تعز.. مستقبل 3 آلاف طالب على كف عفريت

> تعز "الأيام" خاص

> لم ندخل إلى هذا المبنى سوى بضعة أيام فقط، ومنذ قرابة شهر أغلق أبوابه بمبرر الزيادة في رسوم الدراسة التي لا وجود لها. لقد خدعنا بسبب الإعلانات المنتشرة في الشوارع والإعلانات الاذاعية.
يتحدث الطالب محمد موسى لـ "الأيام" بمرارة قائلاً: "نشعر بخيبة أمل لأننا نطالب رئيس الوزراء بالتوجيه باستيعابنا في كليات جامعة تعز وإعادة أموالنا".

أمام بوابة عمارة سكنية في وسط مدينة تعز جرى تحويلها إلى مركز تعليمي أطلق عليه (جامعة العطاء) يقضى مئات الطلاب منذ أسابيع في خيام للتنديد، ويطالبون بتدخل الحكومة لوضع حد لمعاناتهم بسبب الاستثمارات التعليمية وغياب الرقابة على الجامعات الخاصة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

بدأت الاحتجاجات الطلابية المنددة بفساد التعليم مطلع العام الدراسي 2020 - 2021م وتحديداً في نوفمبر الماضي من خلال خروج العشرات من طلاب تخصصات طبية وهندسية التحقوا بمركز (جامعة العطاء)، وكانت وقفتهم للمطالبة بتوفير كادر تعليمي متخصص، والضغط على إدارة الجامعة للتوقف عن التعاقد مع خريجين يحملون البكالوريوس، ودورات في التنمية البشرية لتعليمهم، لكن الاحتجاجات توسعت مطلع العام الجاري، وتسببت بإغلاق الجامعة حتى اليوم.

تشير مصادر لـ "الأيام" إلى قرابة 3 آلاف طالب جرى تسجيلهم في مركز العطاء التعليمي برسوم سنوية تصل إلى 1500 دولار في بعض التخصصات، وهذه الكثافة البشرية تفوق قدرات المبنى على استيعابهم. ويقول الطالب مازن الكامل في حديثه لـ "الأيام: "بعد خروج احتجاجات الدارسين في تخصصات الهندسة والطب فوجئنا مطلع العام برفع رسوم الدراسة بصورة مضاعفة بعد أن وعدونا بالامتناع عن رفع الرسوم خلال مرحلة التسجيل، ودفعونا إلى الاحتجاج ووضع الخيام. هنا يشير إلى بوابة المبنى، وأضاف: "لن نبرح المكان حتى نرى حلاً جذرياً لمشاكل التعليم في الجامعة وتعويضنا عن فصل دراسي فقدناه".

في مؤخرة ساحة الحرية حيث يقع مبنى جامعة العطاء، يتجمع المئات من الطلبة بصورة يومية ويحملون مكبرات صوتية تردد شعارات ثورية لا تختلف كثيراً عن هتافات ثوار انتفاضة 2011م المغدورة في الساحة ذاتها، ويقول الطالب محمد الصلاحي الذي يدرس في المستوى الأول مختبرات، عن معاناته لـ "الأيام": "قضينا قرابة شهر أمام بوابة المبنى المغلقة، ولم يكترث أحد لمعاناتنا وصراخنا المستمر منذ أسابيع".

وأضاف: "اليوم أقول لرئيس جامعة العطاء إن جامعة الإيمان التي تلقيت تعليمك فيها لا يتخرج منها إلا علماء ودعاة، فلماذا تعبث بمصيرنا؟".

تسهيلات من وزارة التعليم العالي
منذ العام 2017 شهدت مدينة تعز افتتاح قرابة 10 مراكز تعليمية خاصة تعمل على تدريس تخصصات طبية وهندسية وإدارية، وتفتقد لأبسط الشروط القانونية الخاصة بالتعليم الأهلي والخاص، ويقول مهتمون بوضع التعليم في تعز: إن جماعة الإخوان بعد سيطرتها على الجزء المحرر من المدينة وسيطرتها على الجيش التابع لمحور تعز بدأت الاستثمار في التعليم الجامعي بتسهيلات من وزير التعليم العالي د. خالد الوصابي الذي كان يعمل نائباً لوزير التعليم قبل حكومة المناصفة.

ويقول مصدر أكاديمي بجامعة تعز لـ "الأيام" عن وضع التعليم في المدينة، ومفضلاً حجب هويته: "ما يحدث اليوم من عبث بمصير كم كبير من الطلبة جرى استقطابهم للدراسة في جامعة العطاء ومراكز تعليمية أخرى أمر مقلق للغاية يستدعي تحرك رئاسة الجهورية وكل الحكومة لإنقاذ وضع التعليم في المدينة.

وأضاف: أغلب المراكز التعليمية (الجامعات الخاصة) يفترض أن تمر بمراحل قانونية قبل أن تزاول نشاطها من خلال تقديم مستوى وجودة الخدمات التعليمية التي تراعي تخصصات جديدة، وليس كما هو حاصل اليوم من عمليات بيع للشهادات الجامعية بإشراف الوزارة.
وعن الشروط القانونية التي يفترض توافرها في الجامعات الخاصة قال: "هناك اختلال كبير وعبث في وزارة التعليم العالي، حيث جرى منح تراخيص لجامعات أهلية في المدينة بدون الاطلاع على وضع مبانيها وكوادرها التعليمية، وما يحدث في تعز يجب أن يتصدى له الجمع.
تشير مصادر لـ "الأيام" إلى منح جامعة العطاء رخصة من وزارة التعليم العالي لاعتماد قسم تخدير في العام 2021م أي بعد قرابة عامين من تدريس التخصص في الجامعة التي تفتقد إلى خبراء يحملون ألقاب علمية للتدريس، هو الأمر الذي يقود إلى كوارث ويحتاج تدخلاً عاجلاً من قبل رئاسة الوزراء.

يافطات إعلانية ورسائل إذاعية
في مدينة تعز الخاضعة لسلطة (الشرعية) تتسابق المراكز التعليمية (الجامعات والمعاهد الخاصة) ومئات المدارس الأهلية على نشر إعلاناتها في الشوارع العامة، وكثير منها تتحدث عن استمرار التسجيل حتى نهاية الفصل الدراسي الثاني مع تواطؤ من السلطات التي ترى ضرورة تشجيع التعليم من خلال السماح بنشر الإعلانات دون مقابل.

وعلى صعيد متصل، عملت إذاعة محلية تبث على موجة إف إم من إحدى حجرات مبنى جامعة العطاء، على زيادة أعداد المتقدمين للدراسة في الجامعة من خلال ما قدمته من رسائل إعلانية عن جودة التعليم والتخصصات الفريدة التي توفرها الجامعة، ويقول طلاب في الجامعة إنهم تعرضوا للتضليل وأنفقوا أموالاً كثيرة دفعوها كرسوم للدراسة، لكن الوضع اختلف كثيراً عندما وطأت أقدامهم المبنى.

استثمار مربح
لا يوجد مقر لوزارة التعليم العالي في المحافظات، وأنشطة الوزارة منذ عقود بقيت محصورة في العاصمة، ومع أوضاع الحرب في البلاد تم افتتاح مقر للوزارة في العاصمة المؤقتة عدن أسوة ببقية الوزارات الأخرى بعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وانقلابها على السلطة الشرعية في العام 2015م، وبسبب النزوح الكبير الذي تشهده مدينة تعز إلى جانب الكثافة العددية للراغبين في الالتحاق بالتعليم الجامعي، وجدت جماعة الإخوان فرصة للاستثمار في التعليم في (القطاع المنفصل)، ووجدت تسهيلات كبيرة وضعت مستقبل التعليم في مأزق كبير.

وتشير التقديرات الرسمية لـ "الأيام" إلى استثمار جماعة الإخوان بنصيب الأسد من كعكة استثمار التعليم الأساسي والثانوي، وفي مديرية واحدة فقط من مديريات المدينة، فإن قرابة 35 % من الطلاب في مديرية القاهرة يدرسون في مدارس أهلية وخاصة تأسست منذ ما بعد العام 2015م.
وطبقاً لمصادر علمية، فإن قرابة 9 آلاف طالب وطالبة يتلقون تعليمهم في مراكز تعليمية (جامعات ومعاهد خاصة) في المناطق المحررة بتعز، ويصل متوسط ما يدفعونه من أموال للحصول على التعليم في تلك المراكز نحو7 ملايين دولار سنوياً.
وأشار قيادي في السلطة المحلية إلى إعلان محافظ تعز نبيل شمان عن تأسيس جامعة حكومية أخرى قبل أكثر من عام في منطقة الحجرية، مشيراً إلى أن مواجهة استثمار الجماعة للتعليم تتطلب إنشاء كليات ومعاهد حكومية جديدة في المحافظة ذات الكثافة السكانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى