قاض بارز يحدد ملامح حكومة المناصفة بين الشرعية والانتقالي

> عدن «الأيام» خاص

>
وجه القاضي المعروف أحمد عمر بامطرف رسالة مستعجلة أمس إلى الحكومة المعترف بها دوليا ورئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، ودعواهم إلى إعلان فوري للحكومة الجديدة؛ لمواجهة الظروف القاسية، التي باتت تخنق المواطن في المحافظات المحررة، وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من قتله.

وقال القاضي بامطرف في رسالته التي بعثها أمس إلى «الأيام» إن سير التفاوض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي "قد طال، بينما تزداد يوما عن يوم وبشكل مضطرد المعاناة المأساوية التي يعانيها الناس؛ نتيجة التردي المستمر في حياتهم اليومية في جميع المجالات المعيشية والتموينية والصحية والتعليمية والتوظيفية والخدمية والأمنية وغيرها. ومع ذلك، يتطلع الناس بشغفٍ بالغ وبتلهف إلى ما ستسفر عنه مفاوضاتكم بشأن تشكيل الحكومة؛ لعلهم سيرون بصيص أمل في إنقاذهم من أوضاعهم المأساوية الكارثية".

ورأى بامطرف الذي عين في عام 2006 عضوا بالمحكمة العليا أن الحل من وجهة نظر قانونية وسياسية معاً -للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد- هو "في تشكيل حكومة إنقاد وطني، لا مفر من أن تكون مناصفةً بينكما؛ فأنتما اللاعبان القويان الوحيدان في الميدان دون مُنازع، ولذلك لا مبرر للمحاصصة مع جهات سياسية أخرى بمنح مقعد أو مقعدين في تشكيلة الحكومة لهذا أو ذاك؛ لأن كل طرف منكما يضم في كيانِهِ في الأصل مُؤيديه وحُلفائهِ ومُناصريه، وذلك من أجل تجنُب التشتت والفرقة، وتوحيد الجهود والمواقف والعمل كفريقٍ واحد ضماناً لحُسن الأداء الحكومي".

وأضاف: "ما ينبغي التأكيد عليه في اختيار الأسماء هو وجوب التخلي عن المعايير غير الموضوعية في الاختيار كالمحسوبية والمجاملات والولاءات المناطقية والشخصية والفئوية، وأن يكون الاختيار فقط من بين الأشخاص ذوي الكفاءات والتخصصات والخِبرات المشهود لهم بالنزاهة والشرف في تاريخهم كشروط مهمه لشغل المنصب. ونظراً لظروف الحرب والأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها البلاد حالياً، ينبغي أن تكون الحكومة المزمع تشكيلها حكومة مُصغرة، تُدمج فيها الوزارات المتشابهة أو المتماثلة في المهام والمسئوليات في وزارةٍ واحدة، بدلاً من عدة وزارات، إسوةً بما كان معمولاً به في جمهورية اليمن الديمقراطية قبل الوحدة، كوزارة العدل، على سبيل المثال، التي كانت تضم ثلاث وزارات معاً، هي (العدل والشئون القانونية والأوقاف) مُدمجة في وزارة واحدة تُسمى (وزارة العدل والأوقاف)، وكانت تشتمل على أربعة قطاعات هي: قطاع المحاكم، وقطاع الشئون القانونية والجريدة الرسمية، وقطاع الأوقاف، وقطاع الشئون الإدارية والمالية، وكذلك وزارات الإنشاءات والإسكان والتخطيط الحضري، بالإمكان دمجها في وزارة واحدة، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والتعليم الفني والمهني، يجب دمجهن في وزارة واحدة تشتمل على هذه القطاعات بدلاً من ثلاث وزارات، ووزارتي الاقتصاد والتجارة والتموين تُدمج في وزارة واحده، وهكذا بالنسبة لبقية الوزارات الأخرى المتماثلة أو المتقاربة في مهامها".

كما رأى القاضي بامطرف أنه من الضرورة "الاستغناء كلياً عن الوزارات التي ليست لها مهام تمارسها على أرض الواقع في الوقت الحاضر، وبالتالي لا مبرر لوجودها بحكم ظروف الحرب والواقع الراهن في البلاد، كوزارة السياحة على سبيل المثال لا الحصر.

 وحول برنامج عمل الحكومة قال بامطرف "ينبغي أن يشتمل على أولويات مهمة وعاجلة، من أهمها توفير سُبُل العيش الكريم للمواطنين، وانتشال قطاعات الصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي والنظافة من أوضاعها المزرية، وتعزيز العملة الوطنية، ورد الاعتبار لها، ومكافحة ظاهرة الغلاء والارتفاع الجنوني في الأسعار، ومحاربة الفساد بكافة أشكاله، والقضاء على ظواهر التسيب واللامبالاة في مرافق وأجهزة الدولة المختلفة، تمهيداً لإجراء إصلاح إداري ومالي شامل. ومن اجل ضمان تحقيق كل ذلك ينبغي أن يحتل موضوع إصلاح القضاء وتطويره وتعزيز استقلاله، وتثبيت مبدأ سيادة القانون في البلاد مكان الصدارة والأولوية في برنامج عمل الحكومة؛ لأن بِناء قضاء قوي ومستقل ونزيه وعادل هو الخطوةُ الأولى والضمانة الدستورية الهامة على طريق بِناء دولة المؤسسات والنظام والقانون؛ فالقضاء هو الملاذُ الآمن لحل الخلافات بين جميع الفرقاء السياسيين، وإنهاء النزاعات المسلحة في البلاد، والقضاء هو الجهةُ المختصة بالرقابة على دستورية القوانين والقرارات، وحل المنازعات الإدارية بين مرافق وأجهزة الدولة، ومكافحة الفساد بكافة أشكاله وجميع الظواهر الإجرامية الأخرى، وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المجتمع، وتحقيق العدالة للمظلومين ورد الحقوق لأصحابها؛ لأن القضاء هو، وحدهُ دون غيرهِ، الجهة المختصة بالنظر والفصل في قضايا انتهاكات وخروقات الدستور والقوانين".

وبشأن استمرار الحرب للعام السادس، التي وصفها بالكارثية والمأساوية والعبثية، وأنها حرب فرّخت إلى جوارها حروباً أخرى جانبية، قال بامطرف: "يجب أن يكون إيقافها وإيجاد حل شامل مُنهٍ للنزاع هو الشغل اليومي الشاغل للحكومة، التي ينبغي عليها أن تولي عناية كبيرة في ذلك، وتُبذلَ جهوداً جبارة مع جميع الأطراف المعنية وطنياً وإقليمياً ودولياً، على طريق التفاوض السلمي؛ لإنهاء الحرب، والتوصل بالتراضي والاتفاق على أحد حلين أرى أنه لا ثالث لهما: إما دولة اتحادية فيدرالية من إقليمين أو عدة أقاليم، أو أن يعود كل طرف من طرفي الوحدة إلى كيانه الدولي السابق، ويُقيم دولته المستقلة، وكما يقول المثل الشعبي الشايع حالياً (وِحده بشرف أو انفصال بكرامة).
 ونسألُ الله  للجميع الهِداية والتوفيق إلى ما يُحِبُه ويرضاه، وهو حسبُنا ونِعم الوكيل".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى