تطبيقات الرصد الإلكتروني لمرضى كورونا تنتشر بسرعة في الصين

> بكين «الأيام» أ ف ب

> في مقابل القلق الذي تثيره في الغرب، تنتشر تطبيقات الرصد الإلكتروني لمرضى كوفيد-19 على نطاق واسع في الصين حيث تجمع السلطات أصلا الكثير من البيانات الشخصية للمستخدمين.

ولم يكن لدى السكان أي خيارات إذ أطلقت هذه البرمجيات من دون طلب إذنهم. لكن الصينيين يبدون غير معارضين بأكثريتهم لهذا النظام الذي يتعقبهم خطوة بخطوة.

وتقول ديبورا لو الموظفة في شنغهاي البالغة 30 عاما لوكالة فرانس برس إن "الوباء وضع خاص. لذا فإن الكشف عن تنقلاتي لا يضايقني. الأهم هي حياة البشر".

ويستند التطبيق المطور من الحكومة الصينية إلى بيانات تموضع جغرافي مقدمة من مشغلي الاتصالات وهو يرصد التنقلات في الأيام الأربعة عشر السابقة، خصوصا في حال التوجه إلى منطقة مصنفة خطر أو مخالطة مريض كوفيد-19.

وثمة الكثير من التطبيقات المماثلة في الصين حيث سجلت 4663 وفاة بالوباء.

في بكين على سبيل المثال، لا يستخدم برنامج "هلث كيث" بيانات التموضع الجغرافي بل مصادر معلومات أخرى بما فيها تذاكر القطارات أو الطائرات وعمليات التدقيق بالهويات في العاصمة أو فحوص الكشف المخبرية.

لكن ثمة قاسم مشترك في طريقة استخدام هذه التطبيقات: فبعد التحميل، يدخل المستخدم اسمه ورقم بطاقة الهوية والهاتف وأحيانا الصورة. عندها يرسل البرنامج "رمزا صحيا" أخضر (في حال عدم وجود مشكلات صحية) أو أصفر (واجب الخضوع للحجر المنزلي) أو أحمر (واجب الحجر داخل فندق مغلق).

ويقول لي سونغ (37 عاما) وهو ممثل في شنغهاي "أظن أن أكثر من 99 % من السكان يعتبرون أنها طريقة سليمة".

كذلك تقول شارلوت وانغ (33 عاما) وهي محاسبة في بكين "الأمر لا يشبه سرقة قراصنة معلوماتية رمز البطاقة المصرفية".

"التضحية"

يتيح تحديد التموضع الجغرافي إجراء بحث آلي عن الأشخاص الذين احتكوا مع مرضى، كما يسهل استئناف العمل والخروج من المنزل. ويُستخدم الرمز الأخضر كبطاقة مرور في المباني والمطاعم ومحطات القطارات ولمتاجر، إذ يثبت أن حامله بصحة جيدة مبدئيا.

ويقول شوي شاوهوي الأستاذ في مركز البحوث بشأن البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في جامعة ووهان (البؤرة الأساسية للفيروس) "ثمة فارق ثقافي بين الصين والغرب. أكثرية الصينيين مستعدون للتضحية قليلا بخصوصيتهم إذا ما كان في الأمر فائدة صحية فعلية".

وفي فرنسا، ثمة انقسام بشأن تطبيق "ستوب كوفيد" للرصد عبر تقنية "بلوتوث"، وهي أقل انتهاكا للخصوصية من تحديد التموضع الجغرافي وتتيح للمرضى تنبيه الأشخاص الذين يصادفونهم من دون كشف الأسماء.

وفي الصين، لا تجمع التطبيقات البيانات الشخصية تلقائيا بل هي أدوات لعرض الرموز الصحية بعد جمع السلطات للمعلومات مسبقا عن طريق شركات الاتصالات والخدمات الصحية والشرطة.

وتؤكد بلدية بكين أن هذه البيانات "لن تستخدم إلا في مكافحة الوباء"، مشيرة إلى أنها لا تطّلع إلا على اسم الشهرة والرقمين الأخيرين من بطاقة الهوية.

غير أن شوي شاوهوي يوضح "في نهاية المطاف، من يملك نفاذا إلى هذه البيانات؟ هل هي تحت رحمة قرصان معلوماتية؟ هذا صلب المشكلة لدى الناس. الدولة نفسها لن تبيع هذه المعلومات. لكن ثمة دائما خطر قيام موظف حكومي بذلك لمنفعته الشخصية".

تسريبات متكررة

مع الطفرة الكبيرة في خدمات التجارة الإلكترونية، يبدي الصينيون قلقا متزايدا إزاء عمليات تسريب البيانات. وغالبا ما تسجل الشركات أرقام هواتف المستخدمين والهويات والتموضع الجغرافي وتفضيلات الشراء.

وتشير جو لينا الأستاذة في جامعة البريد والاتصالات في بكين والمتخصصة في حماية البيانات إلى أن "الصين لا تزال بلا قانون أو تشريع مخصص لحماية البيانات الشخصية".

غير أنها تذكر بأن الترسانة التشريعية توسعت في السنوات الأخيرة، خصوصا مع قانون بشأن الأمن الإلكتروني صدر في 2017 للحد من انتهاكات عمالقة الإنترنت.

إلا أن هذه التشريعات لا تحد حقيقة من قدرة الحكومة على النفاذ إلى البيانات الشخصية، بحسب المتخصص في القانون الصيني في جامعة يال الأميركية جيريمي داوم.

ويقول داوم "خلال تحقيق جنائي على سبيل المثال، لدى الشرطة صلاحية هائلة لجمع المعلومات"، مضيفا "القانون ينطلق من مبدأ أن عمليات التدقيق الداخلية غير كافية لمنع انتهاكات الدولة".

ولا تغير هذه التطبيقات الصينية الكثير على صعيد النفاذ إلى البيانات الشخصية.

ويوضح الأستاذ الجامعي شوي "ثمة كاميرات مراقبة في كل مكان. عندما تستخدمون بطاقتكم المصرفية أو تذكرة السفر أو الهاتف الذكي مع خاصية تحديد التموضع الجغرافي، يمكن أن نعرف مكانكم".

ويضيف "مع نظام الرمز الصحي هذا، يمكن الدولة وضع يدها على هذه البيانات بسهولة أكبر".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى