المهارات والقدرات أولا

> جلال عبده محسن

> حصول سائق التاكسي على رخصة القيادة لا يعني له ذلك بأنه ضمن دخلا ثابتا، بل هي تسمح له بممارسة مهنة السواقة ودخله يتحدد على أساس ما يقوم به من جهد ونشاط وخبرة يكتسبها من خلال عمله. كذلك يجب التعامل مع الشهادات الجامعية على أنها إمكانية للنجاح وليست ضمانا للنجاح والتي تحددها عوامل أخرى تتعلق بالمهارات والقدرات لاسيما عند التقدم للوظيفة العامة، أما في القطاع الخاص فيعتبر ذلك من أولوياته، وهي الكيفية التي تعتمدها أيضا كبرى الشركات والمؤسسات الدولية وتنال نصيبها من التفوق والنجاح والازدهار في عالم المال والأعمال وفقا لذلك.

هذه الكيفية باتت ضرورية اليوم للتعامل معها من قبل وزارة الخدمة المدنية في إطار إصلاح الوظيفة العامة عند التقدم لشغل الوظائف على أساس المهارات والخبرات أكثر من الشهادة نفسها، وهو ما يعني أن لكل وظيفة مهاراتها الخاصة والمطلوبة والتي تؤخذ بعين الاعتبار، بغض النظر عن الشهادة التي يحملها الشخص عند التقدم للتعيين. وللأسف فإن الاستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات وما تلاها من قرارات وملاحق متتالية بشأن ضوابط وشروط التعيين في الوظائف التي اعتمدتها على الشهادة الجامعية دون شروط الخبرة والمعرفة والقدرة على التحليل للمشكلات واتخاذ القرارات والتفكير الابتكاري وتنمية قدراتهم وهو ما يتمتع به كثير من الأفراد دون المستوى الجامعي، والتي اكتسبوها طيلة مسيرة حياتهم العملية وتتفوق على كثير من ذوي حملة الشهادات الجامعية، ومع ذلك تعاملت معهم الاستراتيجية بقرارات مجحفة صدرت بحقهم عندما تم تنزيل درجاتهم الوظيفية المسكنين فيها إلى ما دون ذلك بحجة عدم حصولهم على شهادة جامعية ودون مراعاة لخبراتهم ومهاراتهم ودون مراعاة أيضا للجانب القانوني والذي يحتم التعامل مع القانون الجديد من حين صدوره، ولا يسري تطبيقه لما قبله وبأثر رجعي. كما أضرت تلك الاستراتيجية بمقاصد مبدأ التأهيل والتدريب للموظفين نحو التعليم المستمر والتحصيل العلمي كإحدى المراحل الأساسية لتحسين الأداء الوظيفي وتطويره إذا رغب الموظف في مواصلة الدراسة أثناء الخدمة عندما لم يتم احتساب خدمته في التعيين بناء على الشهادة الجديدة، ولم يراعِ ذلك عند الترقيات واعتمدت بدلا من ذلك تاريخ حصوله على الشهادة أول مرة عند التعيين فقط.

إن الضرورة باتت اليوم تحتم على وزارة الخدمة المدنية إعادة النظر في تلك الاستراتيجية ومراعاة جانب المهارات والخبرات، ليس فقط عند التعيين بالوظائف، بل عند الترقيات والاختيار للوظائف أيضا، لاسيما القيادية والإشرافية منها، وبإخراجها من الإطار التقليدي المعتمد على معياري المؤهل وسنوات الخدمة إلى الأخذ بعين الاعتبار كثير من المزايا والمهارات التي فيها الكثير من التحدي للقدرات والكشف عن الطاقات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى