مهرجان زيارة الهدار بالقطن.. تقليد سنوي يحتفى منذ قرن ونصف

> تقرير/ خالد بلحاج

> في قلب وادي حضرموت الطويل عند ملتقى الوديان الرئيسية فيه، تقع مديرية القطن ذات المساحات الزراعية الشاسعة والقرى المتعددة والمناطق التاريخية العريقة التي ورد ذكرها في كتب التاريخ، وتزخر هذه المديرية بالعديد من الفعاليات والمناشط الاجتماعية المتميزة، والتي تكسب نكهة خاصة بطيب أهلها وكرم أخلاقهم، ومن ذلك ما يعرف محلياً باسم "موسم زيارة القطن" المنسوبة تاريخياً إلى إحدى الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في المنطقة خلال القرن الثالث عشر الهجري، ألا وهو المصلح الاجتماعي السيد العلامة عمر بن محمد الهدار المتوفى سنة 1284هـ، وقد سعى في حياته إلى تأمين الحالة الأمنية للمنطقة من خلال إبرام المواثيق والعهود بين مختلف قبائل المنطقة بعدم الإخلال بالطمأنينة العامة وأجواء الاستقرار، وفي العام 1288م عقد صلحاً قبلياً بين مختلف قبائل المنطقة لمدة شهر جمادى الآخرة من كل عام ساعد هذا الصلح على تشجيع دخول الناس إلى المنطقة في أمن واستقرار، وأسهم بشكل كبير في ازدهار حركة التجارة، فأقيم سوق سنوي كبير خلال هذا الشهر وتحديداً في الليالي المقمرة يكاد لا يوجد له مثيل، فقد كان بمثابة السوق الحرة التي تزدهر فيه تجارة الترانزيت بين مناطق الوادي الخاضعة لكل من الدولة القعيطية والكثيرية (سابقاً).

كما أن أهالي المناطق المجاورة قد ربطوا اقتناءهم للمستلزمات الخاصة به، فارتبطت تبعاً لذلك مواعيد الزواج والمناسبات الأخرى بموسم الزيارة هذه، حيث لا يجد المواطن حاجته إلا في هذا السوق.

"مهرجان زيارة الهدار"
هذا العام أطلق على السوق "مهرجان زيارة الهدار" ليكون أشمل وأعم، حيث كلفت السلطة المحلية لجنة لإدارته والإشراف عليه، وأعدت جملة من المناشط والفعاليات الرياضية والثقافية والتراثية والاجتماعية.

"فعاليات عدة الألعاب الشعبية والشبوانية"
تزامناً مع مهرجان الزيارة، فقد نظمت عدة الألعاب الشعبية والشبوانية بمدينة القطن، فعاليات المطلع السنوي لعدة الألعاب الشعبية (الشبوانية) بالمدينة، حيث شهدت المدينة توافد المواطنين من معظم مناطق المحافظة ومن غيرها لمشاهدة فعاليات المطلع الذي شاركت فيه عدد من فرق الشبواني من مدن الوادي وعدد من شعراء الدان الحضرمي المعروفين، وتتنافس الفرق في إظهار مواهب أفرادها وحيويتهم من خلال الإيقاعات القوية والرقصات المتقنة، وباستخدام العصي، كما تلعب الأقوال الحماسية التي يمليها الشعراء دوراً في إذكاء شعلة الحماس لدى أفراد فرقة العدة، كما كان للشعر والسمر والدان حضور من خلال الأمسية الشعرية والمغنى والدان، وأيضاً رقصات الزربادي، كما نظمت زيارات للمرضى والمقعدين وفعاليات رياضية وثقافية، إضافة إلى افتتاح معرض للصور الفوتوجرافية.

السوق التجاري
وفي جانب آخر، على مدى عشرة أيام، احتضنت المدينة سوقاً تجارياً مفتوحاً ازدهر بمحلات بائعي الحلويات والألعاب للأطفال وغيرها من محلات المنتجات، مثل المنتجات اليدوية المحلية الصنع من الخوص وغيرها، كما يتوافد على السوق هواة بيع المواشي من إبل وأغنام، وفتحت مطاعم شعبية لبيع اللحم المضبي والمحمس تلبي حاجة رواد السوق والزوار الذين يتوافدون على المديرية من كل حدب وصوب، فتنتعش الحركة التجارية وتزدحم الشوارع الرئيسة للمدينة بحركة السير.

"فعاليات ثقافية ورياضية"
من ناحية أخرى، فقد شهد المهرجان، وبصورة مغايرة للأعوام السابقة، مسابقة ثقافية ورقية كبرى، ورصدت لها جوائز نقدية في مسعى من لجنة المهرجان لإعادة إحياء مواسم الزيارة في عهدها السابق وإعادة مكانتها وتاريخها، كما رافق تلك المسابقة سحوبات جوائز فورية عينية للجمهور الحاضر حفل مراسم السحب مقدمة من عدد من البيوت التجارية والشخصيات، كما أقيمت فعاليات رياضية في لعبة كرة القدم، وأصدرت اللجنة نشرة خاصة تضمنت عدداً من المواضيع والمقالات الهادفة كتوثيق لمهرجان الزيارة وتاريخها.

إن مهرجان زيارة الهدار بالقطن وإن كان ذا طابع شعبي بسيط، إلا أن له تأثيراً ملموساً على المديرية ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، ولذلك يتطلع أبناء المديرية إلى السلطات المحلية والمركزية، إلى أن تسعى في المهرجانات القادمة لوضع إستراتيجية بعيدة المدى لتطوير هذا الموسم واستغلاله الاستغلال الأمثل في ترويج تراث وتاريخ المديرية، وازدهار حركة التجارة والسياحة فيها بما يخدم أبناءها، ويعكس بشكل عام تراث وتاريخ هذا الوطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى