رمضانيات.. صيام العين

> أمين عادل الأميني

> الحمد لله الواحد الأحـد الفرد الصمد المنزه عن الشبيه والمثيل والولد له العزة والبقاء، نحمده ونثني عليه كما يليق بجلاله وكما يحب ويرضى، والصلاة والسلام على خير الأنام وبدر التمام سيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم؛ وبعد:
أمر الله المؤمنين بغض البصر عن الحرام الممنوع قال تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن» فهو أمر من الله تعالى بغض البصر فكل المعاصي والذنوب تبدأ بإطلاق البصر نحو الحرام لذلك قال تعالى ذلك أزكى لهم «أي أطهر وأنفع لأرواحهم وقلوبهم».

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم- (النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة من تركها لله أثابه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه).
فالعين منفذ للقلب ومدخل للروح وهي رأس كل بلية إن لم يحجبها صاحبها عن نظرة الحرام، وفي رمضان لابد من تهذيب العين حتى يستقيم أمر الصيام ولا يقل ثوابه، وقد صح أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه سأل رسول -صلى الله عليه وسلم- عن النظر فقال له (غض بصرك) أي عن الحرام.

وانظر إلى حال بعض الشباب كيف هو!، ذلك أنهم أطلقوا أبصارهم نحو الحرام ولم يحبسوها عما حرم الله عز وجل، ثم بعدها يشكون أمرهم وضعف حيلتهم وقساوة قلوبهم ويبحثون عن طريق الخلاص مما هم فيه وكلما يطرقون باب التوبة يعودون للمعصية فهكذا يحصل لمن يطلق العنان لبصره نحو الحرام لذلك نبه القرآن على خطورة النظرة المحرمة في أكثر من موضوع، النظرة المحرمة تنقلك من دائرة رضا الله إلى دائرة سخطه وغضبه واستحقاق نزول العقوبة، وقد كثر المتساقطون بسبب إطلاق البصر بالحرام وغرقوا ويلات وأمور لا قبل لهم بها، وهناك صلات بين معاصي البصر ومعاصي الفرج لذلك قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) فذكر غض البصر وحفظ الفرج ذلك أن أغلب معاصي إطلاق البصر تؤذي إلى هتك الفرج ومعاصيه.

إن الذي يغض بصره يضمن لنفسه سلامة قلبه من الكدر، ولا تنازعه المعاصي ولا تهيج عليه، ويرضى الله عنه لالتزامه أمره تعالى وغضه بصره عن كل محرم، وما يلبث إلا أن يفتح الله عليه خيرا كثيرا من العلم والمعرفة والتوفيق في شؤنه والسداد في مذهبه، ويجد حلاوة إيمانه في قلبه ولا مثيل لها. أيها الصائم صم بكل جوارحك ومنها العين فهي أخطر الجوارح إن اطلاق العنان للعين وعدم حبسها عن الحرام يقود للهلاك، وكم من شخص رأيناه يطلق عينه في فيما حرم الله إلا أذله الله في الدنيا عند خلقه وجعله صاغرا مهانا مالم يتب ويكفر عن سياته، إن إطلاق العين نحو الحرام يسبب لك الغرق في براثن الأحلام المتعبة والوهم الأبدي والذي يأخذ نصيبا من أفكارك ولا ينفعك في شيء إلا تعجيل هلاك جسدك وروحك وإرهاق فكرك وعقلك الذي يمكن لك أن تستخدمه في الخير ونفع الناس، إطلاق النظرة نحو ما حرم الله يعجل من إصابتك بالحسرات والنكبات الواحدة تلو الأخرى ومع هذا كله يتضاعف عليك الإثم في كل مرة تنظر فيها إلى شيء محرم فإلى أين تأخذ نفسك يا أخي، رحمك الله غض بصرك ولا تغضب ربك وكن عاقلا فسلامة الدين أغلى من كل شيء فكر في سلامة رأسك يوم القيامة، كان أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- وآل بيته رضوان الله عليهم أجمعين يحافظون على نظرهم فلا ينظرون إلا لما يسرهم ولا يسوء لذلك فقد تعود رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من سوء المنظر وكآبته.
ونسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يلهمنا الخير وسداد الرأي والالتزام بشريعته وسنة نبيه الكريم والحمد لله رب العالمين.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى