مواطنون لـ"الأيام": أبين قدمت تضحيات كبيرة وتبحث عن إنصاف

> تقرير/ عبدالله الظبي

> يترقب الشارع الأبيني منذ عام ما ستتمخض عنه الأحداث في الساحة الجنوبية، وما قد يحدث من انفراجة في الرياض تتمثل بتشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب وفق اتفاق الرياض، وما يعقبها من حلحلة للأوضاع المأساوية التي تعاني منها المحافظة.
ويتطلع سياسيون وشخصيات اجتماعية التقتهم "الأيام" إلى دور لقيادات أبين وممثليها في الحكومة المقبلة، لانتشال المحافظة من وضعها المزري ومعاناتها المستمرة منذ عقود، والتي فاقمتها الحرب الدائرة التي قسمت المحافظة إلى ضفتين، وحشدت إليها مختلف أنواع الأسلحة والمقاتلين.

وأعرب عدد من الشخصيات الاجتماعية التقتها "الأيام" عن أملهم في تشكيل الحكومة القادمة واتجاهها لإصلاح الوضع الاقتصادي ومعالجة قضايا المواطنين، وإعادة إعمار ما خلفته الحروب، وقبل ذلك وقف الحرب وإعادة السلام والأمن إلى مناطق الشيخ سالم والطرية وشقرة.

نضال تاريخي
ويقول سالم صالح حيدرة الكلدي، مدير الإدارة السياسية بالقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة أبين، في حديثه لـ "الأيام": "أبين تحتل مكانة متميزة بين محافظات الجنوب جعرافياً وسكانياً وإستراتيجياً. ونجدها بموقعها تشكل خاصرة للجنوب".
وأضاف: "قبائل أبين سجلت حضوراً كفاحياً في معركة الثورة والنضال ضد الاستعمار البريطاني وأنجبت رموزاً وطنية لامعة، وقدمت كوكبة من الشهداء الأبطال في مختلف المراحل".

وأشار إلى إمكانيات أبين الزراعية والاستثمارية والسمكية والمعدنية، مضيفاً أن السلطات الاستعمارية تنبهت إلى موقع أبين التي تحولت إلى رقعة زراعية خضراء عقب الحرب العالمية الثانية، وشجعها على ذلك النهوض نقل الثقل الاستعماري البريطاني من الهند إلى مستعمرة عدن والمحميات الجنوبية، حسب المسميات البريطانية.
وأكد أن النهوض الزراعي والمدني والتعليمي والإقبال الكبير من قبل أبناء أبين على الانخراط في الجيش البريطاني آنذاك وانتشار التعليم، نتج عنه بروز طبقة شابة مثقفة ومتحمسة تعي أهمية التحرر من الاستعمار، من أجل توحيد أشلاء الجنوب المبعثرة على كامل تراب الجنوب وتم ذلك، وكان لها ولرجالها دور محوري.
وتابع حديثه قائلاً: "نتيجة التوجه القومي آنذاك وانتقاله لاحقاً إلى التوجه الأممي، تعرض الطموح الوطني إلى تدخلات سمحت للقوى الانتهازية التي ركبت ذلك التوجه، وبدأت بلعب دورها ضد الجنوب في زرع الفتن والأحقاد بين أبنائه".

خصومة الأبناء وتربص الأعداء
وأضاف: "لقد وجدنا أبين ضحية خصومة أبنائها، وتعاقبت عليها الأحداث والنكسات وردود الأفعال المعاكسة لتزيد أبين معاناة وتدميراً".

وتابع: "للأسف وجدت قوى الشمال فرصةً بعد الوحدة مستغلة الماضي المأساوي لتغذية الصراعات من خلال العناصر النفعية والانتهازية الضعيفة التي تم الاستعانة بها للانتقام من أبين بصورة خاصة والجنوب بصورة عامة، وبقيت أبين بعد سنوات وعقود ضحية لصراعات يرسمها ويغذيها الطرف الذي اجتاح الجنوب في حرب صيف 94م بدعم إقليمي ودولي للنيل من الجنوب وشعبه، وإضعاف دوره من خلال منح السلطات لعناصر محسوبة على أبين وضعت كأدوات تنفيذ مخططات العداء، واختزلت أبين بمجموعة من العناصر الحاقدة على وطنها وأهلها".

وأشار إلى أن هذا القتال وهذه الحرب اختارها لنا الأعداء، ونقلوها إلى أبين متذرعين بأحقية القيادات ذات الانتماء إلى أبين، وحاجة المواطن الماسة للمال نتيجة حالة الإفقار والتجويع، لاستغلال الشباب المغرر بهم، وضرب محافظتهم وأهلهم، وإلحاق الضرر بالنسيج الاجتماعي.

اختيار عناصر فاسدة
وقال: "كنتيجة حتمية لتلك الصراعات المتعاقبة، تعرضت أبين إلى الإهمال والتدمير، وتلاحقت عليها العصابات النفعية الانتهازية من قوى إرهابية وعسكرية مدعومة وموجه من أطراف قبلية وحزبية هدفها تدمير أبين وبنيتها التحتية، فتوقفت عجلة التنمية فيها منذ سنين وتشرد أبناؤها مع أن الكثير من أبنائها يشغلون مواقع سياسية وقيادية في السلطة، بما فيها رئاسة البلاد والعديد من الوزارات السيادية والدبلوماسية، والقيادات الوسطية للمؤسسات العسكرية والأمنية والخدمية والإيرادية".

وحول توقعاته بخصوص الحكومة المرتقبة، أضاف: "حكومة اتفاق الرياض طال انتظارها، وستكون مناصفة بين الشمال والجنوب، ومن خلال قراءتي للمشهد السياسي والمراحل المتعسرة التي مر بها حوار جدة ومن ثم الرياض، والذي تمخض عن اتفاق لم يرَ النور حتى اللحظة. ومع أنني لا أرى أفقاً يلوح بنجاح تنفيذ اتفاق الرياض بناءً على المعطيات الحالية، فإن أي انفراجة تحدث وتعلن عن تشكيل حكومة المناصفة فإنني أشك كثيراً في جدية انسجامها والقيام بدورها والتزامها بما اتفق عليه".

رقم صعب في معادلة الحل
من جهته، قال د. مروان جبور شاطري في حديثه لـ "الأيام": "أبين خاصرة الجنوب تاريخاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وسلة الغذاء لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وهي أم القيادات على مر العصور والأزمنة، وموقعها الإستراتيجي كهمزة وصل بين المحافظات الشرقية والغربية جنوب البلاد يجعل منها رقماً صعباً في أي معادلة، وفي أي حل وطريقاً مهماً للتجارة المحلية والدولية".

وأضاف: "ساحلها الطويل الممتد من محافظة عدن حتى محافظة شبوة يكسبها مكانة وشهرة عالمية، كما تحتوي المحافظة على عدد غير محدود من الآثار التي لم يتم التنقيب عليها، وكذلك الثروات النفطية والمعدنية حسب دراسات لشركات عالمية، ناهيكم عن أنها محافظة الرئيس الحالي للجمهورية اليمنية المشير عبدربه منصور هادي".

وتابع: "معاناة أبين اليوم وتغريدها خارج السرب رغم كل التضحيات التي قدمتها أمر محزن للغاية".

وألحق: "ما مرت به محافظة أبين من حروب وأزمات لا يختلف فيها اثنان. فهي مفتعلة وخلفها يقف حقد دفين على هذه المحافظة التي دفعت، ولا زالت تدفع فاتورة درب النضال الطويل، ويبقى الأمل معقوداً بصلاح النوايا، وفي غد مشرق نتطلع إليه من خلال اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية، وإن غداً لناظره قريب".

حروب مدمرة
من جهته، قال سالم الحربي في حديثه لـ "الأيام": "محافظة أبين قدمت الكثير من التضحيات منذ فجر الثورة، ولا زالت تقدم قوافل من الشهداء، والحروب الأخيرة أثبت فيها رجال أبين موقفهم الشجاع إلا أن كل الحكومات المتعاقبة لم تولي هذه المحافظة أي اهتمام. باستثناء محافظها محمد علي أحمد الذي أسس الكثير من المشاريع التنموية والترفيهية التي نقلت أبين إلى مرحلة أخرى من التطور الحضري والاقتصادي والرياضي، وبعد ذلك أصيبت أبين بالعديد من الكوارث التي تسببت بإعادتها إلى الوراء عقوداً من الزمن، ولم تقدم كل الحكومات أي مشاريع جديدة"

وأضاف: "المواطن الأبيني يعاني كثيراً من غياب الخدمات الأساسية كالماء، والكهرباء الطرقات، والتربية والتعليم".
وتابع: "ما نراه اليوم عبارة عن حكومة تجمع وزراء غير متخصصين لا يكترثون إلى هموم ومشاكل المواطنين".

تاريخ وموقع وفرص
من جهته، قال الشيخ أبو بكر العويني رئيس المفوضية الجنوبية المستقلة لمكافحة الفساد في محافظة أبين في حديثه لـ "الأيام": "أبين لها تاريخ عريق بما تمتلكه من مقومات الحياة تتنوع فيها التضاريس، والمناخ وفيها الأراضي الخصبة الساحلية والأراضي الزراعية في المرتفعات".
وأضاف :" أبين تمتلك أيضاً ثروة حيوانية كبيرة، كما توجد فيها الثروات السمكية والنفطية ايضا كما اشتهرت بزراعة القطن ومحلج القطن في الكود ومركز ابحاث الكود الزراعي شواهد على مجدها الزراعي".

عناصر فاسدة
وتابع قائلا: "وإذا أردنا أن نتكلم عن أبين بعد الاستقلال فقد لعبت أبين في انتشار التعليم على مستوى الجمهورية، حيث وصل المعلمون من أبين إلى شبوة والمهرة وسقطرى، وفي عهد الوحدة تم تهميش أبين واختيار عناصر فاسدة لا تمثل أبين بقدر ما تمثل مصالحها. لم نرَ أي مشاريع من بعد الوحدة، بل تم تدمير مصنع تعليب الأسماك في شقرة وتدمير المحافظة بشكل ممنهج من خلال إدخالها في حروب عدة، وسلمت لجماعات متطرفة ومازالت تنزف إلى اليوم".

تعويض ضحايا الحروب
وقال أسامة صالح علي الموقري في حديثه عن محافظة أبين: "أبين مازالت تدفع الثمن غالياً من أزمة إلى أخرى ومن حرب إلى حرب أخرى برغم أنها قدمت تضحيات في النضال، وقدمت قوافل من التضحيات على مستوى المحافظة أو المحافظات الأخرى، وعلى الحدود مع دول الجوار".
وأضاف: "تعرضت أبين للتدمير في حرب 2011م و 2012م، ومازال أبناؤها إلى اليوم لم يتحصلوا على التعويض العادل ولم تبنَ البنية التحتية للمحافظة، ولم نجد من ينصفها مقابل ما قدمته، وبرغم من وجود الكثير من أبنائها على كرسي السلطة".

بنية تحتية مسحوقة
وتابع: "من خلال التوافق حول تشكيل الحكومة الجديدة نأمل أن يلموا شمل الوطن الذي مزقته الصراعات والنزاعات والانقسامات والحروب التي راح ضحيتها من جميع الأطراف والأغلبية من المدنيين الأبرياء".

واختتم: "البنية التحتية سحقتها الحرب والإهمال والفساد، ونأمل من الحكومة الجديدة أن تعمل من أجل خدمة الشعب والوطن والتكاتف ولمّ الشمل والنهوض بالوطن وإعادة تأهيل البنية التحتية وإعمار ما خلفته الحروب، ونقول كفى صراعات.. كفى نزاعات.. كفى حروباً. الشعب يريد حياة كريمة وأمناً واستقراراً وتعليماً وصحة، وتثبيت العملة وحلولاً لمشكلة الاقتصاد المنهار والعملة التي فقدت قيمتها".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى