بعد 20 عاما من الانتفاضة الثانية.. البحث عن سبل جديدة لتحرير فلسطين

> القدس «الأيام» رويترز

> يسود المسجد الأقصى هذه الأيام هدوء يتناقض مع الاضطرابات التي شهدها قبل 20 عاما عندما أُطلق اسمه على الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت خارج جدرانه وخطّت فصلا جديدا داميا في الشرق الأوسط.
بدأت انتفاضة الأقصى التى اشتهرت‭ ‬أيضا بالانتفاضة الثانية بالحجارة والغاز المسيل للدموع قبل أن تتضخم لتصبح صراعا مسلحا سقط فيه أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني و1000 إسرائيلي قتلى.

وعندما خبت جذوتها بعد خمس سنوات، كانت التفجيرات الانتحارية في المدن الإسرائيلية والضربات الإسرائيلية بالطائرات والدبابات على البلدات الفلسطينية قد أحدثت استقطابا في الآراء على الجانبين. وانهارت آخر محادثات ترمي لإحلال السلام في 2014 وسادت منذ ذلك الحين حالة من الجمود.
يرمي زياد أبو زياد المقدسي ببصره من فوق جبل الزيتون صوب المدينة القديمة المسورة ويرى أوجه شبه عديدة بين الوضع الآن والوضع قبل 20 عاما.

أصبح أبو زياد الآن في الثالثة والثلاثين من عمره وعاصر انتفاضتين انطلقت أولاهما في أواخر الثمانينيات، ويبدو حلم الدولة الذي سعى أبو زياد لتحقيقه بعيد المنال اليوم مثلما كان في تلك الأيام.
غير أن جيله يحمل أيضا ذكريات حية من الطفولة عن العنف خلال سنوات الانتفاضة ورغم الانتكاسات السياسية الأخيرة يرفض كثيرون المرور بالتجربة المريرة من جديد.

قال أبو زياد إنه يعتقد أن الشعب الفلسطيني بحاجة للتحلي بالذكاء والتروي في التفكير قبل اختيار الطريق الذي يريد المضي فيه. ففي رأيه أن المهم ليس نهاية الطريق فحسب بل الرحلة نفسها التي سيذكرها التاريخ.
وأضاف أن الانتفاضة يمكن أن تحدث بأشكال مختلفة، فربما تكون باستعمال القلم والكتابة أو بفتح مدونة والتواصل مع الناس أو بجهد دبلوماسي رغم أنه يرى أن ذلك أصبح بلا طائل في الوقت الراهن.

الضفة الغربية
اشتعلت الانتفاضة في 28 سبتمبر أيلول من العام 2000 بعد أن قام زعيم المعارضة الإسرائيلي أرييل شارون، ضابط الجيش اليميني السابق الذي يمقته كثيرون من الفلسطينيين، بجولة في أكثر مناطق الخلاف بين الجانبين حساسية في القدس.
وتفجرت الاحتجاجات حول التل المقام عليه في القدس القديمة الحرم الشريف كما يسميه المسلمون بينما يطلق عليه الإسرائيليون اسم جبل الهيكل وتصاعدت الأحداث بسرعة.

وحمّلت إسرائيل الزعيم الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات المسؤولية وذلك بعد شهرين من فشل محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في كامب ديفيد.
وأثبتت الأيام أن هذه القمة الفاشلة كانت حدا فاصلا للجانبين. فالفلسطينيون غير مستعدين لقبول أي شيء أقل من دولة لها مقومات البقاء في الأراضي التي تحتلها إسرائيل الآن تكون عاصمتها القدس الشرقية بما في ذلك المدينة القديمة. وأعلن باراك على الملأ أن إسرائيل ليس لديها "شريك للسلام".

وعلى مسافة 13 كيلومترا شمالي المدينة القديمة يمكن للمهندسة الفلسطينية لين عنبتاوي أن ترى من إحدى شرفات بيتها القدس من ناحية ومستوطنة إسرائيلية من الناحية الأخرى.
تتذكر لين أنها كانت تلعب وهي طفلة في الرابعة من العمر ببلدة جنين في الضفة الغربية بالطلقات الفارغة خلال الانتفاضة وتقول إن أول مواجهة لها مع الإسرائيليين كانت مع جنود سيطروا على الأدوار العليا في بيت عائلتها لإطلاق النار على مخيم جنين للاجئين الذي يعد معقلا للمتشددين الفلسطينيين.

نشأت عنبتاوي في جنين وأمضت فترة الدراسة في نابلس وهي تعمل الآن في رام الله مقر الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود وشهدت تطور جيلها منذ سنوات الانتفاضة التي تصفها بالمرعبة.
وتقول عنبتاوي إن أصدقاءها بدأوا يركزون على أمور مختلفة إذ إن من الصعب القيام بأي تحرك حين يكون لديهم ما يخشون عليه من أطفال ومدارس ومستقبل وحياة بكل ما فيها حتى القروض.

وينصب تركيزها الآن على مسألة شخصية تتمثل في التنافس مع المهندسين الإسرائيليين على قدم المساواة.
وأضافت أن مجرد الوجود كفلسطينية مقاومة في حد ذاته وأن يكبر المرء قويا ومثقفا له صوت ولديه فكر وهدف هو المقاومة في هذه الأيام.

الخليل وغزة
رغم أن إسرائيل حاضرة في المناقشات، يشعر كثيرون من الشبان الفلسطينيين بالإحباط أيضا تجاه قياداتهم التي نكبت على مر السنين بخلافات قوضت ثقة الشباب في العمل السياسي.
ويتهم البعض القيادة بقمع حرية التعبير السياسي والقبض على الناشطين والصحفيين والتعاون، في رأيهم، مع إسرائيل في إدارة الضفة الغربية إدارة بوليسية.

وأطلق البعض مبادراتهم الشعبية الخاصة.
رسم باسل العدرا (24 عاما) مسارات سياحية حول قريته بالقرب من مدينة الخليل لتعليم الفلسطينيين أساليب الحياة في منطقة ريفية بين مستوطنات إسرائيلية محصنة.

وقال في مراسم تسلم جائزة اعترافا بالمشروع الخاص بأسرته إن أفضل وسيلة للمقاومة في رأيه هي المقاومة الوطنية السلمية وإن أهم شيء في الحياة هو أن تكون له حقوقه المشروعة مثل أي شخص آخر في العالم.
غير أن آخرين يعتقدون أن قوة السلاح هي السبيل الوحيد لتحقيق أهدافهم حتى في غزة التي سحبت منها إسرائيل مستوطنيها وقواتها من جانب واحد في 2005.

بعد ذلك بعامين سيطرت حركة حماس الإسلامية على القطاع وأصبحت غزة تحت حصار محكم تقوده إسرائيل منذ ذلك الحين.
وفي مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة شارك محمد شاهين (24 عاما) كثيرا في الاحتجاجات الأسبوعية التي نظمت على الحدود مع إسرائيل في 2018 وكان المحتجون يلقون فيها الحجارة والإطارات المشتعلة على الجنود الإسرائيليين.

ويقول شاهين إن الفلسطينيين يريدون انتفاضة لكسر الحصار وإخراج "الأعداء" من الأرض المحتلة.
ويضيف أنه لا مكان للإسرائيليين "هنا" وأن الأرض ليست أرضهم لأنهم جاءوا من بلدان غربية، مؤكدا أنه يدعم المقاومة سواء كانت بالحجارة أو الصواريخ أو السلاح أو الإطارات أو القنابل الحارقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى