سيناريوهات تطورات الوضع السياسي

> حين تكتنف الرؤية إلى المستقبل الضبابية تكثر التوقعات والتكهنات حول مآلات الأوضاع، وليس كل ما هو مرئي من توجهات حتى وإن كانت لأقوى القوى السياسية قد تتحقق في المستقبل المنظور، وقد تظهر سيناريوهات تقودها أضعف القوى السياسية لا نستطع توقعها اليوم، لكنها تكون حاسمة، فالسياسية هي كالرمال المتحركة، وبحسب المعطيات المتاحة لنا اليوم ورؤى القوى السياسية الأكثر فاعلية، وتوجهات المحيط الإقليمي والدولي المعلنة المعارضة والمؤيدة لنتائج التفاعلات السياسية الداخلية، فإن السيناريو الأبرز هو:

وقف الحرب بين القوات المسلحة الجنوبية والقوات المحسوبة على الحكومة اليمنية بحسب اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن برعاية التحالف العربي برئاسة المملكة العربية السعودية، وإحداث تغييرات جوهرية في القوى الفاعلة في الحكومة اليمنية يتقلص حجم وتأثير قوى بعينها، ويبرز دور فاعل لقوى لم تكن تدخل في هيكل الحكومات السابقة، ويتعزز حجم وتأثير قوى كانت هي الأضعف في الحكومة السابقة، وهذه التغييرات تأتي متفقة مع التغييرات الجوهرية التي جرت وتجري على أرض الواقع من جهة، ومن جهة أخرى تأتي وفق متغيرات ومتطلبات المجتمع الإقليمي والدولي الراهنة، ومتطلبات مهام المستقبل المنظور المتمثلة في تحسين الأوضاع في المناطق المحررة، وحشد الجهود والطاقات العسكرية والسياسية للضغط على الحوثي للانخراط في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة والتعامل معها بإيجابية، وهناك سيكون المنتظر على طاولة المفاوضات ملفات عدة لقضايا عدة أهمها وفي مقدمتها القضية الجنوبية برؤية خيار الدولة الجنوبية المستقلة كاملة السيادة على حدود ما قبل 22 مايو 90م، وباقي السيناريو هذا لن نخوض فيه الآن لصعوبة إنجاز توقعات يمكن أن نقتنع بها قبل أن نقنع المتابعين لهذا التحليل.

السيناريو الثاني هو سقوط مأرب بيد الحوثي أكان بتساهل من القوات المحسوبة على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أو باختلال موازين القوى لصالح الحوثي، وفي هذه الحالة فإننا نفقد الثقة في صحة السيناريو الأول، حيث إن الوضع سيتغير في غير صالح الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وستفقد ثقة التحالف العربي بها، بينما ستتعزز ثقة المجتمع الإقليمي والدولي في المجلس الانتقالي الجنوبي والمؤتمر الشعبي العام الذي لهما تواجد وثقل سياسي وعسكري على الأرض، حيث يسيطرون على أرض محررة من الحوثي، ويبدو أن اتفاق الرياض سيكون مهدداً بالفشل لأن الشرعية حينها ستحاول أن تتشبث بأي مواقع في الجنوب وتستمر في إدارة فوهات مدافعها باتجاه الجنوب بدلاً من محاربة الحوثي، وحينها سنكون أمام وضع سياسي مختلف وقوى سياسية مختلفة، وعملية سياسية مختلفة قد تغيب فيها الحكومة اليمنية المعترف اليوم بها دولياً وتفقد ذلك الاعتراف.

وهناك سيناريو ثالث تستطع فيه القوات العسكرية في مأرب بعد أن تنسحب منها مع القوات اليمنية المتواجدة في حضرموت والمهرة وشبوة أن تعزز تواجدها في شقرة وتستمر في حرب مدمرة (قد تدفع هي فيها ثمناً غالياً) بالتنسيق مع نظائرها في تعز لفتح جبهة جديدة عبر التربة في اتجاه الجنوب بدعم تركي قطري، وقد تطول المعارك وتكون فيها خسائر كثيرة، لكن ربما ستكون النهاية الحتمية للمشروع التركي القطري، وحينها سيمضي هذا السيناريو بنفس الطريق التي يمضي فيها السيناريو الثاني حين يصل إلى نفس هذه النهاية، وهناك تفاصيل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها في هذا الحيز المحدود، كما أن هذه تظل توقعات إلى أن تثبت التطورات منها ما سيبحر بنا نحو المستقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى