«الابتزاز» خوف يومي في مناطق نفوذ تجار المخدرات في كولومبيا

> توماكو (كولومبيا) «الأيام» فلورانس بانوسيان

> في أحد الأيام هاجم مسلحون متجر فيكي وهم مستعدون للقتل للحصول على أموالها القليلة... إذ يشكل الخوف من الابتزاز جزءا من الحياة اليومية في توماكو معقل الاتجار بالمخدرات وإحدى أخطر مدن كولومبيا.
خلال فترة العزل الناجمة عن انتشار جائحة كوفيد-19 تراجعت هذه الظاهرة إلا أنها عادت مع فتح المتاجر أبوابها تدريجا.

وتقول فيكي غاضبة "يجب ألا يتعرض أي شخص لهذا الأمر! لا نعرف متى وكيف يحضرون فجأة أو إن كانوا سيقتصون من أقاربنا. نعمل ونضطر لإعطائهم كل ما نكسبه بعد ذلك!"
وخوفا من الانتقام، وافقت على التحدث إلى وكالة فرانس برس باسم مستعار. فقد سبق للمبتزين أن هددوا أولادها في الشارع عندما تجرأت في أحد الأيام على عدم الدفع.
امرأة ، ضحية ابتزاز ، تقف لالتقاط صورة خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في توماكو
امرأة ، ضحية ابتزاز ، تقف لالتقاط صورة خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في توماكو

وهي سئمت العيش في الخوف وتعرب عن قلقها مديرة ظهرها للكاميرا شاخصة في المحيط الهادئ من حيث تبحر 80 % من شحنات المخدرات في هذا البلد المنتج الأكبر للكوكايين في العالم.
والابتزاز المعروف محليا باسم "فاكونا" (لقاح) متجذر في كولومبيا. وتفيد السلطات أن العصابات والميليشيات المسلحة تلجأ إليه لتمويل نشاطاتها إلى جانب استخراج المعادن بطريقة غير قانونية والخطف والاتجار بالمخدرات.

الدفع أو الرحيل
وتراجعت عمليات الخطف بشكل كبير من أكثر من ثلاثة آلاف قبل عشرين عاما إلى 14 فقط في 2019، إلا أن "عمليات الابتزاز تبقى على مستويات مرتفعة" على ما تفيد وزارة الدفاع في خطتها الاستراتيجية 2018-2022.
في العام 2018، سجلت 7047 عملية ابتزاز إلا أن الأرقام الرسمية لا تأخذ بالاعتبار الضحايا الذين يخشون التبليغ عن آفة تدر ملايين الدولارات سنويا.
جنود البحرية الكولومبية يقومون بدوريات في شوارع توماكو ، كولومبيا
جنود البحرية الكولومبية يقومون بدوريات في شوارع توماكو ، كولومبيا

وتطال هذه الجريمة البائع الجوال كما المارة الذين يتجاوزون حدودا فرضتها العصابات بين الأحياء فضلا عن مزارعي الكوكا التي تشكل أوراقها المادة الأولية في صناعة الكوكايين وحتى ملاكي الأراضي.
وتقول فيكي بأسى "يلحق ذلك ضررا نفسيا كبيرا نحجم عن الرد على اتصالات من أرقام مجهولة ونرى أعداء أينما كان".

خلال عشر سنوات تقريبا، عاشت في ظل الخوف من التهديدات الهاتفية وكانت تودع المال في حسابات مصرفية لشركات وهمية. وقد نصحها شرطي اشتكت إليه ب"الدفع أو الرحيل".
إلا أن الكيل طفح عندما أصيب قريب لها حل مكانها في المتجر. فاتصلت بمجوعة التحرك الموحدة من أجل الحرّية الشخصية (غولا)عبر هاتف مجاني.

و"غولا" وحدات خاصة يديرها الجيش أو الشرطة بحسب المناطق شكلت في العام 1996 لمكافحة الخطف والابتزاز.
وينفذ أكثر من 80 % من عمليات الابتزاز وفق الأرقام الرسمية، مرتكبو جنح صغار يعيشون بين المواطنين ويرعبونهم.

الصقلية أو السجن
في ولاية نارينيو في جنوب غرب البلاد التي تشكل توماكو المرفأ الرئيسي فيها، يمارس الابتزاز خصوصا منشقون عن ميليشيا فارك رفضوا اتفاق السلام الموقع من قبل هذه الميليشيا السابقة.
ويوضح الميجور ميغيل تاراسونا قائد وحدة غولا المحلية "هم يسيطرون على هذه الظاهرة الإجرامية على طول الساحل".

ويضيف فيما رجاله يستعدون للانطلاق في دورية "تغيرت ظاهرة الابتزاز بسبب تشرذم المجموعات المسلحة منذ اتفاق السلام في 2016" مع ميليشيات فارك التي كانت تسيطر على المنطقة.
وينتشر أفراد الوحدة المجهزين بأسلحة رشاشة وبمسدس بيريتا في حي سان فيليبي الذي تكثر فيه الأكواخ المقامة على أوتدة مترابطة بجسور متداعية تقع بمحاذاة منطقة فنادق ومتاجر تشكل هدفا مثاليا لعمليات الابتزاز.

في توماكو يعمل المبتزون المسلحون "على الطريقة الصقلية" أي بالاستعانة بدراجة نارية أو زورق سريع. وهناك أيضا "الابتزاز من السجن" حيث يقوم موقوفون في السجون بالاتصال بالضحية هاتفيا.
وتغطي المجموعات المسلحة بذلك نفقاتها الجارية في الفترة الفاصلة بين شحنتي كوكايين والتي يكون تنظيمها أكثر تعقيدا على ما يؤكد الميجور تاراسونا مشيرا إلى وجود "رابط" وثيق بين الابتزاز والاتجار بالمخدرات.

في 2019 تمكنت وحدة "غولا" في توماكو من توقيف 12 مبتزا مفترضا وضبطت أكثر من 335 مليون بيزو (حوالى 88 ألف يورو) وهو مبلغ لا يستهان به في بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه حوالى 980 ألف بيزو (230 يورو).
وقد أوقفت الوحدة خلال السنة الراهنة 28 شخصا وحرم المبتزون من "أكثر من 131 مليون بيزو تم التوقف عن دفعها" على ما يضيف تاراسونا.

ويشير إلى ان "الظاهرة تراجعت خلال فترة العزل الصارمة" التي فرضت في 25 مارس. إلا أنها تنتعش مجددا وقد أوقف 15 شخصا منذ تحفيف الإجراءات نهاية أبريل.​

أ.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى