رمضان في حضرموت.. عادات وطقوس

> تقرير/ خالد بلحاج:

> قد تتباين اللغات وتختلف العادات والتقاليد وتتمايز الثقافات وتتعدد المستويات بين مختلف شعوب العالم، لكن تظل الفرحة بقدوم شهر رمضان والاستعداد لاستقباله وتنسم عبيره والتعرض لنفحاته الروحانياته سمة مشتركة تجمع بين الجميع، في بلاد المسلمين وغير المسلمين. طقوس مختلفة يحييها الأهالي في هذا الشهر المبارك بحضرموت تختلف عن جميع المناطق، إلا أن الرابط بينها إشعاع نور الفرحة والبهجة الذي يتسلل بين خيوطها، حيث ينتظر الحضارمة قدوم هذا الضيف على أحر من الجمر، ليس لكونه موسمًا دينيًا تعبديًا وفقط، بل أيضًا لما يضفيه على المجتمع من معاني الوحدة والتكاتف والتماسك، وما يبثه في النفس من طمأنينة وسكينة وراحة بال.

عادات وتقاليد رمضانية حضرمية
وما إن يهل شهر رمضان المبارك، وتصدع المساجد بصلاة التراويح والقيام، فتبدأ العادات والتقاليد في حضرموت تزامنا مع قدوم هذا الشهر الفضيل. وتنطلق هذه العادات الرمضانية الحضرمية ابتداء من تغيير البرنامج الزمني، حيث تشهد الحارات والشوارع الحضرمية حركة مكثفة في المساء، أما في النهار تقل نوعاً ما فتشهد البلاد حالة هدوء وسكون وراحة. وهذا البرنامج الزمني ربما يكون روتينيا عند كل الأهالي في المحافظات الأخرى، ولكن لحضرموت عادات وتقاليد أخرى ينفرد بها الأهالي في حضرموت والتي يحييها الأطفال بالأهازيج والقصائد والوصلات الفرائحية، حيث تشهد الحارات تغييراً روتينياً مختلفاً عن سائر الأيام، وخاصة في عصريات هذا الشهر الفضيل، والتي يتجمع فيها الأطفال في أماكن قريبة من المساجد ويقضون أوقات العصر من هذا الشهر في ذلك المكان في ظل أجواء فرائحية يسودها الفرح مع تناول الوجبات الخفيفة إلى قبيل آذان المغرب، ومن الأهازيج التي يرددها الأطفال في هذه العصبيات التي يقضونها وهي "أذن المغرب" و"قال الله أكبر".

عادات رمضانية تأبى النسيان
المسحراتي والذي يكون في وقت السحور، وهو رجل أو رجلين يدقون الطبول ليصحى الأهالي من سباتهم ويتناولوا وجبة السحور.

وكذلك ما تعرف في المجتمع الحضرمي بختاميات المساجد، وهي عبارة عن يوم مميز يجتمع فيها الأهالي مع أقاربهم ويتناولوا وجبة الإفطار بشكل جماعي، وبعدها تكون عند مسجد الحارة فعاليات تسمى بختم المسجد، ويقضي هناك الاهالي وخاصة الأطفال وقتا من التجول والفرح وشراء الحلويات والألعاب المسلية للأطفال. أما في أواخر الشهر الفضيل فتبدأ فعاليا ما يسمى بالمطبل والتي تستمر لمدة ثلاث أيام، وهناك عادات وتقاليد حضرمية تكون في هذا الشهر، ولكن ربما تختلف من منطقة إلى أخرى في حضرموت.

الزيارات (المشاهرة): تعارف المواطنون في حضرموت، خلال شهر رمضان المبارك على تنظيم زيارات عائلية أو للجيران أو ما تسمى "بالمشاهرة".

وتستغل الأسر الليالي الوترية التي يقام فيها ختم القرآن بالمساجد التي تبدأ من الليلة السابعة وحتى الـ 29 من رمضان، حيث تخصص لكل مسجد ليلية معينة تدعو الأسر القريبة من المسجد المقام فيه (الختم) أقاربها والجيران للإفطار وتناول وجبة العشاء، ويطلق عليها "المشاهرة"، تتخللها جلسة لتبادل الأحاديث مع تقديم أكواب الشاي المتنوعة والمعروفة في حضرموت بعدة الشاي الحضرمي، وذلك كنوع من استمرار الترابط الأسري والتراحم وبقاء الود مع صفاء ونقاء القلوب.

المطابخ الحضرمية في رمضان
تحظى المطابخ الحضرمية في رمضان بالأكلات الشهية المتنوعة، فجميع المطابخ الحضرمية في البيوت لا تخلو من المقليات والنشويات والمعجنات والسكريات والتي تعتبر الوجبة الرئيسية التي يتناولها الأهالي مع الإفطار. أما وجبة السحور فأغلب المطابخ الحضرمية تطبخ فيها على المائدة الأرز و"ناذرا" ما يتناول البعض الآخر أكلات أخرى كالذرة والرغيف وغيرها. فهذه الأكلات الرسمية التي يتناولها الأهالي في حضرموت أثناء وجبتي الإفطار والسحور واللتان تعتبران وجبتان رئيسيتان عند الحضارمة في رمضان.

الأسواق الشعبية
تمثل الأسواق القديمة ذاكرة حضرموت التاريخية المرتبطة بطبائع كل منطقة، حيث تنتشر في مدن حضرموت العديد من الأسواق الشعبية التي تعد أحد عوامل الجذب نظراً لطبيعة الحياة والتسوق فيها، كما إنها تلبي احتياجات المواطنين، خصوصاً في هذا الشهر الفضيل لاحتوائها على أقسام مختلفة من المصنوعات الحرفية واليدوية المتوارثة مثل الأواني الفخارية، والمشغولات الخزفية، والبهارات المتنوعة ومعاصر زيوت السمسم، والأدوات المنزلية والمكسرات والحلويات..

حركة نشطة
سوق القطن بحضرموت في شهر رمضان له مذاق آخر في هذه الأماكن والجميع يصر على التواجد فيها وشراء احتياجاته منها.

وتتيح الأسواق الشعبية في الشهر الفضيل فرص عمل كبيرة للمواطنين وأصحاب الحرف التقليدية لعرض منتجاتهم وأشغالهم اليدوية التي تكون ضمن قائمة الاحتياجات الرمضانية، فيكثر البائعة المتجولون ويفترش بعضهم الأرض، ويشهد السوق إقبالا على التمور، وخلال شهر رمضان تشهد الأسواق الشعبية حراكاً واسعاً من أجل تقديم الأصناف المحلية التي تزخر بها مناطق حضرموت’ أضافة الى بعض أصناف يتم استيرادها من السعودية خصوصاً. وفي أغلب أسواق حضرموت الشعبية يكون هناك أقسام للتمور بشكل منظم ومنعزل، ويتم فيها تقديم أجود الأنواع المحلية المشهورة من «السرى والتهامي والحضرمي».

ويكتظ السوق بعد صلاة عصر كل يوم بالباعة لمختلف انواع الحلويات والمعجنات والخضار والفواكه واللحوم والاسماك وغيرها وعلى الطرف الآخر يتجمع الأطفال ليمارسوا هواياتهم والعابهم التي اعتادوا عليها في هذا الشهر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى