تشارلز جولستون وجارة "الأيام" في حديث عن عدن

> لخميس الماضي 13 أغسطس 2020م خرجت لتوي من الأيام بعد أن سلمت مواد لنشرها، وكانت وجهتي بعد ذلك البقالة المجاورة، وهناك سيدة عدنية شحماً ولحما وطعما، رحبت بي في البقالة بكلمات طيبة وقالت: "أني من زمان معجبة بالأستاذ عبده حسين وبك. أقرأ دائما لكما. الأستاذ عبده حسين درسني في الثانوية اللغة العربية"، وقالت: "يا أستاذ، مطلوب منا نحن أهل عدن أن نصحح ما هو متداول عن المهمشين. يا أستاذ، المهمشون الآن أصحاب بيوت وبوابير وبسطات. يا أستاذ المهمشون هم نحن أهل عدن. نحن الأخدام، يا أستاذ. أني حاملة بكالوريوس علوم، ولغتي الإنجليزية ممتازة، وفاهمة رياضيات. تصور أن من هم أقل مستوى مني يحظون بفرص التوظيف؛ لأنني مهمشة من بنات عدن".

قلت لها على الفور سأتناول قضية المهمشين العدنيين وودعنا بعضنا عند عمارة قريبة من الأيام، وقالت: "أني ساكنه هنا" (أي في إحدى الشقق).
بعد الانتهاء من سماع الحديث الممتع المشبع باللهجة العدنية من سيدة عدنية، نقلتني الذاكرة في فلاش باك عَذب إلى كتاب "مشهد من نقطة السفن – التواهي" للسير تشارلز جونستون، المندوب السامي البريطاني للفترة من 1960 حتى عام 1962م، والكتاب مرجعي وممتع.

وقفت أمام الصفحات من 90 حتى 98، والسير جونستون يتناول شخصيات عدنية: أ. حسن البيومي وعبدالله إبراهيم الصعيدي وعبدالله سالم باسندوة وعلي سالم علي ومحمد سعيد الحصيني، رحمهم الله. شبه السير جونستون حسن بيومي بانه الإمبراطور الروماني فيليبس العربي، وينتمي إلى أسرة متوسطة الحال أصولها من مصر، وأفاد أن حسن سريع الغضب وسليط اللسان، ويتحدث بلغة البيئة، ومن ذلك، أنه قال لمستشار: أنت فاسد وكذاب وابن حرام.

يتحدث البيومي الإنجليزية بطلاقة، وأحيانا يخاطب الضابط بمصطلح إنجليزي عربي بالقول: يا امينسبكتر، وقس على ذلك في خطابات أخرى.
البيومي مفضل عند الوزراء الاتحاديين من بين الساسة العدنيين، وأنه قومي، والبيومي في أساسه رجل مبادئ ومشهود له بالعدالة خاصة فيما يتعلق بشعبه.

أما عبدالله إبراهيم الصعيدي وزير المعارف فقد نزح أسلافه من مصر، مؤمن بالقومية، وله علاقة طيبة باتحاد النقابات، والكلام كثير عن الصعيدي
عبدالله سالم باسندوة الوزير المسؤول عن الصحة ينتمي إلى إحدى أسر تجار حضرموت، ولكنه لم يكن غنيا، وكان أنيقا في ملبسه، وكان لائقا جدا لأن يكون بين وزراء الاتحاد.

علي سالم علي الوزير المسؤول عن الهيئة البريدية (هيئة التلفونات والكهرباء) كان على اتصال باتحاد النقابات عبر شقيقه محمد سالم علي، والشقيقان من أبناء مستعمرة، ووالدهما، العصامي الذي امتلك وأدار اكبر شركة للحافلات في المستعمرة، عبدالله الأصنج من أسرة عريقة في كريتر، ووالده كان مفتشا للخدمات الطبية الحكومية، وكان من بين أشهر شعراء عدن. الأصنج كان موظفا في شركة خطوط عدن الجوية Aden Airways وكان يدير مكتب الحجز فيها بكفاءة غير معهوده.

الأصنج كان رجلا قصيرا، وفي أواخر العشرينات من عمره، وكان حديثة مجبرا لخصومة على الاستماع إليه، وهو ذو خلفية تكتيكية، ويقول السير جونستون لقد بذلت قصارى جهدي لإقناع الأصنج بان أفضل طريقة له للحفاظ على عدن هو أن يبذل هذا الجهد المضني الذي يبذله داخل إطار مؤسس، وليس خارجه لكنه لم يكترث لتطبيق كلماتي على أرض الواقع.

تحية من القلب للسيده العدنية المهمشة
تحية للسير تشارلز جونستون، وآه ياعدن !

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى