كيف تتداخل مصالح الدول في منطقة ما بين البحر الأسود وقزوين؟

> تمثل منطقة البحرالأسود مكانا استرتيجيا وحساسا في آن واحد. البحر الأسود هو الطريق البحري الرئيسي الذي يربط أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والقوقاز بالبحر الأبيض المتوسط، كل هذا يجعل من هذه المنطقة مكانًا تتداخل فيه المصالح الجيوسياسية لعدد كبير من الدول.

وتطل على البحر الأسود ثلاث دول أعضاء في حلف الأطلسي وهي رومانيا وبلغاريا وتركيا، إضافة إلى أوكرانيا وجورجيا اللتين تجريان مفاوضات للانضمام إلى الناتو، وبالطبع روسيا أيضا التي تسعى إلى الهيمنة على البحر الأسود حيث تسيطر على شواطئ إقليم أبخازيا المنفصل عن جورجيا والحاصل على اعتراف روسي باستقلاله كما تملك روسيا -إلى جانب قاعدة سيفاستوبول- قواعد بحرية صغيرة في نوفوروسيسك وطوابسه وغيلينجيك.

في حين أن تركيا بوصفها دولة مطلة على البحر الأسود فهي ملزمة باتفاقية مونترو التي تحد من عدد وحجم السفن التي يمكن لدول غير البحر الأسود إرسالها إلى البحر.
في زمن الاتحاد السوفيتي السابق، كان لدى موسكو أقوى أسطول، "أسطول البحر الأسود"، الذي كان يسمح للقيادة السوفيتية بالسيطرة على الوضع. بعد انهيار الاتحاد، ذهب جزء كبير من هذه السفن إلى أوكرانيا.
في مارس 2017 أعلنت روسيا توسيع مجال عمل الطيران الحربي الروسي في منطقة البحر الأسود بأكمله، في ظل استمرار الخلاف حول شبه جزيرة القرم مع أوكرانيا والغرب.

وفي سياق متّصل، فإنه منذ مطلع العام ألفين، تعقد الدول الخمس المحيطة ببحر قزوين وهي روسيا وكازاخستان وتركمانستان وإيران وأذربيجان اجتماعات رفيعة المستوى لإيجاد حلول لما تواجهه من نزاعات بحرية عمرها عقدان. من الناحية الاستراتيجية، يوجد انقسام بين الخبراء حول أكبر مساحة مائية مغلقة التي تشكل بحر قزوين. فنظراً لثراء بحر قزوين بالنفط والغاز الطبيعي فقد تصارعت الدول الخمس المطلة عليه لتقاسمه، حتى تم الاتفاق بين الدول على معاهدة الوضع القانوني لبحر قزوين سنة 2018 بعد أكثر من 20 عامًا من المداولات. ويقضي الاتفاق بتحديد المياه الإقليمية ومناطق الصيد لكل دولة.

هذه المعاهدة التي أطلق عليها اسم "معاهدة الوضع القانوني لدول بحر قزوين" وقعها رؤساء الدول الخمس في أكتاو بكازاخستان في أغسطس في العام 2018. وقد شكلت نقطة انطلاق لعلاقات تعاون بين الدول الخمس في مجالات عدة من بينها النقل والتجارة والطاقة والبيئة. وتقول تقارير إن المنطقة تحتوي على ثروات هائلة تقدّر بخمسين مليار برميل من النفط ونحو 300 ألف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

بالنسبة لروسيا، يمثل كل من بحر قزوين والبحر الأسود "منافذ بحرية"، كما يوضح إيغور ديلانوي، نائب مدير المرصد الفرنسي-الروسي في موسكو حيث يقول "بهذه "المنافذ " يمتلك الجيش الروسي "منصات حربية تمكنه انطلاقا من بحر قزوين من إطلاق صواريخ كروز من نوع كاليبر، التي يبلغ مداها 2000 كيلومتر وهي قادرة على أن تبلغ أهدافا ما بين أوروبا الغربية وآسيا الوسطى"، مضيفا "إعادة تركيز البحرية الروسية على هذه المنافذ البحرية هي جزء من مناورة لإزالة التطويق وتهدف في الوقت نفسه إلى تخفيف الضغط الذي تعتبره روسيا أنه يخضع اليوم لحدودها الغربية والجنوبية".

في الفترة ما بين 21 إلى 26 سبتمبر، جرت مناورات "قوفاز 2020"، على أراضي المنطقة العسكرية الجنوبية وفي البحر الأسود وبحر قزوين تحت قيادة رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف. وشارك فيها نحو 80 ألف شخص، بمن فيهم موظفو وزارة الطوارئ والحرس الوطني، بالإضافة إلى ما يصل إلى ألف جندي من أرمينيا وبيلاروس وإيران والصين وميانمار وباكستان . أما إيران فأكدت على لسان قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني الأميرال حسين خانزادي عن "وجود بارجتين راجمتين حربيتين إيرانيتين في بحر قزوين، بالإضافة إلى وجود خطة للقيام بمناورات بحرية إيرانية جديدة قبل 20 مارس من عام 2021 المقبل".
أذربيجان ، التي كان من المقرر أن تشارك في "القوقاز 2020"، انسحبت أخيرًا لأن أرمينيا كانت مشاركة في المناورات، التي نظمتها روسيا

أما أوكرانيا التي تشهد نزاعا في الشرق مع انفصاليين موالين لروسيا، فهي ترى في هذه المناورات "تهديدا" وهي أجرت في موازاة ذلك تدريبات عسكرية منذ الثلاثاء شاركت فيها دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي.
يعد بحر قزوين أضخم بحيرة مغلقة على وجه الأرض بطول 1,200 كم وعرض 300 كم وعلى مستوى أكثر انخفاضاً من مستوى المحيط بـ 28 متراً، وهو محاط بعدة دول هي روسيا من الشمال والشمال الغربي وأذربيجان من الغرب وإيران من الجنوب وتركمانستان وكازاخستان من الشرق ويتَّصل بكارابوجازغول عن طريق قناة مانيتش.

والمدن التي تَطُل عليه هي: أستراخان في روسيا وباكو عاصمة أذربيجان وآستارا وبندرأنزلي في إيران وأكاتو في كازاخستان وتركمانباشي في جمهورية تركمانستان.
وفي الثالث من أبريل 2018 أعلنت روسيا، نقل أسطول بحر قزوين الروسي، من مقره في أستراخان إلى مدينة كاسبييسك في جمهورية داغستان الروسية تقول موسكو إن "أسطول بحر قزوين للدائرة العسكرية الجنوبية الروسية، ويقوم بتأمين المصالح الوطنية، التي تشمل تأمين الممرات التجارية والمشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب".

حصلت أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان الدول التي كانت تعمل جاهدة منذ سنين خلت من أجل تطبيق قانون البحاربين الدول الخمس الآنفة الذكر، على تعويضات كبيرة، مكّنت أذربيجان و تركمانستان من وضع خط أنابيب الغاز غازودوك، فقد تم تصميم خط الأنابيب لنقل الغاز الطبيعي من تركمانستان إلى أذربيجان لتيسير المزيد من النقل عبر رواق الغاز الجنوبي.

مع وجود 16 سفينة جديدة في بحر قزوين، شاركت ثلاث زوارق في تدريبات يوم الأربعاء الماضي والتي جرت قبالة ساحل داغستان . وشاركت في المناورات قاذفات الصواريخ الإيرانية من بينها جوشان وبايكان. وأشارت موسكو إلى رغبتها في التعاون العسكري مع إيران الدولة التي استمرت في السنوات الأخيرة في زيادة وجودها البحري في بحر قزوين.
وبرزت الأهمية الاستراتيجية لأسطول بحر قزوين الروسي عندما أطلقت سفنه سلسلة هجمات صاروخية ضد مواقع "داعش" في سوريا في أكتوبر عام 2015.

يورونيوز​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى