فرنسا تبدأ بتجميع مفاعل «إيتر» العملاق لاندماج الهيدروجين.. قفزة للبشرية في إنتاج الطاقة

> سان بول ليه دورانس (فرنسا) «الأيام» أوليفييه لوكازو

> انطلقت رسمياً الثلاثاء في جنوب فرنسا عملية تجميع المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي الضخم المعروف باسم مشروع "إيتيْر" لاتقان تقنية انصهار الهيدروجين وتوليد طاقة لا تنضب تقريباً، مثلما يحدث في قلب الشمس.
وخلال الحفل الذي نُظم في موقع "إيتيْر" في سان بول ليه دورانس، أكد الرئيس إيمانويل ماكرون في شريط فيديو تم تسجيله مسبقًا، أنه "مع الاندماج، يمكن أن تكون الطاقة النووية واعدة للمستقبل"، من خلال توفير "طاقة غير ملوثة وخالية من الكربون وآمنة وخالية عملياً من المخلفات".

وقال ماكرون إن "المشروع هو وعد بالسلام والتقدم".
انطلق المشروع الدولي بموجب معاهدة، جمعت عام 2006، 35 دولة هي كامل أعضاء الاتحاد الأوروبي مع المملكة المتحدة، وسويسرا وروسيا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

وتحدث ممثلو سبعة من شركاء "إيتير" خلال الحفل، جميعهم من بعد في مقاطع فيديو مسجلة مسبقًا. وأشاد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن بما وصفه بانه "أكبر مشروع علمي في تاريخ البشرية" وبالبحث عن "حدود علمية وتكنولوجية جديدة"، مع هذا "الحلم المشترك في إنشاء طاقة نظيفة وآمنة بحلول عام 2050".
انطلق مشروع "إيتيْر" قبل نحو 15 سنة على ضفاف نهر دورانس على بعد حوالى أربعين كيلومترًا من إيكس أون بروفنس، ويهدف إلى إعادة إنتاج الطاقة غير المحدودة التي تنتجها الشمس والنجوم عبر اندماج الهيدروجين أملاً في إيجاد بديل للوقود الأحفوري.

وعوضاً عن الوقود الأحفوري، مثل النفط أو الغاز أو الفحم، الذي يبعث ثاني أكسيد الكربون، يمكن أن يحل اندماج الهيدروجين أيضاً محل الطاقة النووية. وإن كان انشطار الذرة ينتج نفايات مشعة لعشرات الآلاف من السنين، فإن انصهار الهيدروجين لا يولد نفايات طويلة العمر، مثلما قال برنار بيغو، المدير العام للمشروع.
أما الميزة الأخرى فهي أن الوقود اللازم لهذا الانصهار والمستخرج من الماء والليثيوم متاح، وقادر وفق بيغو على "ضمان توريد أسطول من المفاعلات لملايين السنين، اي أن كل غرام من هذا الوقود يطلق كمية من الطاقة تعادل ما يمكن الحصول عليه من ثمانية أطنان من النفط".

وفي الأشهر الأخيرة، سُلم العديد من مكونات هذا المفاعل التجريبي المسمى "توكاماك" - وبعضها يصل إلى ارتفاع مبنى مكون من أربعة طوابق ويزن عدة مئات من الأطنان - إلى الموقع من الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية أو إيطاليا.
ويصعب تخيل حجم مكونات المشروع ومنها على سبيل المثال المغناطيس الأقوى الذي سيطلق التيار الكهربائي داخل البلازما، والقادر على رفع حاملة طائرات.

150 مليون درجة
وفيما تصل المكونات بصورة تدريجية، تبقى عملية تجميع قطع الأحجية الكثيرة للحصول على الشكل الثلاثي الأبعاد، وهي وظيفة يفترض أن تستمر حتى عام 2024 وسينفذها 2300 شخص في الموقع.
وسيتيح هذا المفاعل العملاق إعادة إنتاج تفاعل انصهار الهيدروجين الذي يحدث بشكل طبيعي في قلب الشمس والنجوم: وسيتم تحديداً تحقيق هذا الاندماج من طريق تسخين مزيج من نظيرين للهيدروجين إلى درجة حرارة تصل إلى 150 مليون درجة مئوية حين يتحول الهيدروجين إلى حالة البلازما.

ويمكن أن ينتج المشروع أول بلازما في أواخر عام 2025 وأوائل 2026 ويمكن أن يصل المفاعل إلى طاقته الكاملة في عام 2035.
ولن ينتج مفاعل "إيتيْر" التجريبي نفسه الكهرباء في الواقع. إذ سيتعين الانتظار حتى عام 2060 في أحسن الأحوال للحصول على توصيل أول مفاعل اندماج مشتق من "إيتيْر" بالشبكة الكهربائية.

ولتوليد الكهرباء، ستستخدم مفاعلات الاندماج التجارية المستقبلية هذه ببساطة الحرارة المولدة على جدران مفاعل "توكاماك" الخاص بها من طريق قصف نيوترونات مولدة من عملية الاندماج: وستخرج هذه الحرارة عبر دائرة من المياه المضغوطة ستغذي في شكل بخار، توربينة ومولداً.
وإذا تم توصيله بشبكة الكهرباء، فلن ينتج "إيتيْر" سوى 200 ميغاوات من الكهرباء، وهو ما يكفي لتزويد نحو 200 ألف منزل. وسيكون لمفاعلات الاندماج المستقبلية كمية من البلازما تكفي لتزويد مليوني منزل بحاجتها من الكهرباء.

وقال بيغو إن كلفة بناء وتشغيل مثل هذا المفاعل "تعادل كلفة مفاعل نووي تقليدي".
ولكن هذه "الشموس الاصطناعية" هي موضع انتقادات متكررة من أنصار البيئة، وخصوصاً في فرنسا، إذ لا يرون فيها سوى هدر للمال العام وجري وراء "سراب علمي". وقد تأخر المشروع بالفعل خمس سنوات، مع زيادة ميزانيته الأولية بثلاثة أضعاف، إلى ما يقرب من 20 مليار يورو.

أ.ف.ب​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى