فرنسا

> لا يفهم الغرب (الحرية) إلا بمعايير الكيل المختلفة، تسقط هنا (عدالة) الغرب وتظهر العنصرية. ونذكر الذين يتباكون على حقبة الاستعمار أن يعودوا إلى تعريفه في أضابير الأمم المتحدة، وأن الاستعمار لم ينقل بأساطيله إلى الأمم المستعمرة مفاهيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان المطبقة في الغرب وفي فرنسا تحديداً بعد الثورة الفرنسية عام 1789م.

وكانت بادرة الاستعمار الأولى في الوطن العربي حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798م قد حملت السفن الفرنسية مبتكرات النهضة الصناعية والعلمية من الرشاش والمدفع إلى المطبعة ناهيك عن العلماء في المجالات المختلفة، وكل ذلك ليس حباً لمصر والمصريين، وإنما لغرض الاستيطان الاستعماري في أرض الغير وتحويلها إلى قطعة من فرنسا.

كانت حملة نابليون بمثابة (الصدمة) التي أيقظت شعباً عظيماً ذكياً كالشعب المصري، طلقت بعدها مصر بالثلاث عهد المماليك واتجهت إلى النهضة.
هي فرنسا ذاتها التي احتلت الجزائر عام 1832م، ولم تحمل عصاها الاستعمارية إلا بعد تضحيات تجاوزت المليون ونصف المليون شهيد جزائري بعد ثورة هي ملحمة في كفاح الشعوب استمرت من عام 1954م حتي الاستقلال الناجز في عام 1962م.

هي فرنسا ذاتها التي احتلت سوريا ولبنان بعد الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918م بذريعة الانتداب وهي تغلي حقداً وكراهية على كل ما هو عربي وإسلامي، حيث وضع الجنرال (غورو) قدمه على قبر صلاح الدين الأيوبي بدمشق وخاطبه: (ها نحن عدنا يا صلاح الدين). إنهم بدون شك امتداد للحملات الصليبية - سيئة الذكر- على المقدسات العربية الإسلامية في فلسطين والشام.

وفي فترة انتدابها على سوريا سلخت عن البلد العربي لواء (إسكندرون) وسلمته لحليفتها تركيا.

عندما زار أمير الشعراء أحمد شوقي عاصمة الخلافة الأموية (دمشق) رثاها بقوله:

قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا

عفت على الرسم أحداث وأزمان

هذا الأديم كتاب لا انكفاء له

رث الصحائف باق منه عنوان

بنو أمية للأنباء ما فتحوا

وللأحاديث ما سادوا وما دانوا

كانوا ملوكاً سرير الشرق تحتهم

فهل سألت سرير الغرب ما كانوا

مررت بالمسجد المحزون أسأله

هل في المصلى أو المحراب مروان

تغير المسجد المحزون واختلفت

على المنابر أحرار وعبدان

فلا الأذان أذان في منارته

إذا تعالى ولا الآذان آذان

وكانت الثورة السورية قد انفجرت عام 1925م من جبال الدروز وعمت كل سوريا، فاستخدم الفرنسيون القوة المفرطة في قمعها بما في ذلك الطائرات، ودنسوا بسنابك خيولهم المسجد الأموي عندما اقتحموه مطاردين الثوار دون مراعاة لحرمته، وعندما وصلت الأنباء إلى مسامع أحمد شوقي رثى دمشق بقصيدته العصماء (نكبة دمشق):

سلام من صبا بردى أرق

ودمع لا يكفكف يا دمشق

ومعذرة اليراعة والقوافي

جلال الرزء عن وصف يدق

ألست دمشق للإسلام ظراً

ومرضعة الأبوة لا تعق

صلاح الدين تاجك لم يجمل

ولم يوسم بأزين منه فرق

لحاها الله أنباء توالت

على كف الوليّ بما يشق

وقيل معالم التاريخ دكت

وقيل أصابها تلف وحرق

رماك بطيشه ورمى فرنسا

أخو حرب به صلف وحمق

إذا ما جاءه طلاب حق

يقول عصابة خرجوا وشقوا

دم الثوار تعرفه فرنسا

وتعلم أنه نور وحق

وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت ودين مستحق

وللحرية الحمراء باب

بكل يد مضرجة يدق

تلعب فرنسا اليوم الدور ذاته الذي لعبته بالحروب الاستعمارية أو بحروب الجيل الرابع في سوريا تحديداً، لكن ما لم يخطر بالبال أن يتزعم رئيسها مانويل ماكرون الدور المسيء للإسلام ولرسولنا الأعظم محمد (ص) ضارباً بعرض الحائط مشاعر مليار ونصف المليار مسلم في العالم، ومصالح فرنسا الاقتصادية في العالم الإسلامي والبلدان العربية التي أقل ما يمكن أن يلجأ إليه هؤلاء المسلمون فيها هو مقاطعة البضائع الفرنسية.

كما أن هناك 8 % من سكان فرنسا مسلمون وهم في تزايد مضطرد، وربما يأتي يوم يضع فيه أحد هؤلاء قدمه على قبر ماكرون ويخاطبه: ها نحن هنا يا ماكرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى