معاناة المواطن لا تتوقف.. ارتفاع الأسعار خنجر آخر في خاصرة الناس

> تقرير/ فردوس العلمي

> مواطنون: الحكومة آخر اهتماماتها هم ومعاناة الناس
تجار: البنك المركزي تخلى عن دعم السلع الأساسية فسبب بارتفاع جنوني

يُعاني المواطن في اليمن الكثير من الصعوبات التي تعيق سير حياته اليومية نتيجة انعدام الراتب، وتأخر صرفه، بالإضافة إلى انتشار الأوبئة القاتلة كحمى الضنك والمكرفس، وأخيراً كورونا، والذي زاد القلق من انتشاره فضلاً عن ارتفاع أسعار الاحتياجات الغذائية، كل هذا على كاهل المواطن اليمني عامة، والعدني على وجه الخصوص.. الملفت للنظر هو الارتفاع السريع للمواد الغذائية، ومقارنة بسيطة بين عامي 2017 و2020 نجد أن الأسعار تجاوزت المعقول؛ إذ أن كيس الأرز نوع شاهين عبوة 20 كيلو في عام 2017 كان بقيمة 7000 ريال، أما الآن فيباع بـ 17500 ريال، والسكر عبوة 50 كيلو كانت قيمتها 10300 ريال، والآن بـ 19500 ريال، أما الحليب الدانو كرتون علبة طويل كانت قيمته بـ 23700، وبمعدل قيمة العلبة بـ 3950، وحالياً يباع بقيمة 50 ألف ريال، وبمعدل قيمة العلبة بـ 8333 ريال، وزيت الطبخ عبوة 9 لترات كان بقيمة 3 آلاف، أما حالياً بلغ 4900، أما سعر الدقيق عبوة 50 كيلو كانت بقيمة 5000 ريال، وأصبح بـ 16 ألف ريال، وهكذا تتصاعد الأسعار دون حسيب أو رقيب، في الحقيقة ماتت ضمائر الكثير، ولم يعد التاجر مهتماً بأحوال الناس وظروفهم، فأصبحت الأسعار مطحنة المواطن البسيط.

رأي التجار
أجمع عدد من التجار بأنهم ليسوا سبب ارتفاع الأسعار؛ ولكن الظروف المحيطة هي التي تدفع إلى رفع الأسعار، وقيمة تكلفة النقل، إضافة إلى سحب البنك المركزي الدعم المقدم للمواد الغذائية الضرورية لهذا أخذ السعر في الارتفاع مع هبوط العملة المحلية، وارتفاع سعر الدولار؛ إذ أنهم يشترون البضاعة بالعملة الصعبة.
فعندما كان دعم الحكومة ممثلة بالبنك المركزي كانت أسعار المواد الضرورية مثل السكر والزيت والدقيق والرز ثابتة مهما ارتفع سعر صرف الدولار، ولكن بعد سحب البنك يده أدى الأمر إلى ارتفاع الجنوني الذي وصلنا إليه اليوم.

رأي النخبة
حسين بارحيم
حسين بارحيم
حسين حسن بارحيم، أمين عام كلية الطب جامعة عدن، يرى عدداً من الخيارات أمام المواطن؛ منها: تفعيل الهيئات الرقابية في كلٍ من وزارة التجارة والصناعة، والامتناع عن الشراء لفترة معينة، فحسب قوله بأن فترة التوقف تؤثر على السلعة وتشكل وسيلة ضغط على التاجر.

ويعتبر بارحيم موضوع ارتفاع الأسعار من أهم المواضيع الأساسية التي يجب مناقشتها، والبحث عن نتائج هادفة لمساعدته، مؤكداً أن غياب الدولة ممثلة في الهيئة الرقابية المعدوم مهامها، ولذا يجب على المواطن أن يستشعر بنفسه، ويعمل على تشكيل هيئة رقابية من النخبة كالمثقفين والإعلاميين والأكاديميين، والعمل على تفعيل دور الرقابة على حركة الأسعار.

أما رئيسة جمعية رعاية وحماية حقوق الأطفال في عدن، فاطمة محمد، تقول: "ما يتم من قِبل التجار من رفعهم الأسعار بمبرر ارتفاع سعر البترول الذي هبطت إلا أنهم ما زالوا يتذرعون بهذا السبب بأنه وراء ارتفاع تعرفة المواصلات بين منطقة إلى أخرى، ومعروف أن التجار مدعومون من قِبل البنك المركزي من حيث صرف الدولار، فيجب أن تتزامن رفع أسعارهم مع ارتفاع النقد، وتنخفض معها، ولكن ما يتم هو استهتار بدور الحكومة الباهت بهذا الشأن، وعلى رأى المثل الشعبي (الشبعان ما يشعر بحال الجيعان)".

وتتحدث فاطمة محمد عن سبب آخر وراء التلاعب بأسعار السلع، قائلاً: "إنه حتى عند وصول السلل الغذائية لدعم الأسر نجد المتنفذين والمتسلقين على رأس هذه القائمة، وهذا بسبب ضعف في أداء القائمين على هذا العمل، والذين صنفوا الفقراء فقط في من رفعت به كشوفات من منحوهم ثقتهم". مطالبة الداعمين بأن يتحروا دقة البيانات الواردة إليهم ليكون هناك توزيع عادل، وعلى المجلس المحلي للمحافظة ولجان مراقبة للجودة وضبط الأسعار، وعلى وزارة الصناعة تحليل رواتب موظفيها بضبط المخالفين، والآن بعد ظهور وباء كورونا الذي لا يفرق بين كبير وصغير وغني من فقير، الجميع سواسية أمام مواجهة حقيقية مع الموت.

وبحسرة تتحدث فاطمة عن ألمها عن ارتفاع الأسعار، وعدم مراعاة ظروف الناس، فتقول: "التجار والحكومة والسلطات المحلية كل همهم جباية الضرائب، وهذه مأساة نكبت أهالي أهالي عدن، مثل القطيع والعيدروس، أما المناطق التي تضررت جراء الأمطار والتي وعدتهم الحكومة بتعويضات لتعويض ما لهم من خسائر مادية في غذائهم الممثل بالراشن الذي غرق في مياه الأمطار، وأثاثهم الذي انتهى، وهناك بعض الناس يرون أن هؤلاء لا يستحقون التعويض؛ لأنه قد تكون حالتهم المادية ميسورة، وهم لا يعلمون أن نساء القطيع والعيدروس لديهن من عزت النفس ويتعففن حتى وإن لم يجدن الطعام".

نصائح وحلول
أمين الشعيبي
أمين الشعيبي
الناطق الرسمي للجالية الجنوبية بالسعودية ودول الخليج، أمين محمد الشعيبي، قال: "أصبحت الأوضاع مزرية وصعبة في كل مناحي الحياة، وأرى أنه لابد من كتابة رسالة مناشدة للتجار لعلها تؤثر فيهم، إلى جانب عمل حملة منظمة تخطف رحمة هؤلاء التجار".
ويتابع أمين: "الإخوة تجار المواد الغذائية الصغار والكبار في أرض الجنوب من منكم سيحارب كورونا ويوقف مع الشعب في رمضان، وما من شخص إلا ويبحث عن الربح والفائدة من تجارته، لكن لابد أن يكون هناك نوع من الزكاة والحسنة وعمل الخير، وخصوصاً أن الكثير من الأعمال توقفت عن الكثير من الناس بسبب وباء كورونا".

وطالب أمين الشعيبي التجار بأن يجعلوا ما تبقى من شهر رمضان الكريم تجارة مع الله، واضعاً ثلاث طرق للتجار ليخرجوا في هذه الأيام الفضيلة والمتبقية بدون خسارة أو يحصلون على ربح بسيط ليبتغوا الأجر والتواب من الله.
ويوضح أمين الطريقة الأولى وهي أن يقوم التجار بالبيع بسعر التكلفة؛ بحيث لا يربحون ريالاً واحداً من البضاعة، وأن يحتسبون تلك الفوائد التي مرت عليهم بأنها زكاة أموالهم المخزنة أو زكاة تجارتهم حتى ولو أنها كانت أكثر من الزكاة التي كانوا سيخرجونها.

بالإضافة إلى ذلك الطريق يرى أمين أن حل مشكلة رواتب عمالتهم وأي تكاليف قد تترتب على الأربعين يوماً، فهناك طريقان من الحلول؛ "الأول يتحملون ويبتغون الأجر والثواب من الله، والثاني يدفعون رواتب وصرفيات فترة الأربعين يوماً من أموالهم المخزنة التي كانوا ينوون دفعها كزكاة عن أموالهم وتجارتهم".

أما الطريقة الثالثة في مساعدة الشعب الجنوبي في ظل مخاوف هذا الوباء، قال الشعيبي إنها "من خلال اعتماد جزء من تجارته؛ تتمثل في المواد الغذائية الأساسية؛ وهي: الأرز، الدقيق والقمح، الزيت، السكر، الحليب البودرة، المكرونة، البيض، الفول، الفاصوليا، الدجاج والطماطم المعلب وغيرها من السلع الأساسية، وليكسب أرباحه من باقي المواد الغذائية الثانوية؛ مثل: التونة، المشروبات، القهوة، الكاسترد، البودنج، الشوكولاتة والحلويات، البسكويت، البهارات، اللحم المثلج، حليب الشرب وحليب الشاي والكثير من الأشياء الثانوية. وهنا ستنقص أرباحه لكنه سيكون خدم الفقراء والمحتاجين وأصحاب الدخل المتدني، وسيكون أجره على الله رب العالمين".

رأي الشارع
علي بافقاس
علي بافقاس
أما المواطن علي محمد يسلم بافقاس، مدير مبيعات وتسويق سابق من أصحاب حزب خليك في البيت من عام 1994 يقول: "هناك جشع من التجار، ومن ضعاف النفوس، وانعدام من جهات الرقابة أساسا. هناك دعم للمواد الأساسية من خلال سعر الصرف الذي يقدم لتجار الجملة؛ حيث يصرف لهم الدولار بقيمة 440 ريالاً يمنياً، أي أقل من سعر صرف السوق، ويجب أن تسعر المواد على أساس سعر صرف 440 دولارا، ولذا يجب على وزارة التجارة والصناعة أن تحدد التجار الذين يستلمون وفق هذا السعر، ومقارنة أسعار الاعتمادات البنكية وهامش الربح، وتصدر لائحة بالأسعار على هذا الأساس، وغير ذلك لن تجدي أي وسيلة للرقابة".

خالد التوي
خالد التوي
ويتحدث مواطن آخر يدعى خالد التوي، قائلاً: "ارتفاع الأسعار مربوط بالدولار، وكذلك بأجره النقل المرتفعة برغم هبوط أسعار المشتقات النفطية، وعدم وجود جهة رقابية تراقب الأسعار عند تجار الجملة والأسواق، وهناك عوامل كثيرة، لكن نوايا الرقابة غائبة، ولذلك لم تضبط الأسعار وتقف عند سعر معين.. لذا من الضروري تفعيل الرقابة التموينية طيلة أيام السنة".

عهد جعسوس
عهد جعسوس
عهد محمد جعسوس، مدير دائرة المرأة بصندوق الرعاية الاجتماعية في عدن، يصف ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية بكابوس مخيف وبشع لنفسيات الناس، كابوس مدمر للاقتصاد. مضيفاً "نحن شعب ليس له رقيب ولا حسيب في كل مناحي الحياة، وقصة معاناتنا مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني مستمرة من قِبل التجار المستوردين.. فلا يوجد من يردعهم ويحاسبهم على جشعهم واستغلالهم للوضع الراهن، ولهذا الشعب الفقير الذي لا يتجاوز معدل راتب الفرد فيه 100 دولار، علاوة على وجود فئات أخرى من الشعب تعمل بالأجر اليومي، ولكن شبح ارتفاع الأسعار أخافهم وزاد من رعبهم. صراحةً الجميع قلق من المستقبل، فهذا الارتفاع المستمر ينهك كل الشعب في ظل الحرب المستمرة للعام السادس".

وتمنى جعسوس من الدولة بكل قيادتها أن ترحم الشعب وتخفف عنه ويلات الارتفاع الجنوني للأسعار، وتعمل على تحديد أسعار معينة لكل سلعة من قِبل وزارة التجارة، والأهم تثبيت سعر العملة الوطنية، وعدم التلاعب فيها، وردع كل تاجر جشع مستغل ومحاسبته وفق القانون عن كل تصرف يقوم به من أجل مصلحته وزيادة ثروته على حساب الشعب الفقير المتعب منذ عشرات السنين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى