صلح قبلي يسدل الستار عن 12 عاما من الخلاف بين قبيلتين بردفان

> تقرير/ جمال محسن الردفاني

>
من منزله الواقع في العاصمة عدن انطلق الأسير المحرر أحمد عمر العبادي المرقشي صبيحة الأربعاء الماضي ضمن موكب لشخصيات عسكرية وقيادات رفيعة صوب مديرية حبيل جبر ردفان، بقلوب ساعية إلى السلام، وأرواح تغمرها السعادة، وسعيا للوصول مبكرين إلى وجهتهم، التي من المقرر أن تكون موقعا لإسدال الستار عن القضية الأكثر تعقيداً في ردفان منذ عقود..

في عاصمة مديرية حبيل جبر اختلط المرقشي ورفاقه بالجموع المتأهبة للانطلاق صوب منطقة حبيل جلدة، ضمن موكب وساطة قبلية قادها مشايخ وأعيان وشخصيات رفيعة المستوى، لتحكيم قبيلة البدوي وإنهاء معضلة نزاع مسلح على قطعة أرض راح ضحيته 4 أشخاص ودامت تعقيداته لـ 12 عاما، بين قبيلتي البدوي والعباسي بحبيل جبر ردفان محافظة لحج.

صلح قبلي يسدل الستار عن 12 عاما من الخلاف بين قبيلتين بردفان
صلح قبلي يسدل الستار عن 12 عاما من الخلاف بين قبيلتين بردفان

يقول المرقشي «منذ دخولنا إلى ردفان حتى وصلنا حبيل جلدة، كنا في كل منعطف أو موقف نصادف أشخاصا جدد، ينضمون للموكب، الكل مشتعل بالحيوية لبلوغ الحل النهائي لهذه القضية، صراحة كانت الابتسامة تعلو شفاه الجميع، والحماس يدب في قلوبنا بين كل لحظة وأخرى.

استمر الموكب بالتحرك إلى موقع الحدث في منطقة حبيل جلدة، وتقاطر الناس إلى هناك من كل حدب وصوب، لسماع الرد من قِبل أولياء الدم (آل البدوي) حيال مبادرة التحكيم ومخرجات الوساطة..
يقف أبناء قبيلة البدوي في استقبال الوفود والضيوف القادمين من مختلف المحافظات، وهم قيادات عسكرية وأمنية ومشايخ وقيادة الدعم والإسناد وقيادة السلطات المحلية ومدراء أمن المديريات وقيادة المجلس الانتقالي وشخصيات اجتماعية ووجاهات وحشود من مختلف ألوان الطيف في المحافظات، يتقدمهم الشيخ شاكر العبدلي الذي ألقى كلمة موجهة لأبناء قبيلة البدوي باسم لجنة الوساطة المختصة بحل القضية..

وألقى بدر صالح عسكر كلمة أعلن باسم قبيلة البدوي وباسم أولياء الدم العفو والسماح والتنازل عن الحكم الصادر عن المحكمة، والذي قضى بإعدام 6 من الجناة، وذلك تكرماً لوجه الله، وتقديراً للضيوف وتكريس العمل بمبدأ التصالح والتسامح الجنوبي..

حضور شخصيات عسكرية وقيادات رفيعة في صلح القبلي
حضور شخصيات عسكرية وقيادات رفيعة في صلح القبلي

تسود فرحة عارمة في الأرجاء ويدخل الجميع في عناق حار وأجواء مملوءة بالوئام والمحبة بين الحاضرين، وكذلك بين الطرفين، وذلك كان للمرة الأولى منذ 12 عاما، كان ذلك عقب الكلمة التي ألقاها مدير مكتب محمد علي أحمد، العقيد حسين صعدة، وكلمة الشيخ عيدرس حقيس باسم الضيوف القادمين من مختلف المناطق والمحافظات، والذين وقفوا في طابور طويل لتقديم الشكر لأبناء البدوي".

ويعاود المرقشي الحديث قائلاً: "صراحة ردفان تحظى بإجماع غير عادي، من مختلف المحافظات تواجد أبناء الجنوب للمشاركة في هذا الحدث الهام، الذي يجسد التصالح والتسامح الجنوبي في أفضل صورة، وأنبل معنى إنساني أثبته أبناء ردفان في قبيلة البدوي، من خلال العفو والصفح الذي أبدوه بحق الجناة، وما التمسناه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن الصنيع".

تداعيات القضية
يعود تاريخ الخلاف بين القبيلتين على ملكية أرض في منطقة حبيل جلدة، الواقعة بين حبيل جبر والعسكرية، لأكثر من أربعة عقود، وتم تحويل القضية إلى المحكمة عدة مرات، إلا أنها ما لبثت لتنتج عنها تطورات خطيرة، ففي 24 ديسمبر2008 نشب نزاع مسلح على ذات المكان، راح ضحيتة أربعة قتلى وجريحان، أحدهم تعرض لإصابة بالغة ما زال يعاني منها حتى اللحظة.


وقد تم إيداع 31 من أبناء قبيلة العباسي في السجن، بعد وساطات لشخصيات ووجاهات قبلية من أبناء ردفان لتهدئة الوضع، وما لبث أن تم الإفراج عن 25 منهم لثبوت برائتهم، والإبقاء على 6 منهم حكم عليهم بالإعدام من قبل المحكمة المختصة لتورطهم في حادثة الاغتيال، بحسب المحكمة.

كما أدت حرب العام 2015م لخروج المتهمين من السجن، لكن جهود الشيخ شاكر العبدلي أفضت لإيجاد حل قضى تعهدهم بعدم الدخول إلى مناطق ردفان، والتزام قبيلة البدوي بعدم ملاحقتهم خارج هذه المناطق، لتتم إعادتهم إلى السجن عقب انتهاء الحرب، وتظل القضية رهن انتظار الحلول.

مساعي وجهود المصالحة
برزت مساعي التوصل إلى حل بشكل كبير خلال العام الأخير، وكثفت الجهود الرامية لإحلال السلام والمودة من قبل الشخصيات التي تستشعر مستوى الأهمية لحل هذه المشاكل العالقة..

وقال الشيخ شاكر عمر العبدلي، وهو شيخ مشايخ قبيلة العبدلي "إن الجهود التي بذلت غير عادية، وتم فيها تحكيم قبيلة البدوي بـ 50 قطعة سلاح إضافة لـ 10 سيارات، وانتظار سماع الحكم الأخير منهم (ذوي الدم) وهي التي تم إرجاعها بعد عفوهم الصادر بحق الجناة".


من جانبه، قال قائد لجنة الوساطة الشيخ شاكر العبدلي: "أتوجه بالشكر والتقدير للواء الركن هيثم قاسم طاهر، الذي يعد صاحب الدور الأبرز في تبني حل القضية، ووقف إلى جانب لجنة الوساطة في مختلف المساعِ، إضافة لكل من القائد زكي عبد القوي قائد اللواء 20 مشاة، والشيخ ملهم الجبراني، والشيخ ثابت هيثم حسن، والقاضي الشرعي للمديرية علي ناصر الزوقري، والشيخ فهمي صلاح، والشيخ محمد قائد الجبوري".

َكما تحدث شيخ مشايخ العبدلي عن التنفيذ النموذجي لحدث المصالحة قائلاً: "لأول مرة يتم حشد أبناء قبيلتي العباسي والبدوي ويتم بينهم عناق الود والسماح من أجل تنقية القلوب، وتصفية النفوس، بمشاركة الكثير من الهامات والقيادات رفيعة المستوى، من مختلف المحافظات الجنوبية".

من جهته يقول قائد اللواء 20 مشاة في جبهة الساحل الغربي العقيد زكي عبد القوي "إن النموذج الذي صنعه أبناء قبيلة البدوي يستحق الاحترام والافتخار"، مضيفاً: "إن التصالح والتسامح وجد كأساس متين للحفاظ على اللحمة الجنوبية، ومدماك أصيل لتوحيد مختلف جهود أبناء الجنوب".
وأشار إلى ضرورة التكاتف لحلحلة مختلف القضايا الشائكة والسمو فوق الجراح والتجاوز لأجل أن يسود الإخاء والتعاون والإيثار بين أبناء ردفان والجنوب بشكل عام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى