشكر النعمة وندعو الله أن يديمها علينا.. فماذا نحن فاعلون؟ أنعود لتاريخ أجدادنا المرير في كفر النعم وحلول النقم؟ أنكفر أم نشكر؟

كيف لنا أن يحفظ الله أرواحنا ويبعد عنا وباء كورونا فنزهقها في حروب بعضنا البعض، إن استمرار الحروب وتحشيد الحشود وتأليب القلوب على بعضها البعض وتنفير القبائل والأهل من بعضهم البعض وشحن العداوة والبغضاء وتوزيع السلاح والذخائر هو وباء كورونا الاختياري بما جنته أيدينا، وهو وباء يمني يمني جاء ليحل محل الوباء الذي رفعه الله عن بلاد اليمن وأصاب به من في الأرض جميعا، ففي الوقت الذي تحصي فيه دول العالم وفياتها بالساعة والدقيقة ومؤشراتها الإيجابية بارتفاع متزايد بدلا من البورصة والمؤشرات الاقتصادية والصراع المحتدم مع الوباء والجهد المضني في توفير سبل الوقاية من الانتشار، وبعد أن انكبت منظمة الصحة العالمية في الانشغال بتقصي أخبار كورونا ومتابعة تطورات الإصابة به وتوسع دائرة انتشاره في العالم.. انكبت وزارة الصحة اليمنية والعاجزة عن معالجة جرحى الحرب في السنوات السابقة، ها هي تتحضر على عجزها لاستقبال الحالات الجديدة والمتوقعة للتصعيد الحربي للحرب المستمرة والتي قد تنفجر وستزداد ضراوتها في زمن كورونا في وقت التوبة والإنابة كفرا وعدوانا، لتحل علينا النقمة ويرفع الله عنا النعمة ويلحق بنا ما لحق بأجدادنا من السخط والوبال، فيبدل الله حالنا إلى أسوأ حال ويقع فينا قول الباري جل في علاه "ولئن شكرتم لأزيدنكم.. ولئن كفرتم ان عذابي لشديد"، فشكر النعمة سبب في زيادتها وبركتها وحلولها على الأرض والإنسان، وكما قيل في جنة سبأ وأوصافها البديعة التي منحها الله أهلها لما شكروا نعمة الله "بلدة طيبة ورب غفور".. وكفر النعمة شقاء كحال أهل الصريم الذين كفروا النعمة فاستحقوا العذاب..

لقد عاد الزمان بكم يا أهل اليمن، فلقد حفظ الله أروحكم مما أصيب به أهل الأرض من وباء كورونا، فلم تشكروه فازهقتموها ببنادقكم ومدافعكم ودباباتكم وقتلتم أبناءكم بأيديكم وسفكتم دماء أوصى الله بحفظها، والله قد رضي لكم أن تسلموا من الوباء الذي أصاب به الناس من غيركم، فاشكروا الله ولا تكفروه، وهاكم قد اخترتم النار تحرقكم بدلا من الفايروس وتحصد أرواحكم دون فحص أو حجر صحي من الذي كاد أن يقتلكم، فرفعه الله عن أرضكم وسمائكم وأهلكتم أنفسكم باختياركم معاداة الله ومحاربته بقتل أنفسكم بأنفسكم، فانتظروا قضاء الله وقدره الذي تريدون، فاستغفروا الله وتوبوا إليه واحفظوا ما حفظكم الله به دونا عن البشرية لعلكم تسلمون، واذكروا الحكمة والإيمان والفقه الذي وصفكم به خير البشر بقوله "الفقه يمان والحكمة يمانية"، ولا تكونوا ممن يقال له عنكم لا تعلم يا محمد ما أحدثوا بعدك، فيقول اذهبوا سحقا لكم سحقا لكم، فلا يبالي الله بنا في أي واد نهلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى