الاصطفاف الوطني الجنوبي

> ما سوف أكتبه هنا يختلف عن كتابات سابقة، وسوف أحاول أن أقدم فكرة لتحقيق الاصطفاف الوطني الجنوبي مسترشدا بآلية ( 5Ws)، أي الأسئلة الخمسة الشهيرة التي تبدأ بالحرف الإنجليزي (W)، لأن الملاحظ أن الكل مندفع بعاطفية ورغبة جامحة لتحقيق هذا الاصطفاف الذي ننشده جميعا.
وبعيدا عن العواطف والتمنيات فإن الاصطفاف الوطني الجنوبي يتحقق على أساس التوافقات التي ينتجها حوار وطني جنوبي يقام على أسس تجسد وتعبر عن القواسم المشتركة الجامعة لأفراد وأطياف الشعب الجنوبي، وقبل ذلك لا بد أن نجيب عن السؤال الأول من الأسئلة الخمسة وهو:

لماذا الاصطفاف الوطني؟
القضايا الوطنية الكبرى التي تواجه شعوب العالم مجتمعة أو منفردة تحتاج إلى توحيد الجهود والطاقات لمواجهة التحديات التي تفرضها هذه القضايا والتي من أهمها التناسب بين الإنتاج والاستهلاك والفجوة القائمة هنا وهناك (الفقر) ومتطلبات التطور العلمي والتكنولوجي وثورة المعلومات وقضايا البيئة والحريات وحقوق الإنسان، وهي كذلك في منطقتنا وفي وطننا الجنوبي الذي عانا ومازال يعاني من ويلات الاحتلال والاستبداد وله قضية وطنية كبرى خاصة به هي قضية (وطن ودولة وسيادة مغتصبة) أمامها جملة من التحديات التي تتطلب الاصطفاف الوطني الجنوبي وتوحيد الجهود والطاقات لمجابهتها، وأهمها:

- الموقف الدولي من القضية الجنوبية الذي لم يرتقِ بعد إلى مستوى تطلعات شعب الجنوب، وهذا يتطلب التأثير عليه من خلال التغيير على الخارطة السياسية على الأرض بما يفرض عليهم التعاطي الإيجابي مع تطلعات شعب الجنوب وحتى يدركوا أن مصالحهم لن تتحقق إلا بتحقيق تطلعات شعب الجنوب العربي، وأنه لا توجد أي خيارات أمامهم لتأمين مصالحهم إلا مع شعب الجنوب.

- موقف قوى النفوذ اليمنية التي أثرت خلال سنوات الاحتلال اليمني للجنوب ومن الصعب أن تتخلى عن مصادر ذلك الثراء، ولهذا فهي تحتاج إلى اصطفاف وطني لمجابهتا.

- الموقف الوطني الداخلي الذي يشهد بعض الانقسامات في الصف الجنوبي وإيجاد تشوش حول تمثيل الجنوب وتطلعات شعبه المشروعة.

- شكل الدولة الجنوبية المنشودة ونظامها السياسي.

- تحدي التدمير الشامل لقطاعات الاقتصادية الإنتاجية وتدمير البيئة وخصوصا بيئة الاستثمار والبسط العشوائي على الأراضي وانهيار العملة وتبعات ذلك على حياة الناس.

- التحديات العسكرية والأمنية والإرهاب وانهيار المنظومة الأمنية والدفاعية

لهذا فنحن اليوم بحاجة إلى اصطفاف جنوبي يمكن أن يكون نتائج لتوافق وطني كان نتائج لحوار وطني جنوبي.

كيف يمكن أن يتحقق ذلك الاصطفاف؟
هذا هو السؤال الثاني من الخمسة الأسئلة (التي تبدأ بالحرف الإنجليزي W ) التي نبني عليها فكرتنا.

ففي بداية هذه العملية التي ستوصلنا إلى الاصطفاف الجنوبي يجري الاتفاق بين مختلف مكونات وفئات الشعب والشخصيات على أسس وآليات وأهداف الحوار الوطني، ويفضل أن تقدم كمسودة من الداعي إلى هذه الحوار، ليتم التوافق عليها من خلال المكونات السياسية والمجتمعية، ويمكن أن تناقش في الوحدات الإدارية المختلفة بحيث يمكن إنتاج وثيقة مهمة هي وثيقة أسس الحوار الوطني الجنوبي وأهدافه وآلياته، وهذه المرحلة ممكن أن نسميها المرحلة التمهيدية للحوار الوطني الجنوبي. وسيتم الحوار من خلال عدة مراحل:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة مهمة جدا تتم على أساسين اثنين أو مرجعيتين أو سقفين سمهما ما شئت.
الأول: الجنوب وطن وهوية وطنية جامعة لكل أبنائه بمختلف انتماءاتهم السياسية والعقدية والفكرية...إلخ.

وتحت هذا السقف يجري الحوار بهدف إنتاج مبادئ ومحددات وآليات العمل الوطني المشترك، وهذا فضاء واسع للاصطفاف الجنوبي لكل الجنوبيين، إلا من لا يرى أن الجنوب ليس وطنا ولا هوية وطنية فهذا شأنه، وهو أكبر اصطفاف على الإطلاق.
الثاني: إرادة شعب الجنوب أساس ومصدر شرعية كل سلطة وقرار مصيري على أرض وطنه، ويعبر عن ذلك بطريقة مباشرة من خلال الانتخابات والاستفتاءات وبطريقة غير مباشرة من خلال المؤسسات المنتخبة.

ولا نستبعد أن هناك آراء مختلفة، فقد أجريت نقاشا مع أحد السلاطين المحترمين وهو عالي الثقافة، فكان رأيه أننا ننشد نظاما يشبه نظام ماليزيا، أي جزءا من السلطة يكون منتخبا والجزء الآخر على أساس المكانة الاجتماعية والتاريخية، ولن أخوض في التفاصيل لكن هذا رأي يحترم ويمكن أن يأخذ حقه في الحوار.
وما يهدف إليه الحوار تحت هذا السقف هو الوصول إلى إنتاج وثيقة مبادئ وضوابط تمثيل القضية الجنوبية طبقا لمضمون ومتطلبات مرجعية الإرادة الشعبية وهنا سينتج اصطفافا، إما أن يكون مساويا للاصطفاف الأول أو أقل منه.

المرحلة الثانية: ستتناول هذه المرحلة الأهداف الوطنية المبنية على أن القضية الجنوبية بوصفها قضية (وطن ودولة وسيادة مغتصبة) تتطلب صياغة لمشروع حلها، بوصفه مشروع استعادة شعب الجنوب لسيادته ودولته وثيقة (استعادة السيادة كاملة).
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة متعددة المسارات يجري فيها الحوار حول ملامح المشروع الوطني الجنوبي الجامع (الجنوب الجديد ودولته الوطنية الفيدرالية المستقلة) وسيتم إنتاج وثيقة مبادئ وملامح الدولة الجنوبية المنشودة.

ومن أبرز مسارات هذه المرحلة:

- مسار رسم الإطار العام لمضامين وأهداف مشروع التصالح والتسامح الجنوبي.

- مسار صياغة أسس ومبادئ بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة.

- مسار صياغة أسس ومعايير التقسيم الإداري للأقاليم.

- مسار صياغة مبادئ وأسس النظام الانتخابي.

- مسار صياغة مسودة دستور الدولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى