ذكريات عدن قبل مائة عام على لسان أهلها

> من أرشيف حمزة لقمان

> ذكر حجة التاريخ العدني أ. حمزة لقمان، في وصفه للبيوت العدنية، قائلاً: "إن البيت العدني غالباً ما يتألف من طابق واحد وطابقين وطبقات ثلاث، ويسكن ذات الطبقة الواحدة الفقراء والعمال، ويحتوي الواحد منها على غرفة واحدة تُسمى (المنظرة) أو (المخزن) ويحتوي البيت كذلك على مطبخ ومرحاض وفناء، ويُسمى هذا النوع من البيوت بالبيت (القاعي)".

وفي وصفه للبيت القاعي، يقول المؤرخ حمزة لقمان: "يتألف البيت القاعي عادة من غرفة تحتوي على سرر للنوم وناموسية، وهذه تجدها في كل بيت عدني أكان صاحب البيت فقيراً أم غنياً، ولا ينام على هذه الناموسية أحد، لأنها تكون مفروشة ونظيفة لا يجلس عليها إلا الزائرات اللاتي يُسمين (المواتيات)، ولهذا السبب تتعمر الناموسيات في عدن، وتوجد في الغرفة بعض الكراسي القصيرة (المُحبّلة) التي تشد بالحبال لتكون مقعداً تجلس عليها عادةً الزائرات من العجائز اللاتي لا يستطعن أن يرفعن أنفسهن للجلوس على الناموسيات".

ولا تخلو جدران هذه البيوت من الصور الكثيرة المعلقة فيها من قصاصات الجرائد أو صوراً تذكارية، ولا بد من وجود الأكواب والفناجين والصحون على رفوف النوافذ والأبواب وهذه تُسمى "التشريعة"، وإذا كان لرب البيت كثير من الأطفال، فلا بد عند ذاك من وجود سرر صغيرة "قعائد" تحت السرر الكبيرة لنومهم، وربما نام في تلك الغرفة عدد قد يبلغ 12 نفساً وربما أكثر، أما إذا كان الوقت صيفاً فإنهم يخرجون سرر الذكور إلى الشارع حتى يخف الضغط وليحصلوا على الهواء النقي، ولأكثر البيوت العدنية وخاصة القاعي، توجد ستارة تقيها من أنظار الناس في الشوارع عندما تكون الأبواب مفتوحة، وكثير من هذه الستائر عادةً لا تتغير.

أما عن الصناعات المنزلية التي كانت تقوم بها بعض النساء العدنيات في بيوتهن، لكسب معيشتهن وإعالة أطفالهن ومن يلوذ بهن، أو مساعدة رجالهن في كسب الرزق أو اللاتي فقدن أزواجهن ويضطرهن الفقر إلى مساعدة رجالهن، هي أعمال وإن تكن بسيطة ولا تدر عليهم إلا ربحاً بسيطاً، إلا أنها شريفة تدل على ترفع المرأة العدنية وعدم رضاها بأن تعيش عالة على غيرها، ومن هذه الأعمال: الخياطة والتطريز و"النسالة" وعمل مناديل الرأس المطرزة الموشاة والكوافي وغيرها من الأعمال التي تمت إلى الخياطة بصلة، ويقوم بعضهن بطبخ أنواع المأكولات لبيعها في الأسواق والتي تجد إقبالاً من الناس، وهذه الأنواع هي:

الباجية والسمبوسة والمُعبل والخمير الحالي "المُقصقص" والمُطبّق والجبيز والزعقة واللحوح والكعك والفوفل الملبس وغيرها، ويقوم بعضهن بصناعة الحبال والمسارف والمكانس ومراوح اليد وسجاد الصلاة وهذه جميعاً تُصنع من سعف النخل الذي يُجلب من البلاد المجاورة التي تكثر فيها النخيل.

ومن الأعمال الأخرى التي كانت تقوم بها النساء ويشاركن فيها الرجال هي: الدلالة "السمسرة" وكثير منهن يقمن بأعمال التجارة فيبعن الأقمشة والبخور والتواليت والعطر والصابون وكل ما يمت إلى التجميل وإلى النساء بصلة، ولبعضهن دلالات تساعدنهن في القيام بزيارات البيوت وعرض بضائعهن النسوية.

أما عن الطباخة في البيوت العدنية فوصفها المؤرخ حمزة لقمان قائلاً: "إن أصناف الطعام التي تؤكل في البيوت العدنية كل يوم تقريباً هي الفول والروتي والخبز الطاوة والشاهي الملبن للإفطار والرز والصانونة والمرق والبسباس للغذاء والفول والفاصوليا والروتي مرة أخرى للعشاء. والبسباس هو حبيب كل امرأة عدنية ولهن فيه غرام عجيب فتكيل البسباس كيلاً في جميع أنواع الطعام".

يدور الزمان دورته وتبقى عدن وبساطة أهلها لا تتغير ويبقى الحنين للماضي الجميل وجعاً يسكننا، وما بين الاشتياق والحنين دمعة تأخذنا إلى ذلك الزمن الذي مضى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى