> في أحد الأحياء السكنية بمدينة عدن، كُتبت على جدار أحد الأزقة عبارة "ابتسامة الأطفال هي سعادة الحياة"، ما أن لمحت تلك العبارة قرأتها عدة مرات، تفحصت كل حرف تشكلت منه العبارة، لم تكتب بحبر كما رأيتها ولم تستخدم الريشة للكتابة، لكنها كُتبت بعبرات الحزن وعصارة الوجع.

حروف العبارة هناك بجانب الجدار شهادة بأن من كتبها أَسقط دموعاً أكثر من عدد الحروف الأبجدية.

أعتقد أن كاتبها هي أم لم توفقها الحياة لتصبح أماً، كتبتها لتبوح بمشاعرها المكبوتة، لتشعر بالانتصار، لترمم عمقها المتعطش لكلمة "ماما".

كتبتها يوم عيد وهي تراقب لمعة عيون الأطفال البريئة، وتتحسس بطنها وتصاب بنوبة خذلان.

كتبتها بعد أن أُغلقت أبواب العيادات في وجهها، إذ خابت وصفات الأطباء في إسعادها.

ملأت ريشتها بخليط من العقاقير الدوائية التي لازمتها منذ زمن لتكتفي بعبارة على الجدار بمثابة جنين يُنتظر.

واحتمال أن امرأة لديها ثلاثة أولاد وبنت كتبتها لتنكأ جرح جارتها التي تزوجت قبلها بسنين وحال بينها وبين الإنجاب. احتمالات كثيرة قابلة للتصديق، لكن يبقى الأهم من كل هذا أن هناك أشياءً لا نلتفت لها قد تكون مصدر أَرق وعبء على الآخرين.