​أهمية الرافعة السياسية الجنوبية

>
في عامي 2009 و 2010م كنا مجموعة من ناشطي الحراك الجنوبي السلمي معتقلين في غياهب سجون نظام الاحتلال اليمني التابعة للأمن السياسي في صنعاء، وكنا في أمس الحاجة لمن يدافع عنا، حينها، لكن للأسف الشديد وجدنا انفسنا وحيدين في صنعاء، ولا أحد يتعاطف معنا، وحتى الصحافة اليمنية الحزبية كانت تتداول خبر اعتقالنا من وجهة نظرها الحزبية، وتجير قضيتنا لما يخدم توجهاتها الحزبية ليس إلا، وفي ذلك نقابة الصحافة، وتضع موضوع الاعتقال في إطار حرية الرأي، وفي إطار المطالب الحقوقية ليس إلا، ولم تأخذ قضيتنا كقضية سياسية ينبغي النظر إليها وحلها.

زارنا مسؤولون ممثلون عن "اللقاء المشترك"، كانوا يوعزون إلينا أن بإمكانهم أن يدافعوا عنا بشرط أن نكتب بيانا نوضح فيه أن نضالنا يقع ضمن المطالب "المشروعة" في إطار حزبي، على أن نؤكد أننا ننتمي إلى أحد أحزاب "اللقاء المشترك". وكانت الإغراءات كبيرة جداً، فرفضنا حينها حتى التفكير في هذا الأمر مطلقاً.
وأتذكر أنه حتى "حزب الحق" المقرّب من الحوثيين هو الآخر كان يسعى إلى مغازلتنا عبر أحد الزملاء المقربين منه، وعبر هذا الزميل طلب أن نصدر بيانا نعلن أننا أعضاء لديه، وهو سيدافع عنا.

وعند انتقالنا إلى السجن المركزي في صنعاء زارنا "سمير جبران" رئيس تحرير صحيفة المصدر أونلاين، والتقى بأحد الزملاء وأبلغه أن "حميد الأحمر" أرسله إلينا يستميلنا على أن نصدر بيانا (ربما كان جاهزا لديهم) نعلن فيه أننا حقوقيين وناشطين سياسيين ضمن اللقاء المشترك ويتعهد "الأحمر" بأنه سيخرجنا من السجن ويرتب أمورنا، فحين أبلغنا زميلنا برسالة "حميد الأحمر" التي أوصلها إليه "سمير جبران" رفضنا الأمر جملة وتفصيلا.

ما ذكرته هنا أود أن أشير فيه إلى أننا كنا نخوض النضال منفردين، ولا يتعاطف معنا إلا من أراد أن يجير نضالنا لمصلحة أجندته الحزبية في حينها، وكنا نتمنى أن نجد طرفا سياسيا يكون رافعا لقضيتنا السياسية ومدافعاً عنها، ورغم أن رسالتنا السياسية في معتقلاتنا كانت تفرض نفسها عند الرأي العام المحلي (الجنوبي) والخارجي العربي والأجنبي بوجود أفراد جنوبيين في منظمات خارجية، وبفعل الصوت العالي لشعبنا المناضل الصبور، وبفضل التضحيات الميدانية الجسيمة التي يقدمها شهداء الجنوب، إلا أن العالم ظل يتعامل مع قضيتنا بحذر شديد، وبغير اعتراف رسمي لا من الدول منفردة، ولا من الهيئات الدولية ككل، حتى الدول التي كانت تستضيفنا حينها، كانت لا تتعامل معنا  كأصحاب قضية تعترف بها رسمياً، بل كانت تتعامل معنا من تحت الطاولة، ولما يخدم أجندتها في المنطقة.

حتى حين كنا نحاول أن ندافع عن أنفسنا بأي تشكيلات مسلحة كانت تلقى اعتراضات كبيرة، وكانت تعتبرها الحكومة اليمنية مليشيات مسلحة، وليس هذا فحسب، بل إن السلطات اليمنية، وبمساندة الإعلام العربي المعادي، كانت تحاول أن تصمنا بتنظيم القاعدة الإرهابي، حتى أنهم ابتدعوا مصطلحا أطلقوه في إعلامهم (الحراك القاعدي).

حين كنا في دهاليز سجون صنعاء كنا نتمنى أن يكون لدينا من يدافع عنا، وعن قضيتنا الجنوبية، ونعرف الأهمية القصوى، لأن يكون لدينا كيان جنوبي شرعي معترف به رسميا، ويحمل قضية شعب الجنوب بأمانة وحرص دون أن ينتقص من حقنا في النضال الشرعي أولاً، وحقنا في الانتصار للقضية الجنوبية، بتعرفيها الحقيقي وبأهدافها التي يحملها شعب الجنوب ويناضل في سبيل تحقيقها المتمثل في استعادة وبناء دولته المستقلة على تراب أرض الجنوب كاملة.

اليوم ونحن نشهد إعلان تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب، التي فرضها المجلس الانتقالي الجنوبي، وفق اتفاق الرياض الموقع في 5 نوفمبر 2019م في الرياض من قبل "الانتقالي" والحكومة اليمنية، وشهدها العالم، والكل يعرف أن "الانتقالي" تأسس كحامل لقضية شعب الجنوب القضية السياسية التي يناضل من أجل الانتصار لأهدافها المشروعة في تحرير الجنوب وبناء، دولته المستقلة، ونحن نمتلك قوات عسكرية وأمنية كبيرة يجري تسليحها من قبل التحالف العربي، ويجري التفاوض معها دون أن يجرؤ أي طرف رسمي أن ينعتها بمليشيات، أو يرفض التعامل معها، وهنا تكمن أهمية وجود رافعة سياسية شرعية لقضية شعب الجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى