مطعم «كباب بالو».. شهرة وارتباط بعصر عدن الذهبي

> تقرير/ وئام نجيب:

> من أقدم المطاعم وأعرقها يعود افتتاحه إلى 1926م ..
احتلت شوارع وأزقة مدينة عدن القديمة (كريتر) شعبية عريقة منحتها مكانة تاريخية كبيرة، فكريتر سوق كبيرة يتفرع بحسب حاجة المتسوق، على سبيل المثال في شارعي الطويل والميدان تتواجد العديد من المحال التجارية القديمة، والبعض منها قد تم استحداثه وتغير نشاطه التجاري، ومنها لا تزال باقية حتى الآن وحاضرة في رواية الزمان والمكان.

أردنا في هذا التقرير البحث عن الأشياء العريقة الجميلة التي لا تزال باقية في عدن، ولم تتمكن مجريات الزمن والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلد من الحديث عنها، حقيقةً نحن بحاجة ماسة للرجوع إلى العصر الجميل في هذه المدينة التي تحتل مكانة تاريخية على مستوى العالم، فقد قيل عنها: (همسها دانة ودان، لا مكان فيها للقراصنة والحيتان، ولا صوت يعلو فوق صوت البلابل على الأغصان)، ويحن إليها أبناءها الذين اضطروا لمغادرتها والانتقال للعيش في بلد آخر، فبالرغم من رفاهية العيش الذي يتمتع به إلا أنه عند ذكر الحبيبة عدن تنتابهم حالة من الحنين والشوق لها بكل ما فيها من أسواق ووجبات وعادات تميزت فيها المدينة منذ القدم.
أُسام بالو وهو يعد الدجاج
أُسام بالو وهو يعد الدجاج

شهرة واسعة
اشتهرت مدينة عدن بأكلاتها الشعبية المتنوعة والمطاعم القديمة التي لها أكلات متميزة، ومن المطاعم الشعبية التاريخية المشهورة في عدن مطعم كباب بالو الكائن في نهاية سوق الطويل وبداية شارع الميدان في مديرية صيرة، وتميز بسر الخلطة فحتى اليوم لا تزال الناس تتساءل عن كيفية صنعها، ولا يمكن أن تمر من شارع الطويل دون أن تجذبك رائحة كباب بالو، وكأنها أصبحت عنوان لهذا الشارع.

افتتح الحاج محمد بالو المطعم عام 1926م حينها كان السوق فارغ ويحوي على عدد محدود من المحلات، وتولى من بعده أولاده أولاده إدارة المطعم وحالياً أحفاده سهيل وأُسام ياسين محمد بالو.
هو مطعم صغير بحجمه وكبير بشهرته، لا يوجد شخص في عدن أو خارجها لا يعرفه بل أنه ولتميزه لم تستطع كبرى المطاعم الشعبية والسياحية حتى أن تضاهي وتنافس هذا المطعم الصغير وتقدم مأكولات بمذاق مدخن يعطي خصوصية لمطعم بالو وشعبية.

الخلطة سر النجاح
يقول أُسام ياسين محمد بالو "للأيام": "ابتدأ الأمر بأن جدي محمد بالو كان لديه مطعم للكباب في الهند، ومن ثم انتقل إلى مدينة عدن وهو عازب آنذاك لكي يرعى شقيقته وأولادها بعد وفاة زوجها واستقر في المدينة وانشأ مطعم كباب بالو، حينها كان المطعم مخصص لبيع وجبة العشاء فقط (شاب) وهي عبارة عن قطع صغيرة من اللحم، إضافة إلى الكباب والكبدة، وفي التسعينات قمنا بإضافة وجبة الغذاء وهي عبارة عن دجاج بالفحم وأرز".

وعن الخلطة التي تميز بها كباب بالو قال: "شعارنا هو (بسر خلطته كل الناس أحبته)، نحرص على المحافظة على مكانة وعراقة المطعم وجودة ما نقدمه واسم عائلتنا، أخي الأكبر سهيل هو الجوكر والمختص بعمل خلطة الكباب، كونه عمل مع والدي في المطعم وأخذ الصنعة منه، حيث يقوم بإعداد الكباب من خلال استخراج الشحم من اللحم وإبقائه خالصاً خالي من أي أشياء أخرى ويقوم بفرمه وإضافة الخلطة المميزة ومن ثم يعمله في أسياخ ويشويه بالفحم، أما بالنسبة لطهي الدجاج فأنا أقوم بنزع جلد قطع الدجاج كي لا يتسبب في انبعاث الدخان بشكل كبير عند شويها ومن ثم أضيف عليها التتبيلة الخاصة بها وأشويها على الفحم".

وتابع حديثه "قسمنا العمل بيننا حيث أقوم بطهي وتجهيز وجبة الغذاء في وقت الظهيرة، بينما يتولى أخي سهيل الفترة المسائية لعمل الكباب ويقدمه للزبائن مع البسباس العدني، ونظامنا في البيع يتم من خلال الحجز، ولله الحمد الإقبال على المطعم ممتاز ونكتفي ببيع كمية محددة في اليوم الواحد ما يغطي نفقات أسرنا، ارتفاع الأسعار بشكل مستمر أثر علينا بشكل كبير، ومع ذلك فإننا نحاول التوازن في ذلك ونتقي الله في تعاملنا مع العاملين لدينا في المطعم وكذا الزبائن".

البساطة والتميز
يوضح أسام بالو "منذ افتتاح المطعم وحتى الآن وعملنا يعتمد على البساطة بشكل أساسي، وفضلنا شوي الكباب والدجاج باستخدام الفحم على الرغم من أنه كان بإمكاننا أن نستخدم الشواية بدلاً عن ذلك والتي ستساعد كثيرا في توفير الوقت والجهد؛ ولكننا فضلنا العمل البطيء بالفحم الذي يستغرق وقت أطول في النضوج، بما يضمن تميزنا بين المطاعم خاصة بعد أن انتشرت بشكل كبير في المدينة".

الحاج عادل حسين أحد زبائن المطعم قال "يعد كباب بالو من التراث في مدينة عدن، فقد اعتدنا المجيء إليه منذ زمن، وللأمانة فلا يزال المطعم محافظا على جودة ومذاق ما يقدمه حيث أن مذاق الكباب كما عهدناه، بعد أن تغيرت وتراجعت غالبية الأشياء في عدن، وعلى الرغم من بساطة المطعم إلى أنه من المواقع المحببة والمفضلة لدى الكثير، حينما ندخله نشعر أننا في عدن في عصرها الذهبي ويجتاحنا الحنين إلى ذكريات الزمن الجميل، حينما كنا نأتي إليه مع أقراننا بشكل مستمر، هناك أشياء تبقى خالدة وراسخة لا يتسنى لنا هجرانها مهما حيينا، منها مطعم بالو الذي نتمنى من القائمين عليه الاستمرارية في العمل والتميز".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى