تأثير نتائج الانتخابات الأمريكية على مستقبل الأوضاع في منطقتنا

> قد يعتقد البعض أنني طرقت باباً لا يمكن تغطية متطلبات وتبعات فتحه، بينما قد يرى البعض الآخر أن هناك مبالغة وتضخيماً غير منطقي لتأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية على منطقتنا، ويبررون ذلك بأن أمريكا دولة مؤسسات ولا يحدث تغيير كبير في سياساتها الخارجية مع خروج حزب من البيت الأبيض ودخول آخر وفقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية الأمريكية، والحقيقة من وجهة نظري المستندة على قراءتي ومتابعاتي المتواضعة أنه بالإمكان التعرف على شؤون الانتخابات الأمريكية ومعرفة تأثير ذلك التغيير على الأوضاع في منطقتنا، وأن الفرضية الثانية ليست صحيحة أيضاً، فتأثير التغيير للحزب الحاكم كبير ومؤثر على مجمل الأوضاع. فالكل يتذكر خطاب الرئيس الأمريكي السابق أوباما في القاهرة بداية ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، والذي تحدث عن السياسة الأمريكية القادمة تجاه الإسلاميين في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً تجاه الدول العربية وفقاً لمقتضيات الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة التي كانت قد بشرت بهما كوند ريزارايز، وأهم مؤشر واضح على تأثير فعل السياسة الأمريكية ما قالته كلينتون أنهم هم من زرع داعش في سوريا والعراق، أما زراعتهم للقاعدة في أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي حينها هناك، ثم تدخلهم لمحاربة القاعدة وداعش فلا تحتاج إلى تأكيد، كما أن الغرب قد رسموا الخطط ليصنعوا لنا الإسلام الذي يرتضونه ويحميهم من الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 م لبرجي التجارة في أمريكا مباشرة، وجرت أغلب تلك التطورات، والديمقراطيون في البيت الأبيض إذا انتهجوا سياسة تغيير الأوضاع في المنطقة في ثلاثة اتجاهات مهمة هي:

التغيير في الأنظمة السياسية.
التغيير في الدول من حيث عددها وحدودها.
التغيير في الإسلام لما يرتضونه لنا.

وفي الوقت الذي يمكن إحداث التغيير الأول بشكل سريع وتحقيق نجاح في ذلك، فإن التغييرات الأخرى هي أكثر صعوبة، لكنهم يركزون على زراعة البذرة لهذا التغيير، ويعتبرون هذا نجاحاً بحد ذاته، وسيأتي من الأجيال من يكمل فيما بعد إذا لم يتمكنوا هم من جني الثمار، ومن خلال خبرتي في عمل المنظمات الدولية الأمريكية والغربية بشكل عام فإنهم يعتمدون ثلاث آليات لتحقيق سياساتهم هي العمل من خلال الدبلوماسية، ومن خلال القوة العسكرية، ومن خلال تقديم الخدمات.

والمتتبع لسياسة الديمقراطيين في أمريكا فهي تختلف شكلاً ومضموناً عن سياسة الجمهورين، فهم يعملون من خلال سياسة تمت صياغتها بعد دراسة متأنية، فبعد أن وجدوا أن الأنظمة العربية الليبرالية المعتمدة على قمع الحركات الإسلامية بدعم من أصدقائهم في الغرب لم تستطع حماية الغرب ولا حتى حماية الأنظمة العربية لذاتها من الإرهاب، وأن سيطرتهم على الأنظمة السياسية وصداقتهم للغرب قد جعل الدول الغربية أمام معضلة لمحاربة الإرهاب الذي يتخفى بهذه الأنظمة أو يدثر بها، لهذا صاغوا سياسة إسقاط هذه الأنظمة من خلال الفوضى الخلاقة، وإظهار حركات الإسلام السياسي إلى السطح، أي تسليمهم الحكم، ووضعهم أمام خيارين أما القبول بالإسلام الذي يصنعونه لهم ومحاربة الإسلام الذي يطلقون عليه الإسلام المتطرف، أو يكونون هم الخصم ويسهل ضربهم عسكرياً، لأن دولهم مصدر للإرهاب وهم في الواجهة، كما عمدوا إلى زراعة المنظمات الإرهابية لنقل الصراع إلى شوارع ومدن العرب الإسلامية وشغلهم في ذاتهم لينجو الغرب من الإرهاب، وقد أوكلوا هذه المهمة لدول بعينها يعرفها الجميع من خلال الفوضى الخلاقة ووصول تنظيمات الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في عدد من الدول العربية، ومنها أهم دولة في الشرق الأوسط هي مصر العربية لولا قوة وصلابة الجيش المصري الذي أطاح بحكم الإخوان، ولولا حكمة السيسي لتحقق لهم ما أرادوا.

كما نجحوا في خلق الصراع في العراق وسوريا وليبيا واليمن بين الحركات السياسية الإسلامية أكان من خلال الصراعي المذهبي والطائفي، أو صراع الفرق والجماعات الإسلامية وتكفير بعضها لبعض، وبذلك يعتقدون أنهم أمنوا الشعوب الغربية في مدنهم وشوارعهم من الإرهاب، بينما الجمهوريون يعارضون هذه السياسية، ويتبعون سياسة الإبقاء على الأنظمة العربية الليبرالية الصديقة لتحفظ مصالحهم من جهة، وتدفع لدول الغرب المليارات مقابل حمايتهم كما صرح ترامب في بداية ولايته الأولى التي قال حينها: عليهم أن يدفعوا لنا الدولارات مقابل حمايتنا لهم، فلولا قواتنا التي تحميهم لما استطاعت تلك الدول النفطية الغنية الاستمرار في الوجود، وبالفعل تم دفع المليارات التي جمعها ترامب خلال ولايته الأولى. لهذا فإن للانتخابات الأمريكية تأثيراً كبيراً وجدياً على أوضاع المنطقة، ومنها أوضاعنا، فنجاح الجمهوريين سيكبح جماح الإسلام السياسي الإخونجي، وستكون له تأثيرات أخرى، ونجاح الديمقراطيين سينعشهم من جديد، ونعرف تأثير ذلك حتى على قضيتنا الوطنية الجنوبية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى