اتفاق الرياض ودلالات سقوط مأرب

> د. عيدروس نصر ناصر

> كنت في التناول السابق قد تعرضت لعدد من الفرضيات المتصلة بالوضع العسكري المعقد في مأرب، وما تسربه المواقع الشرعية وناشطوها عن احتمال سقوط مأرب المدينة، وبالتالي كامل المحافظة بأيدي الحوثيين، لن أواصل الاحتمالات التي تعرضت لها بالأمس، لكنني أتناول سؤالاً توجه به أحد الزملاء المعلقين على المنشور، وهو ما علاقة احتمال سقوط مأرب باتفاق الرياض؟

قد يبدو السؤال ساذجاً لمن لا يغوص في عمق الحالة وقراءة ما تحت السطح الزئبقي الرخو للمشهد في مأرب، لكن الحقيقة أن السؤال في الصميم.
وزير الدفاع الذي يقود الجيش (الوطني المفترض) يرى مستقبله في ضوء اتفاق الرياض على كف عفريت، فهو لم يعد يقم بأي نشاط له صلة بالمعارك والمواجهات، وهو ينشغل بترتيب وضعه لما بعد تشكيل حكومة الكفاءات التي لا يتوقع أن له مكاناً فيها؟

التسريبات التي تتحدث عن احتمال إقالة نائب رئيس الجمهورية وإحالته للتحقيق بتهم الفساد والفشل وأمور أخرى، تضع الرجل هو الآخر على كف عفريت، ما يعني أن أمر الجبهات (التي يفترض أنه المسؤول الأول عنها) لم يعد يعنيه منها شيء.

الرجلان يدبران أمرهما لما بعد تشكيل حكومة الكفاءات وما بعد الخروج من المسرح السياسي، وقد يدخل ضمن هذا التدبير الاتفاق مع الحوثيين على تسلم مأرب بعد مناورات عسكرية تمويهية لتبرير سقوط المدينة والمحافظة، ويذهب البعض إلى ما هو أبعد بأن الرجلين قد يتجهان إلى صنعاء عبر أي واسطة، وينحازان إلى صف الحوثي!.

ولمَ لا؟ فلهما أقارب من الدرجة الأولى وما بعدها يعملون مع الحوثي ويقاتلون في صفوفه الأولى، وبالتالي فإن أي ذهاب لهما مع الحوثي لن يكون إلا مجرد "لم شمل الأسرة الواحدة".

وتبقى اللوحة الكلية تتمثل في الآتي: إصرار سعودي وجنوبي على تنفيذ اتفاق الرياض بأسرع وقت ممكن، وتلكؤ وتردد ورفض (أحياناً معلن) لتنفيذ الاتفاق من قبل المهيمنين على الشرعية، إلا بشروط الطرف الأيديولوجي المهيمن، ما لم فإن هذا الطرف سيضطر إلى التقارب مع الحوثي والاتفاق معه على صفقة لا تعيق فقط تنفيذ اتفاق الرياض، بل ستطيح بكل أهداف عاصفة الحزم وتعيد ثنائية (الانقلاب ـ الشرعية) إلى نقطة البداية يوم سقوط صنعاء واجتياح كل محافظات الشمال والجنوب من قبل قوات الحوثي، لكن هذه المرة مدعوماً بكل المليشيات وجماعات داعش والقاعدة التي حافظ عليها التيار المتطرف المهيمن على الشرعية، وفي هذا الإطار تأتي قصة السقوط الوشيك لمأرب.

السؤال: أين تقف الأحزاب والقوى السياسية التي تشارك في (دعم) الشرعية؟ ماذا يفعل قادة تلك الأحزاب وهم يرون مستقبل البلد يذهب أدراج الرياح على أيدي المتطرفين في الانقلاب والشرعية، وهل سكوت تلك المكونات عجز أم رضى أم جهل وتجاهل ما يدور خلف الكواليس؟
وعلى العموم فإن الرهان على هؤلاء كما قلت بالأمس لم يعد ذا قيمة، لكن الرهان على رجال القبائل البواسل الذين هزموا الحوثي مراراً دونما حاجة لأكذوبة (الجيش الوطني) الذي ما دخل معركة إلا وحقق فيها هزيمةً ساحقة لنفسه.

مأرب مهددة بالسقوط والجبهات مشتعلة في الضالع والحواشب وكرش وعقبة ثرة، والساحل الغري، وطبعاً على بوابات مأرب حيث تنتشر قوات الشرعية يتقاسم الحوثيون والإخوان المقيل الواحد والوجبة الواحدة، بينما ينشغل الزملاء البرلمانيون بخرافة "هيمنة إسرائيل على سقطرى"، ويوجهون الأسئلة للحكومة عن هذه الفرية التي صنعها إعلام الغفلة فصدقها برلمانيون محترمون وإنه لأمر من أعجب العجب؟

لا أعاتب الزميلين اللذين وجها السؤال للحكومة، فعضو المجلس من حقه أن يسأل الحكومة حتى عن سبب هطول أو عدم هطول المطر، لكن يقيني أن الزميلين، وكل الزملاء الذين وجهوا أسئلتهم للحكومة يعلمون أن مساءلة الحكومة تتم في قاعة البرلمان وفي اجتماع معلن، وقبل هذا وبعده حكومة قائمة وفاعلة، ومكتملة، وهو ما لا يحصل ولم يحصل ولن يحصل في المدى المنظور كما يبدو، لكنه الهوس والكبت النفسي، والتسابق على الظهور والتظاهر.

أما حكاية تسليم الإمارات سقطرى لإسرائيل فهي تثير من الضحك والسخرية أكثر مما تثير من الشفقة والرثاء، لأن الإمارات هي الدولة الثانية في التحالف العربي الداعم للشرعية، والاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الذي لا يعني اليمنيين في شيء، لم يوقع بعد وهو يمر بمراحل عديدة حتى يصبح قيد التنفيذ، وفي كل الأحوال فإن سقطرى ليست داخلة في أي بند من بنوده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى