حول تقرير الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين

> قبل الخوض في مضمون وتفاصيل تقرير فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين في اليمن الصادر في 9 سبتمبر 2020م ينبغي توضيح بعض الأمور التي نرى أهمية أن تكون في متناول الجميع.

في 29 سبتمبر 2017م طلب مجلس حقوق الإنسان الذي أنشئ بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحل محل لجنة حقوق الإنسان وهو الهيئة الحكومية الدولية الرئيسية في الأمم المتحدة التي تطلع بالمسؤوليات عن حقوق الإنسان كهيئة حكومية مكونة من 47 دولة يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ولمدة 3 سنوات، ويجتمع لمدة عشرة أسابيع في السنة موزعة على ثلاث دورات وله أن يعقد دورات استثنائية.

وللمجلس أمانة عامة هي المفوضية السامية لحقوق الإنسان وهي الهيئة الأساسية التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو الشخص الذي يدير المفوضية السامية لحقوق الإنسان ويهتم المجلس والمفوضية والمفوض في سلامة تطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وقد شُكل فريق الخبراء للحالة اليمنية لإنجاز المهام الآتية:

- رصد حالة حقوق الإنسان في اليمن والإبلاغ عنها.

- استقصاء جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي وحقوق الإنسان والحالات الأخرى المناسبة والقابلة لتطبيق القانون الدولي والتي ارتكبها جميع الأطراف في النزاع منذ سبتمبر 2014م.

- إثبات الوقائع والملابسات المحيطة بالانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان.

- كشف المسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات حيثما أمكن.

- تقديم توصيات عامة عن توحيد احترام حقوق الإنسان وحمايتها.

- تقديم الإرشادات بشأن الوصول إلى العدالة والمساءلة والمصالحة.

- إحالة التقرير الكتابي الأول إلى المفوض السامي بحلول موعد انعقاد الدورة الثانية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان وغيرها من المهام التي حددت له.

وقد جاء التقرير الثالث الذي أعده فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بعنوان: اليمن جائحة الإفلات من العقاب في أرض معذبة بشأن حقوق الإنسان في اليمن من يوليو 2019 م إلى يونيو 2020م، وقد رفعت النسخة الرسمية إلى مجلس حقوق الإنسان خلال دورته 45 يوم 29 سبتمبر 2020م، وصدرت أيضا ورقة غرفة الاجتماعات وهي وثيقة مطولة وأكثر توسيعا وتحوي تفاصيل التحقيقات في عدد من الحوادث وتم العودة بها إلى 2014م، أي توسيع النطاق الزمني ولكي تكون الحصيلة تراكمية.

لقد خلص التقرير إلى أن جميع الأطراف استمرت بارتكاب مجموعة من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ليس في جبهات القتال فقط بل تحدث تلك الانتهاكات أيضا بعيدا عن خطوط التماس.

أما جزء التقرير الخاص بالفساد فقد بين التعامل مع الوديعة السعودية البالغة حوالي 1.8 مليار دولار من 31 يوليو 2018م إلى 8 سبتمبر 2018م حيث فتحت خطابات اعتمادات لتجار بسعر صرف الدولار الواحد 455.6 ريال بينما سعر الصرف في السوق 588 ريالا، وكلف ذلك البنك المركزي 250 مليار ريال يمني ما يعادل 423 مليون دولار، والأخطر أنها لم تنعكس على أسعار السلع بل إن سعر الزيت والسكر ارتفع بنسبة 47 - 40 % على التوالي للفترة نفسها وأسعاره العالمية ظلت دون المستوى الأدنى منذ 11 سنة.

التقرير له صفة الخبرة الفنية والرأي الاستشاري لواقعه، ما ساعد الهيئة المعنية في مجلس الأمن أو غيره في اتخاذ قرار بشأن النزاع أو الموقف، لما من شأنه حفظ السلم والأمن الدوليين، وإنجاز مقاصد الأمم المتحدة. (هذا ما يسمى بلغة القانون الدولي بواقع تقرير كاشف لقرار، وليس تقريرا منشئا لواقعه أو قرارا أو تصرفا).

وبسبب اعتماد فريق الخبراء على معلومات غير صحيحة وتقييم غير صحيح لتطورات الأوضاع في الجنوب (المناطق المحررة) فقد نص التقرير أن الحكومة اليمنية فقدت أراضي استراتيجية لصالح الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، واعتبر أن ذلك يقوض أهداف قراري مجلس الأمن (2216) (2015)، وقد ساوى بين الانتقالي الشريك الفاعل للتحالف العربي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والحوثيين، وهذا عمل يراد منه خلط الأوراق للتعتيم على الحقيقة، فكل مناطق الجنوب قد كانت شبه ساقطة بيد أبناء الجنوب تحت ضربات الحراك السلمي الجنوبي قبل غزوة 2015 للجنوب من قبل الحوثي وقوى الاحتلال اليمنية ثم حررها أبناؤها بتضحيات جسام، في حين هربت حكومة هادي تاركة الجنوب يواجه مصيره وحده حين تجاوز الحوثيون أول نقطة حدودية جنوبية، وكاد الجنوب أن يسقط بيد الإرهاب بعد أن حرره أبناؤه لولا صمود شعب الجنوب ومحاربته للإرهاب وبسط سيطرة المقاومة الجنوبية على كامل التراب الجنوبي.

وفي خطوة كانت هي الأسوأ للحكومة اليمنية بعد تحرير الجنوب هي إقالة المحافظين الجنوبيين، في محاولة لتقويض النصر الجنوبي وتجييره لصالح التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والإرهاب وقوى النفوذ والفساد اليمنية، ومع ذلك وبحكم أن المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك الرئيس والفاعل لتحالف العربي قد دخل في تحالف الضرورة مع التحالف الذي هو الداعم الرئيس للحكومة اليمنية فقد فرض عليه ذلك التحالف إعطاء فرصة للحكومة اليمنية أن يكون لها وجود معين تحت حمايته لأهداف سياسية أهمها أن تظل محتفظة بشرعيتها أمام العالم ليحتفظ التحالف العربي بشرعية تدخله في اليمن ولم تكن يوما مسيطرة على أي شبر من أرض الجنوب بعد تحريره من غزاة 2015م حتى نقول إنها فقدت أراضي وأن المجلس الانتقالي قد سيطر عليها، بل بالعكس، كما أشرنا، فقد حافظ الانتقالي على وجود معين للحكومة على الأرض الجنوبية وشاركها في حكومة المناصفة وفق اتفاق الرياض، وبالتالي فإن ذكر قادة ورموز المجلس الانتقالي كمعيقين للانتقال السياسيين هو الآخر غير صحيح، كونه بني على الفهم المغلوط أو المصاغ بعنوة للأوضاع في الجنوب العربي.

هناك عيوب كثيرة للتقرير منها أنه اعتمد على مصادر ضعيفة ومن على بعد وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر مسيسة تعمل لصالح طرف ضد آخر وهم قابعون في الضاحية الجنوبية في لبنان حيث يوجد مقرهم وبالقريب من حزب الله الحليف والداعم الأساسي للحوثيين وبقيادة مغاربة حيث التشيع على أوجه، وهناك عيوب كثيرة وردود مهمة لكل الفقرات التي وردت حول الجنوب سيتولاها بالتأكيد قانونيون وسياسيون أكفاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى