المنصب

> يقال: عندما يكون الشخص أكبر من المنصب تجده خدوماً ومتواضعاً ومنتجاً، وحين يكون المنصب أكبر من الشخص تجده مغروراً وأجوفاً ومتسلطاَ، لكن المصيبة عندما لا يفهم شاغل المنصب "المسؤول" التفريق بين التكليف ودافع التشريف، بين الإخلاص للوظيفة واحترام السلطة كأمانة، وتحمل المسؤولية الأخلاقية وبين عدم الوفاء الوظيفي .

الثقافة السائدة في مجتمعنا اليمني حول تعين الفرد لمنصب كبير أو صغير في مؤسسة أو وزارة حكومية هو أن هذا المنصب مكافأة لـــ(فلان أو علان)، ومعه يبدأ التطبيل والعزف على وتر الذكاء والمهارة لهذا الشخص، مرفقه بالهدايا والتهاني من والأصدقاء وزملاء الدراسة والأهل، وهذه الثقافة مشكلة ومقلقة، لأنها تسبب إحراجا لبعض المسؤولين الذين هم بالفعل كفاءات، ويستحقون المنصب بجدارة، والكلمة الطيبة، وفي نفس الوقت يحشر معهم في نفس سلة المديح الفشلة من جماعة النرجسية الذاتية والشهادات المزيفة، ولهذا لابد للإعلاميين والمثقفين التخفيف من هذه الضجة والهالة "التلميعية" لكل من شغل منصبا كبيرا أو صغيرا.

الكثير من الناس تأمل أن تتمكن القوى السياسية اليمنية وممثلوها، ممن يشغلون مناصب المسؤولية الكبرى والصغرى، من الاتفاق على تحسين الأوضاع الخدمية «المرقعة والمكسرة» و ظروف حياتهم ومواجهة الفساد في المناطق المحررة، وأن يكون اتفاق الرياض مرجعا سياسيا ثابتا و أخلاقيا، من أجل طمأنة المواطن والقوى المعارضة إلى استمرار الانفتاح السياسي، بالرغم من وجود ثلاثة ملفات معقدة تشغل جميع أصحاب المناصب الكبرى والبسطاء العامة، أولها ملف المحافظة على الإجماع العام، وثانيا تهدئة الأجواء السياسية "التوازنات السياسية للحكومة والفصل بين السلطات والصلاحيات من أكبر التحديات" وثالثا ملف محاربة الفساد.

من المهم عند توزيع المناصب، إعطاء الأولوية لمن تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة والاستقامة والبعد عن أي شبهة فساد، أما الدرجات والشهادات العلمية فهي مكمل للشخصية المسؤولة والقيادية، وليست شرطاً أساسيا، لأن حالة الاستقرار والتنمية والتطور ليست مجرد مناصب فقط، بل تتطلب حب الوطن وحربا جدية على الفساد والمفسدين بمشاركة الكل دون استثناء، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

المسؤولية صفة، في الغالب، تنشأ في الطفولة المبكرة، لأنها من المواقف في اللاوعي لدينا، لذلك من الصعب تغييرها، فقط عند التأثير على المستوى العميق للنفسية، والمسؤول الجيد هو الشخص الذي يقود إدارته بتوازن وهدوء، لا أن يتكلم بصوت عالٍ "هنجمة" يغطي ضعفه الشخصي وسوء إدارته وعلومه، فالمسؤول كلما كان أدائه متزنا وعقلانيا ونظيفا، كان أداء الموظفين أكثر تشابهًا معه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى