تداعيات احتمال إكمال الحوثي سيطرته على مأرب

> احتمال إكمال الحوثي سيطرته على مأرب أمر متوقع من حين وصول القوات المحسوبة على الحكومة اليمنية إلى ما بعد فرضة نهم وأصبحت أطراف صنعاء في مرمى نيرانها، فظهرت الدعوات من قبل وزراء وكبار موظفين في الحكومة اليمنية تدعو إلى عدم إسقاط صنعاء عسكريا، ويبرروا ذلك مرة بالحفاظ على مباني صنعاء من الدمار والحفاظ على أرواح المدنيين ومرة أخرى بعدم جاهزية الشريك الشمالي للتحالف العربي لاستلام صنعاء، فتراجعت تلك القوات وتوقفت في فرضة نهم لسنوات إلى أن جاءت ظروف 2020م، ليسيطر الحوثي على فرضة نهم ومحافظة الجوف ومديريات في محافظة البيضاء ومديريات ومعسكرات في مأرب ويتقدم باتجاه عاصمة المحافظة، وغنم أسلحة وعتادا عسكريا، وقد قيل حينها إن قيادات عليا في الحكومة اليمنية (قيادات إخوانية) قد اتفقت مع الحوثي بوساطة دولة لها علاقة بالطرفين على أنها لن تمنعه من التقدم باتجاه مأرب، وإن من قاوم هي قيادات محلية وقبلية وفي المقدمة العكيمي وقبيلة مراد.

ونلاحظ حتى اليوم أن من يقاتل مليشيات الحوثي هو طيران التحالف ولا يوجد على الأرض من يعزز ضربات الطيران ويحولها إلى انتصارات، وقد عرض الحوثي على أهل مأرب أن يسلموه منشاءات النفط والغاز ومحطة الكهرباء ويفتحوا أمامه الطريق الرئيس مقابل أن لا تدخل مليشياته مأرب وتستمر القيادات المحلية في إدارة محافظتهم، وهذه هي أهم الأهداف الرئيسة للحوثي من مأرب، وبغض النظر عن أن يكون تقدم الحوثي قد جاء بسبب اختلال في موازين القوى لصالحه بسبب الفساد الذي ينخر في الحكومة اليمنية والقوات المحسوبة عليها وبسبب إدارة مدافع جزء مهم من هذه القوات وتوجيهها لمحاربة الجنوبيين في شقرة، أو أن المناطق تسلم للحوثي باتفاق خصوصا بعد تعيين عزيز رئيس لهيئة الأركان وتوارد أخبار عن النية لإنشاء نخبة مأربية لا تروق للقوى السياسية المؤلفة للقوات المحسوبة على الحكومة اليمنية لما عرف عن النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية من شدة باس ونجاحات حققتها في مكافحة الإرهاب وخشية من أن هناك نية لأن تكون هذه النخب هي القوة الضاربة بيد الحليف البديل المفترض لتحالف العربي والذي يرجح أن يكون المؤتمر الشعبي، فقد أصبحت مليشيات الحوثي على مشارف مدينة مأرب، والشيء المثير والمدهش أن القوات الشمالية الجاثمة في المهرة ووادي حضرموت وشبوة لم تقم بأي دور منذ أول طلقات للمقاومة الجنوبية وعاصفة الحزم وحتى اليوم الذي أصبحت فيه قوات الحوثي على مقربة منها أو تكاد تلتحم بها إلا ما قامت به من تعزيز لقوات الإخوان التي تحارب الجنوبيين في شقرة، وقد أصبح الوضع العسكري كما هو في العام 2015م إن لم يكن أسوأ بالنسبة للقوات المحسوبة على الحكومة اليمنية.

إن إكمال الحوثي سيطرته على محافظة مأرب تفتح المجال لعدد من التداعيات على الوضع في الجنوب وسيناريوهات مختلفة، فأول هذه التداعيات هي نزوح القوات المتواجدة حاليا في مأرب بما فيها من مليشيات إرهابية تتدثر بهذه القوات حيث كانت مأرب مركزا رئيسيا لها لفترة طويلة، وثانيها نزوح المواطنين المأربيين والنازحين من بقية محافظات الشمال في مأرب إلى محافظات الجنوب مما يسبب ضغط على الخدمات المنهارة أصلا وإحداث اختلالات أمنية وصحية وسلوكية، ثم إن هذا يعني زرع عراقيل في طريق تنفيذ اتفاق الرياض، وهو الأمر الجوهري في الاتفاق بالنسبة للجنوبيين والمتمثل في رفع القوات الشمالية من على كاهلهم الرابضة في المدن الجنوبية خصوصا في المهرة ووادي حضرموت وشبوة وأبين منذ حرب صيف 94م، والتي تم تعزيزها بقوات جديدة في غزوة 2015م وما بعدها وهذا يعني إفشال لاتفاق الرياض فبدلا من إخراج تلك القوات ورفد بها جبهات القتال مع الحوثي ستبقى في مواقعها وستضاف إليها القوات النازحة من مأرب وهذا هو المتوقع، وهنا سنكون أمام سيناريوهين:

1 - أن يحاول الحوثي التقدم باتجاه الجنوب وتكون القوات المتواجدة منذ 94م والنازحة مؤخرا في وادي حضرموت وشبوة وشرق أبين مساندة له بوقوفها بين القوات الجنوبية وقوات الحوثي لتحمي الحوثيين من ضربات القوات الجنوبية وتمهد له الطريق للتقدم، ولكن هذا السيناريو الماكر لن يمر على الجنوبيين ففي الوقت الذي يمد الجنوبيون أيديهم لتوحيد الجهود ومحاربة الحوثي والضغط عليه للانخراط في العملية السياسية وبإيجابية التي يراها الجنوبيون المحطة المهمة لتحقيق تطلعاتهم وإيجاد حلول لمشاكل المنطقة إلا أنهم في نفس الوقت جاهزون للدفاع عن الأرض والعرض ومحاولة تقويض انتصاراتهم ولن يسمحوا بأن يترك الشمال للمشروع الإيراني وأن يتقلقل المشروع التركي القطري في الجنوبي، ولن يسكت العرب ولا العالم عن تهديد مصالحه وممرات الملاحة الدولية، وهذا معناه استمرار الحرب.

2 - أن يتوقف الحوثي على الحدود ويترك أمر الجنوب للإخوان (المشروع التركي القطري) في إطار تنسيق تركي إيراني، فتستمر مناوشات خفيفة على الحدود بين الحوثيين والقوات المحسوبة على الحكومة اليمنية كتمويه على التنسيق بينهما واستمرار قتالها في شقرها لمحاولة الدخول إلى زنجبار عاصمة محافظة أبين وما بعدها واستخدام الإرهاب في الجنوب، وهذا السيناريو سيحقق نفس نتيجة السيناريو الأول.

وأمام ذلك فإننا نرى أن على الراعين لاتفاق الرياض الإسراع في إنجاز آلية التسريع وخصوصا موضوع تشكيل حكومة المناصفة وإخراج القوات المسلحة من المدن الجنوبية وتوجيهها إلى جبهات القتال قبل تساقط هذه الجبهات وبسط سيطرة الأحزمة والنخب وقوات الأمن على محافظات الجنوب قبل تسليمها للإرهاب كما أن كل الخيارات مفتوحة أمام الجنوبيين، ونتوقع دعم التحالف العربي ودعم التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب للجنوبيين لأن مصالحهم ستكون معرضة للخطر ولا نستبعد أن هناك شركات ودولا لها مطامع في الثروات الجنوبية تريد المنطقة مشتعلة والناس منشغلين بأنفسهم وبالإرهاب، كما حصل في دول أفريقيا الوسطى، وهي تنهب الثروات.

والأهم اليوم الذي لا يقبل التأجيل أن على الجنوبيين أن يتوافقوا على قاعدة الجنوب وطن لكل الجنوبيين والدفاع عنه واجب عليهم جميعا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى