معاق بحضرموت.. يُنشئ مشروعه الخاص وجمعية للمعاقين

> تقرير/ خالد بلحاج

> معاق لم يستسلم للإعاقة ومضى في تحقيق طموحه بتأسيس مشروعه الخاص لزيادة دخله ومساندة زملائه المعاقين.

المعاق عامر سالمين بن حويل، الذي تجاوز الـ (55) عاماً، معاق حركياً منذ ولادته، ونشأ وترعرع في مسقط رأسه بمنطقة سفولة آل حويل بمديرية القطن محافظة حضرموت (شرقي اليمن).

"لم تثنيهِ الإعاقة"
يقول عامر: "تلقيت تعليمي الابتدائي في مسقط رأسي، ولم تثنينِ تلك الإعاقة عن مواصلة تعليمي الثانوي".

ويضيف: "تحديت الإعاقة، وواصلت المشوار إلى الثانوية؛ حيث كنت أقطع مئات الكيلوات من منزلي إلى المدرسة حينها لم تكن وسائل المواصلات متوفرة مثلما اليوم".

المعاق عامر سالمين بن حويل
المعاق عامر سالمين بن حويل

عزيمة وإصرار
واصل عامر المشوار بعزيمة وإصرار حتى أكمل المرحلة الثانوية بتفوق ونجاح، ولم يقف عند ذلك الحد، بل كانت أهدافه وطموحاته أبعد من ذلك، والتحق بالتعليم الجامعي بكلية الاقتصاد والإدارة جامعة عدن أواخر الثمانينيات.

يقول عامر: "لم يكن الأمر هيناً عليَّ، حيث عانيت كثيراً، ولكنني تجاوزت تلك المعاناة واضعاً نصب عيني تحقيق أهدافي حتى أكملت الدراسة عام 1993 بنجاح".

إرادة وعمل
ساهمت إرادته القوية في صنع أفكاره المستوحاة من إعاقته المستدامة، حيث كان دائم التفكير في عمل شيء لأقرانه المعاقين، والإسهام بدمجهم في الحياة المجتمعية، والبحث عن كيان يؤمن لهم العيش بكرامة، حتى جاءت اللحظة الحاسمة لتترجم تلك الأفكار إلى أفعال.

أربعون دقيقة
يقول بن حويل: "أربعون دقيقة على متن الطائرة ساهمت في تأسيس جمعية للمعاقين حركياً بالمكلا"، ويوضح قائلاً: "بعد التخرج من الجامعة وتحديداٌ سنة 1994، وبعد استلام شهادة التخرج، سافرت من عدن إلى المكلا على متن طائرة، وأثناء الرحلة التي استغرقت 40 دقيقة التقيت صدفة بأحد المعاقين من أبناء مدينة المكلا ويدعى محمد محقوص".

ويضيف: "حينها بدأنا نتبادل الهموم والأفكار عن حياة المعاق، واقترحنا تأسيس جمعية للمعاقين حركياً بالمكلا، وعند وصولنا هناك تم عرض الفكرة على مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة لتأسيس الجمعية، وعندها أبدى استعداده لهذه الفكرة".


ويتابع: "تم حصر المعاقين وإعداد النظام الداخلي واللائحة والأهداف، وتم تشكيل لجنة تحضيرية تمهيدًا للتأسيس والإشهار".

ويواصل حديثه: "في العام 1995 أسست الجمعية بالمكلا برئاسة محمد محقوص، وواصلت مسيرة العطاء، وانتقلت للعمل بمديرية القطن مديراً للسكرتارية بالإدارة المحلية بالمديرية، واضعاً نصب عيني مواصلة المشوار في العمل المجتمعي".

كيان مستقل
سعى بن حويل جاهداً لتأسيس جمعية للمعاقين بسيؤن، والتقى بمدير إذاعة سيئون أحمد بن زيدان، وهو أحد المعاقين، وعرض عليه الفكرة لتأسيس الجمعية، وفعلاً تم تأسيس الجمعية، وتحمل بن حويل مسؤول الشؤون الاجتماعية بالجمعية.

بعد ذلك توسعت أفكاره وطموحاته، وأراد أن يكون لهم كيان مستقل بالمديرية، وتحقق له ما أراد، وأسهم في تأسيس جمعية المعاقين بالقطن والمناطق الغربية المجاورة لها، منتصف عام 2007، وكان رئيساً لها.

دمج المعاق
يقول عامر: "ساهمت بدمج المعاقين في الحياة المجتمعية، وحولتهم من عناصر متلقية إلى عناصر عاملة وفاعلة في المجتمع".

مضيفاً بالقول: "قدمت عصارة جهدي وأفكاري، وخصصت جل وقتي للعمل في الجمعية وتوسيع نشاطها خدمةً لزملائي المعاقين من خلال إقامة الدورات التدريبية وورش العمل والمشاركة في الأنشطة الرياضية والثقافية، والسعي لإيجاد الدعم المادي ونسج علاقات شراكة مع منظمات المجتمع المدني بالمحافظة".

أهداف وطموحات
وبذلك وضع بن حويل رجليه المعاقة على أولى درجات سلم المجد وتحقيق أول أهدافه التي رسمها في بداية مشوار حياته.

طموحاته لم تقف عند هذه الحدود إنه إنسان متفاءل يبتسم للحياة، كما يحب أن يراها مبتسمة له، يقول: "أسعى لإنشاء مؤسسة تنموية خاصة تهدف إلى رفع قدرات المعاقين ورسم الابتسامة على محياهم".

لم تقف طموحاته عند تلك الحدود، فعلى المستوى الشخصي تمكن من تكوين مشروع زراعي خاص به على الرغم من إعاقته وتقدمه في العمر إلا أن عزيمته القوية وإصراره في الحياة كانتا عامل نجاح له.

مشروع جديد
أدرك عامر أن الراتب الذي يتحصل عليه من وظيفته لا يفي بمصاريف أسرته، خصوصاً بعد أن كبر الأولاد، وتوسعت الأسرة، وبات عليه مضاعفة الجهود لزيادة الدخل، فلم يكن أمامه من خيار سوى أن يختار مشروعه الجديد، وتحويل أرضه البور إلى أرض زراعية منتجة، وهو مشروع ليس بالأمر السهل على رجل لا يقوى على العمل بسبب إعاقته الدائمة، ولكن عامر قَبِلَ التحدي وخاض التجربة.

عن مشروعه الجديد يقول عامر: "كانت لدينا أرض زراعية أنا وأخي اقتسمناها نصفين، وبدأت أفكر كيف لي أن أزرعها وأنا بهذا الحال؟".

ويضيف: "بعزيمة وإصرار وبتكاتف أسرتي عملنا مع بعض، الكل يكمل للآخر، وحرثنا أرضنا، وزرعناها لتدر علينا من خيراتها".

وتابع: "على متن سيارتي الخاصة أقوم بتوزيع وبيع منتجات الأرض بنفسي وإيصالها إلى السوق، وكذا شراء الأسمدة والبذور وكل الاحتياجات".

عصامية
بمعنويات عالية وبعصامية يثبت المعاق عامر أن الإعاقة لا تقف عائقاً أمام الطموحات، فها هو يبدع ويتألق في الحياة من خلال مزاولته لعدد من المشاريع المدرة للدخل، فإلى جانب الزراعة يعمل على تغليف التمور وطحن الملح وتعبئتها في أكياس بلاستيكية وبيعها في الأسواق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى