إخطبوط الشحر وسورها المنيع

> فؤاد باضاوي

> * بدأ خطاه وتألقه صغيراً في فريقه الشعبي في حارته وسرعان ما تلقفته العيون السمعونية ليرتدي شعارها الأصفر المقلم بالأسود ليصنع لنفسه تاريخا جميلا في حراسة المرمى ، وتغنت سعاد الشحر بإسمه وتألقه في قلب المرمى السمعوني ، فكان فارساً لا يشق له غبار في منافسات كرة القدم الحضرمية ، وسرعان ما نقل إبداعاته إلى كل المدن في وطننا الكبير، فاختير حارسا لمنتخبنا الصغير وشارك مشاركة لم تلب طموحاته ، وواصل تألقه وإبداعه في ملعب الشحر (الفقيد الشاحت) الترابي ليصقل مهاراته في مركز الحراسة ويكون علاقة جميلة من نوع خاص بينه وبين الجماهير السمعونية الشحرية أولا .. ثم الحضرمية ، والجنوبية ، واليمنية، قبل التوقف الإضطراري عن ممارسة التحليق والذود عن مرماه.

* البهلوان الطائر ، سور الشحر ، الاخطبوط ، حارس بمواصفات خاصة ، موهوب ، عنيد قوي الشكيمة ، وهو من كان يُطلق عليه فريق بكامله .. حامي عرين الأصفر السمعوني ، وشعب حضرموت .. ومن ثم احترف في (وحدة صنعاء) لكن الإصابة حالت بينه وبين التألق، وكان أسداً بين الخشبات الثلاث متحفزاً طيلة التسعين دقيقة ، يا ما لعب مباريات بطولية ، تحدث عنها الجمهور ، بأنها مباريات الموهوب عوض بن بكر الأنيق المتميز.

* كان يشعر مدافعوه بالأمان وهو خلفهم في المرمى .. وذات مرة سألت الكابتن صالح بن ربيعة عن الحارس الأبرز من وجهة نظره فلم يتردد في قوله إنه (الحارس الموهوب عوض بن بكر) الذي لعب ضده ، ثم معه في فريق شعب حضرموت .. ولقد خلق هذا الحارس حالة من الحب والعشق بينه وبين الجماهير ، لأنه كان يعشق التحدي ، ويعشق حراسة المرمى حتى النخاع ، حيث كان يؤدي تمارينه بحركات اكروباتية .. حقاً إنه حارس من طينة الكبار وطموح إلى درجة الجنون.

* كثيرا ما كان يتحدى أقرانه على التسجيل في مرماه ويكسب الرهان .. فقد أعطى لحراسة المرمى طابعا خاصا، ورسم لها ملامح بألوان متعددة .. كانت الجماهير شغوفة برؤياه تزحف بكثافة إلى الملعب لمشاهدته .. ولا غرابة فهو هامة وقامة كبيرة قدمتها مدينة سعاد لعشاق المستديرة وأصبح إسمه يوازي حضوره ، وغيابه يمثل مشكلة .. حظه قليل في تمثيل المنتخبات ولم تتح له فرصة اللعب ليثبت قدراته إلا قليلاً.

* بن بكر كان أسطورة في حراسة المرمى وعلامة بارزة في سعاد الزبينة وحضرموت والوطن .. وواحد ممن قدموا حراسة المرمى في قالب رائع وممتع ومبدع بدرجة عالية وكفاءة كبيرة في الحراسة، إنه حكاية عشق وحب ووفاء إرتسمت في قلوب عشاقه ومحبيه ظهر في
بلد الكبار : رياضة وفناً وشعراً ومسرحاً وتربية .. واليوم نقول مع المحضار رحمه الله : "يا شحرنا مالك تصحرتِ وقد كنتِ مدينة ، ولا طال حزنك يا سعاد الشحر يا أرض الزبينة".

* أحب بن بكر الشحر وعاش في كنفها .. حكاية جميلة بين بحرها والبر وهو علامة فارقة في تاريخها الطويل من عهد الغزاة البرتغاليين إلى اليوم .. إنها علاقة جميلة خلدت ذكراه وإسمه ، كواحد من المبدعين الكبار والموهوبين بدرجة امتياز .. ميزت أيامه ، وذكراه العطرة .. قابلته في المكلا ، وقد كان الدوري حينها في بداية مشواره ، وكان محترفاً في فريق وحدة صنعاء ، فسألته ما بك هنا يا كابتن .. قال لي متحسراً : "دخلت في تحد مع نفسي ، كي أقدم موسماً متميزاً في ظل وجود حارس عراقي مع الوحدة الصنعاني ، كان يملك حق الامتياز؟ وكانت الإصابة اللعينة قد وصلت لقمة مستواي .. إنه القدر ، وقد قدر الله وما شاء فعل".

* طلب وده فريق التلال العدني ، ولم ينجح في مفاوضاته ، ولم يكن لمدينة عدن حظ في أن تراه عن قرب وتمتع ناظريها بشوفة إبداعاته وجنونه وفنونه وعشقه اللا محدود لكرة القدم .. يكفي أن تخلد المدينة العاشقة للإبداع (الشحر) ، إسمه بين الكبار والمبدعين ، وتقول للأيام والأجيال هنا كان حارساً للمرمى إسمه (الكابتن عوض عبدالله بن بكر) ، ومن هنا مرت إبداعاته ، وانطلقت موهبته الفذة والله يرحم أيامك يا سور الشحر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى