النقد البناء مرحب به

> أي عمل وطني عظيم لا يخلو من الشوائب التي تعلق فيه هنا وهناك، وأي هيئات وطنية وقادة عظام يرحبون بما توجه إليهم من ملاحظات وانتقادات بناءة بهدف تصحيح الأخطاء إن وجدت، وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة بعض الملاحظات التي توجه إلى نقاط مختلفة بعضها بناءة والبعض الآخر هدامة ومنها ما يصدر عن أعضاء في هيئات المجلس الانتقالي.

وأنا شخصيا لست ضد تقديم الانتقادات البناءة بل إنها مفيدة جدا، والمهم هو أن تطرح في الأطر ووفق التسلسل الهرمي وتتابع بهدف تصحيح الأخطاء، وفي نفس الوقت فإنني أرى أن الشفافية والعلنية هي آليات مفيدة جدا وتعبر عن عدم وجود الجدران الحديدية والعوازل والأسلاك الشائكة بين الهيئات والقيادات وجماهيرها الواسعة الممتدة على طول وعرض الساحة الجنوبية وعن ديمقراطية المجلس الانتقالي الجنوبي، بل وتساعد على أن تلتف الناس حولها وتوحد جهودها لتحقيق الأهداف المنشودة، لكن من المهم أن تسلط الأضواء على الظواهر والسلبيات لا أن تستهدف الأشخاص أو تحاول هد ما تم إنجازه، مع مراعاة الظرف الراهن والمنعطف الصعب الذي نمر فيه ومحاولات الخصوم للنيل مما حققها شعبنا واختطاف انتصاراته لإعاقته في تحقيق تطلعاته وإلا فإنها تنتقل إلى مربع آخر.

إن تأخير تنفيذ اتفاق الرياض وازدياد معاناة الناس المعيشية والخدمية وانهيار العملة في المناطق المحررة وثباتها في مناطق سيطرة الحوثي وبالتالي فارق الصرف الذي بلغ 44 % بين الريال القديم والجديد لصالح سكان مناطق سيطرة الحوثي وارتفاع الأسعار في الجنوب وثباتها في صنعاء، فكيس الدقيق الأبيض يباع في عدن بـ18 ألف ريال، بينما في صنعاء بـ12 ألف ريال، وهو ينقل من عدن إلى صنعاء وليس العكس، وعدم دفع المرتبات وتأخير تشكيل حكومة المناصفة وغياب القيادات من مختلف الاتجاهات وبروز حالات أمنية سيئة واشتداد المعارك في أبين وترك ما خلف أبين ساحة مفتوحة لتحرك القوى المعادية للقضية الجنوبية وقوى الإرهاب وسقوط قوافل الشهداء التي يقدمها الجنوبيون وغيرها من المعاناة، كل ذلك يجعل الناس تتكلم وقد ترفع صوتها يوما خصوصا وأنها ترى موقف التحالف برغم ما يقدمه من مساعدات خصوصا في الجانب الإنساني لا يرتقي إلى مستوى ما كان مأمولا منه ولا يخلو من الفساد، وترى أن هناك مؤشرات باتجاه استقبال صيف حار آخر في الجنوب.

إن الانتقادات التي تطرح في هذا الاتجاه بهدف تصحيح وتحسين الأوضاع ليست عيبا وهي مصدر قوة تمد القيادات الجنوبية بطاقة تجعلها أكثر صراحة مع دول الإقليم والعالم بأن شعبنا قد ضاق صبرا وزادت معاناته وأنه لابد من تحسين الأوضاع قبل أن تتفاقم الأمور ولكن مع مراعاة أهمية علاقتنا بدول التحالف التي مدتنا بمزيد من القوة السياسية والعسكرية وعززت من تطلعاتنا ومستقبل أجيالنا مثلما كلنا خير معين وخير سند لهم ومازلنا على نفس الخط.

ومن الزاوية الأخرى فإن علينا كشعب جنوبي ينشد الحرية والاستقلال أن نتحمل ونصبر طالما قيادتنا ماضية نحو تحقيق الهدف، وأن هذه المعاناة هي ثمن تحقيق تطلعاتنا وأننا لا نقبل أن يساومونا بتحسين الأوضاع مقابل تقديم تنازلات من حقوقنا المشروعة كشعب وهوية ودولة منشودة مهما كانت التضحيات، ولكن على القيادة أن تدير الأمور بحيث تكون هذه الكلفة في حدودها الدنيا.

إننا في عصر التطور التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات، وإن ذلك يعطي القيادة الفرص الكاملة للقيادة وإن كان من على بعد، فالمعركة السياسية والدبلوماسية لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية والاقتصادية والخدمية، وأن هناك قيادات موجودة على الأرض وفي قلب المعركة العسكرية والاقتصادية والخدمية لديها القدرة على التعاطي مع الأمور، وعلينا ألا ننظر لوضعنا في عدن بمعزل عن الوضع في منطقتنا ومحيطنا العربي، فعندما نتطلع إلى أوضاع دول عربية أخرى تعاني أكثر مما نعاني برغم ثرواتها الضخمة، فمن شاهد مصائب الآخرين هانت عليه مصيبته.

ولنا هنا أن نؤكد أن من حق أي شخص أن يختلف مع أي قيادي ولكن لا يختلف مع كل المجلس الانتقالي، وإذا اختلف مع المجلس الانتقالي فلا يجب أن يختلف مع شعب الجنوب أو يعمل ضد خيار الدولة الجنوبية المستقلة كاملة السيادة فهو جنوبي الانتماء والهوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى