أرض الذهب الأبيض الفقيرة.. باتيس الماء والخضرة والمجاري الراكدة

> تقرير/ سالم حيدرة صالح:

> سلة غذاء الجنوب تسمية طالما أطلقت على محافظة أبين الزراعية، خاصة منطقة باتيس التابعة لمديرية خنفر التي تتميز بتنوع إنتاجها الزراعي ما بين خضروات وفواكه وحبوب، حيث إنها واحدة من أهم المناطق الزراعية الخصبة في دلتا أبين.
وتقع المنطقة الزراعية على سد باتيس في وادي بنا، ويصدر من هناك أجود أنواع الموز على مستوى الجنوب والذي يتم تصديره إلى المحافظات الأخرى وكافة دول الخليج، إلى جانب إنتاجها للقطن طويل التيلة "الذهب الأبيض" والفول السوداني والسمسم وأنواع مختلفة من الخضروات والفواكه والبقوليات.

ونظرا لخصوبة التربة وتنوع المنتوجات يعمل معظم سكان باتيس في مهنة الزراعة، إلا أنهم لا يتذوقون حلاوة ما تنتجه هذه الأرض ولا ينعمون بعائدات خيراتها التي عمت البلاد والبلدان المجاورة، فالمنطقة تعاني من إهمال ونسيان لاسيما من مكتب الزراعة الذي يتجاهل أهمية باتيس، والمزارعون يشكون تعرضهم للخسائر بعد أن تسببت السيول الجارفة بتدمير الأعبار والسدود وقنوات الري.

وقال عدد من المزارعين في حديث لـ "الأيام" إنهم يجنون ثمرة الموسم من خلال حصاد منتوجهم الزراعي بعد عناء وتعب، لينالوا الفائدة نهاية كل موسم زراعي، "إلا أن ما لحق بنا من خسائر جراء تدني أسعار بعض المحاصيل هذا الموسم كلفنا الكثير ولم نجد الفائدة".

وأوضح عضو المجلس الانتقالي الجنوبي فاروق علي عبيد أن منطقة باتيس "واحدة من أهم المناطق الزراعية الخصبة التي تزرع فيها جميع أنواع البذور والمانجو والبطيخ واللوز وجميع أنواع الذرة والخضروات، إلا أن ذلك لم يشفع لمزارعيها الذين يعانون الأمرين في ظل غلاء الأسعار والديزل الذي أثر عليهم، فيما يواصلون زراعتهم بلا عائد مادي وربما بخسارة".

ويعتمد معظم المزارعين على الأمطار الموسمية في ري أراضيهم الزراعية في ظل عدم توافر الآبار، ويحرصون على زراعة السمسم والبطيخ والذرة لما لها من عائد كبيرة نهاية الموسم.
ويشير المزارعون إلى الحاجة الملحة لإعادة تأهيل السدود والأعبار والعقم ليستفيدوا من سيول الأمطار في ري أراضيهم ويعوضوا الخسارة التي لحقت بهم.

وعدد المهندس الزراعي عبدالقادر خضر السميطي أهم المحاصيل التي تجود بها منطقة دلتا أبين وهي: "محصول القطن طويل التيلة وهو من أشهر المحاصيل النقدية على الإطلاق، وتراجع هذا المحصول بسبب عدم وجود دعم من قبل الدولة، لأن العائد المالي لا يغطي تكاليف الإنتاج، ولهذا عزف المزارعون عن زراعة القطن ولم يبقَ سوى قلة من المزارعين والذين مازالوا مستمرين على زراعته، الفول السوداني وهو محصول نقدي هام ويحتل المرتبة الأولى، السمسم ومحاصيل الحبوب بأنواعها، الخضار بكل أنواعها، الطماطم والفلفل الأحمر والأخضر والبصل الأخضر والأحمر والباذنجان والكبزرة والكراث والكوسا والقرع العسلي، البطيخ والشمام والخيار والبيبار، وكثير من الخضار الورقية، إضافة إلى المانجو والليمون والعاط والجوافة والبابايا والتمر".

وإلى جانب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتدمير السدود والأعبار يواجه المزارعون مشاكل عدة منها ارتفاع أسعار البذور المستوردة والمهجنة مثل بذور الطماطم والبصل والشمام، وتكاليف شراء منظومات الطاقة الشمسة والمبيدات التي لا تتناسب مع وضع المزارعين.

وظهرت في السطح مؤخرا مشكلة ليست وليدة اللحظة، إنما هي نتيجة لإهمال من قبل الجهات المختصة، وهي توافر الأصناف المحسنة والجيدة بسبب تعطل عمل مركز أبحاث الكود الزراعي الذي تعرض للنهب والسطو على ممتلكاته من أراضٍ زراعية ومبانٍ، وإتلاف المختبرات والمكتبة التي تحوي وثائق زراعية وبحوثا جراء العمل عليها منذ تأسيس المركز في عام 1955م.

المزارعون هنا يعرفون أهمية ودور مركز الأبحاث ويطالبون بشكل عاجل بإعادة تفعليه، كونه أحد أعمدة الدعم للمزارعين الذين أنهكتهم أسعار المشتقات وأصبحوا يحلمون بالفائدة والعائد من المحصول نهاية الموسم، فمن الصعب أن يتمكنوا كأفراد من إجراء بحوث تتطلب ميزانية مستقلة لإجرائها، "لا بد أن يعود مركز الأبحاث لممارسة نشاطه، ومن أجل أن يمدنا بمخرجات وتقنيات زراعية ممكن نشرها وتعميمها على المزارعين، العمل الزراعي الآن يمشي بالبركة وكل واحد منا يعتمد على نفسه بدون تخطيط أو إرشاد مع الأسف الشديد".

صالح أحمد الحوتري، أحد مزارعي باتيس، يقول: "المنطقة يزرع فيها العديد من أنواع الخضروات والذرة والسمسم والقطن، وهي من الأراضي الزراعية الخصبة التي تدعم خزينة الدولة بالملايين، لكن ما يحز في النفس إنه لم يتم الاهتمام بهذه المنطقة الزراعية من قبل السلطة المحلية والدولة على الرغم من شهرتها كسلة غذائية، وحالنا خير شاهد على ذلك".

وأضاف الحوتري: "نعاني من الأضرار التي خلفتها سيول الأمطار إلى اليوم، على مكتب الزراعة والري القيام بدوه في تأهيل السدود والأعبار والعقم حتى لا تذهب مياه السيول هدرا إلى البحر ونحن في أمس الحاجة لها لري أراضينا الزراعية".
فيما عبر المزارع علي أحمد سعيد عن أسفه لافتقار منطقة زراعية بحجم باتيس لمشروع مياه الصرف الصحي، "السلطة المحلية في مديرية خنفر عجزت عن إنجاز هذا المشروع الحيوي ما حول باتيس إلى بحيرات راكدة لمياه الصرف يرتع فيها البعض على مرأى ومسمع من الجميع".

من جانبه أكد مدير إدارة الري م.عبدالله طبيق أن إدارة الري تسعى إلى إعادة تأهيل جميع قنوات الري والسدود والأعبار بدلتا أبين الخصب والتي تعرضت لأضرار كبيرة جراء تدفق السيول من واديي بنا وحسان، مشيرا إلى أن الإدارة وضعت خطة عمل من لتأهيل جميع القنوات وإعادة ما خربته السيول رغم شحة الإمكانيات.
وقال: "لا توجد لدينا في الإدارة حتى وسيلة مواصلات لكي نقوم بتفقد القنوات والسدود، لكن مثل هكذا صعوبات لن تثنينا عن أداء مهامنا التي وجدنا من أجلها، نعي ونقدر أهمية منطقة باتيس كرافد هام للمنتجات الزراعية ونسعى للقيام بواجبنا تجاهها".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى