​ما الأهم في تشكيل حكومة المناصفة؟

> تم إعلان حكومة المناصفة بين الجنوب واليمن وفق اتفاق الرياض، ومن نافلة القول أن الجنوبيين جادون في تنفيذ مضمون اتفاق الرياض وحشد الجهود والطاقات لتحقيق أهداف الجنوب واليمن ودول التحالف برئاسة عبدربه منصور هادي ضد المشاريع المعادية للمنطقة.
ولن نتماهى كثيرا مع المناكفات التي ظهرت إثر تشكيل هذه الحكومة بين مختلف الأطراف بعضها بقصد والبعض الآخر بغباء، فالبعض يرى أن المناصفة في الحكومة كانت موجودة بل وبنسبة أكبر للجنوب قبل توقيع اتفاق الرياض، والبعض يذهب إلى تفاصيل الانتماءات السياسية للوزراء الجنوبيين ويرى أن الوزارات التي خصصت للانتقالي هامشية، وآخرون يرون أن عودة الحكومة إلى معاشق ورفع العلم اليمني هي مشكلة بحد ذاتيها، وآخرون يرون أن الانتقالي بهذه الحالة قد أصبح مكونا سياسيا مشاركا في حكومة فاسدة، والبعض يقول إن الانتقالي قد فرط في دماء الشهداء، وأن اختيار الوزراء الجنوبيين لم يكن موفقا، وهناك من ينحو منحنى آخر فيرى أن الانتقالي قد نجح في استبعاد بعض الشخصيات من التشكيلة الحكومية، ويشير إلى أسماء وزراء جنوبيين كانوا في الحكومة السابقة غير مدركين خطورة مثل هذا الترويج على مستقبل اللحمة الجنوبية، كما يذهب البعض إلى القول إن الانتقالي قد فرض شروطه نتيجة فشل المليشيات الإخوانية من التقدم على الأرض ولو خطوة واحدة خلال حرب دامت لأكثر من عام في رمال شقرة، والبعض يراها تنفيذا لمخرجات حوار صنعاء، خصوصا أنه ورد في ديباجية القرار إشارة إلى ذلك.

ونحن لا نرى حقيقة كاملة في ما تحمله أي من هذه الآراء، وندرك أن كل إشاعة تحمل جزءا من الحقيقة أو تتدثر بها على الأقل لكنها تهدف إلى ما أبعد من ذلك وتخدم أهدافا وأجندات سياسية معينة ولا تعكس الواقع أو الحقيقة كما هي.
لكن يسأل الناس، ومن حقهم هذا السؤال، طيب ماذا تحمل لنا هذه الحكومة؟ وبماذا تختلف عن سابقاتها؟ وما أهميتها للجنوب وقضيته العادلة؟ فمن وجهة نظرنا الخاصة نرى أن هذه الحكومة تحتل أهمية بالنسبة للجنوب في الآتي:
- أولا وقف الحرب وسفك الدماء على الأرض الجنوبية وإعطاء فرصة للسلام وإعادة ترتيب الجهود الجنوبية لاستعادة الجنوب واستقلاله ودولته.

- الانتقال من الصراع المسلح بين الجنوبيين وأعداء القضية الجنوبية على الأرض الجنوبية إلى الصراع على الحدود، أي إلى موقعه الطبيعي، وانتقل الصراع إلى الخناق بالعناق في معاشق.
- لقد جاءت هذه الحكومة بعد اتفاق وقع فيه المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على تشكيلها مناصفة بين الشمال والجنوب برعاية إقليمية علنية ومباركة دولية، وهذا اعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي كممثل للجنوب وباسط السيطرة على الأرض الجنوبية وأن الحكومة اليمنية وقعت معه على هذا الاتفاق اعترافا بالواقع الذي لم ولن تستطيع تجاوزه، وقد دفعت الأجنحة المتطرفة فيها لمحاولة القفز على الواقع الجنوبي وحشدت ومولت من مختلف الأشكال والألوان للانقضاض على الواقع الجنوبي الجديد بالقوة ولكنها فشلت فشلا ذريعا.

- أما القول بأن مثل هذه المناصفة كانت قائمة قبل هذه الحكومة وربما بعدد يفوق النصف، فهي كلمة حق يراد بها باطل، لأن الحكومات السابقة كان يتم اختيار الوزراء الجنوبيين فيها من قبل قوى النفوذ اليمني، أي أنهم يختارون هم من يمثل الجنوب وفي العادة يختارون من يخدمون مصالحهم ويجعلونهم في حالة عداء للجنوب، ومهددين بأنه يمكن إقالتهم في أي لحظة، على عكس واقع هذه الحكومة الذي تم اختيار وزرائها الجنوبيين من الند الجنوبي وبالتوافق مع حاملي الإرادة الجنوبية، وبرعاية إقليمية ودولية، وبالتالي يشكلون كتلة جنوبية بإرادة جنوبية وخلفهم كيان سياسي معترف به، ولهذا لا يمكن تهديدهم أو سلب إرادتهم.

- إن هذه الحكومة قد تم تشكيلها فعليا على أساس اتفاق الرياض مئة في المئة حتى وإن أشير في ديباجية القرار إلى بعض المرجعيات، فهي إشارات بروتوكولية شكلية توجه رسائل ليس المعني فيها الجنوبيون، هذا الاتفاق الذي يهدف إلى إخراج القوات اليمنية من على الأرض الجنوبية وتوجيهها باتجاه جبهات القتال مع الحوثي على الحدود الشمالية الجنوبية ستكون هي التصفية الأخيرة للاحتلال العسكري اليمني للجنوب العربي.

ومن وجهة نظري لا نتوقع أن تعمل هذه الحكومة كثيرا على صعيد إعادة بناء المؤسسات الحكومية الجنوبية أو تحسين الخدمات أو تحسين مستوى معيشة الشعب، لأن تلك الأهداف لن تحققها إلا حكومة جنوبية مستقلة كاملة السيادة على الأرض الجنوبية، ولكن نتمنى أن تحقق هذه الحكومة بعض الشيء على هذا الصعيد، والتي أرى عمرها قصيرا جدا جدا لا يمكنها حتى من ترتيب أوراقها كاملة، لأن العالم قد مل الحرب اليمنية ومن المتوقع أن يذهب إلى وقفها وإحلال السلام والانتقال إلى العملية السياسية الشاملة التي ستضع الحلول النهائية للمنطقة برعاية الأمم المتحدة.
والتنبيه هنا واجب للوزراء الجنوبيين أن يكونوا عند مستوى المسؤولية الوطنية التي وضعهم شعبنا عندها، وأن لا يخذلوه وإلا سيعودون منكوسي الرؤوس كما هو الحال لوزراء جنوبيين وقعوا في مستنقع الفساد فأصبحوا في حالة خصومة مع شعبهم وقضيته العادلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى