البنك المركزي.. واتفاق الرياض

> كتب/وائل شمسان

> صبح القارئ المتابع للشأن النقدي قادرا على تمييز أهداف الهجوم المكثف والمتلاحق على البنك المركزي على الرغم من تعدد مصادر الهجوم واختلاف وجهاته.

في السابق كنا نتفهم بعض الانتقادات ووجهات النظر المعارضة لأداء البنك، بل كنا نحن جزءا من دائرة المنتقدين لسياسات البنك والمعارضين للممارسات الخاطئة لقيادات البنك، وشاركنا بالرأي الناقد لإدارة البنك وكتبنا ناصحين لها، لبيان أوجه القصور لديها وما رأيناه متوجبا عليها لتصويب أداءها.

ولكن اليوم وما نقرأه من كتابات عن البنك المركزي وبحدة شديدة وما نلاحظه من استنفار متزامن في التركيز على "عدم أهلية البنك المركزي بعدن" و"عدم ملاءمة عدن كمقر رئيس" جعلنا نشكك في مصداقية وبراءة المقاصد من هذه الكتابات والدوافع الكامنة وراءها.

لماذا هذه الكثافة في استهداف البنك المركزي بعدن وفي هذا التوقيت بالذات، قبيل تنفيذ اتفاق الرياض بعد أن قطعت الشرعية والانتقالي شوطا كبيرا في سبيل تجاوز العقبات التي كانت تعترض تحقيقه؟

إن المتتبع لمعظم المقالات والمنشورات يجدها تعمد بصورة جلية إلى تشويه سمعة قيادات البنك ونعتها بالفاسدة، والتقليل من قدرات كوادرها، ويوظف بعض الوثائق غير الواضحة التي تكرر نشرها خلال العامين الماضيين، واختلاق أحداث غير موثقة، ونقل معلومات غير دقيقة عن نشاطات البنك بهدف هز ثقة الغير في قيادة البنك وسلامة أداءه.

ومن خلال المراجعة الفاحصة لتلك المنشورات وتوقيتاتها، لم يعد هناك بد من التسليم أنها تصب في محاولات خلق مزيد من الإرباكات للبنك المركزي باستغلال الوضع النقدي الهش أساسا، وانحسار الموارد العامة للدولة، وبالتالي تأخر سداد المرتبات وتحميل مسئولية ذلك على البنك المركزي في عدن، لرفع منسوب الاحتقانات في الشارع كمقدمة لخلق فوضى تسبق تطبيق اتفاق الرياض وقدوم الحكومة إلى عدن.

ويلمس القارئ المتابع للشأن الاقتصادي والمالي، أخطاء كبيرة يقع فيها كتاب هذه المنشورات، بعضها فنية وأخرى تحقيقية؛ مما يضعف تجردها وحجتها المعلنة في اعتبار ذلك نقدا للبنك المركزي ليس إلا، بل يفصح عن أغراضهم الحقيقية لما هو أبعد من ذلك.

فتجدهم وهم يفندون فشل إدارة البنك المركزي ينغمسون في تحليلات اقتصادية ركيكة تفتقر للموضوعية والأساليب والأدوات العلمية في التحليل، ولا سيما الحديث عن السياسات النقدية وأسباب تدهور قيمة العملة في عدن ومؤشرات الأداء النقدي، وتظل تدور حول نفسها من اجل أسناد فكرتها الأساسية بعدم جدوى بقاء البنك المركزي في عدن، وهو ما يعني تجريد حكومة اتفاق الرياض، المشارك فيها المجلس الانتقالي، من وجود البنك المركزي كأداة وركيزة هامة في مواجهة الاستحقاقات التمويلية لمشروع النهوض والتعافي للجنوب وعدن تحديدا.

وليس مستبعدا وجود صلة بين أصحاب تلك المنشورات والأزمة المفتعلة، التي تشهدها عدن حاليا بين البنك المركزي مَحَالّ الصرافة، بعد أن بدأ البنك المركزي حملته في مواجهة المتلاعبين بأسعار الصرف، التي كما يبدو أنه قد أقدم عليها بالتنسيق مع بعض قيادات الإدارة الذاتية، وباشراك نيابة الأموال العامة، فقد انضمت جمعيتا البنوك والصرافة بصنعاء إلى طابور المهاجمين للبنك المركزي بعدن، ولوحظ هجوما قويا متماهيا معها من ذات الأشخاص "أصحاب المنشورات" على إجراءات البنك المركزي للتشكيك في أهداف حملته التي انتظرها الشارع طويلا لضبط انفلات سوق الصرافة وتلاعبهم بقيمة العملة المحلية والإضرار بمعيشة المواطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى