معمّر يمني في غزة يروي رحلة عيشه وقتاله في فلسطين

>
​قصة أبو بدر اليمني مع فلسطين امتدت من عام 1936 وحتى اليوم، وهو يروي لأحفاده الـ51 المحطات والمآسي التي عايشها، ليربط قلوبهم باليمن وفلسطين.

"ليت لدي القوة لأقاتل من جديد من أجل فلسطين وأستشهد على عتبات المسجد الأقصى المبارك"، هذه هي أمنية المعمر أحمد بدر حسن بدر المعروف في غزة بـ"أبو بدر اليمني"، الذي لا يكف لسانه عن التسبيح بحمد الله والدعاء بالحرية لفلسطين والأمن لليمن.

وبمزيج من اللهجتين الفلسطينية واليمنية، وبذاكرة حيّة لم تنل منها السنون، يروي أبو بدر اليمني للجزيرة نت رحلة العمر الطويلة التي بدأت بالتحاقه بقوافل الحجاج من قريته "بارق" في اليمن إلى الديار الحجازية سيرا على الأقدام عام 1934، ومنها إلى القدس.

لا يمتلك أبو بدر أوراقا ثبوتية، غير أنه يحفظ نسبه إلى جده الـ18، ويتذكر جيدا أنه عايش أحداث الحرب العالمية الأولى عام 1914 قبل مغادرته اليمن حاجا، وتقدر أسرته أن عمره 125 عاما.

الرحلة المقدسة

يقول أبو بدر: "بعدما انتهينا من أداء مناسك الحج، التحقت بركب من 50 حاجا يقصدون فلسطين من أجل زيارة المسجد الأقصى المبارك وتقديس الحج".

وصل ركب الحجاج مدينة القدس وبصحبته أبو بدر عام 1936، بعد رحلة شاقة سيرا على الأقدام، ويتذكر أبو بدر أنهم كانوا مجموعة من اليمنيين والحجازيين، واثنين من المغاربة.

ولم يمض وقت طويل على وصولهم إلى القدس، حتى اندلعت "الثورة الفلسطينية الكبرى" ضد قوات الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية.

وبكثير من التفاصيل الدقيقة، وبحديث عاطفي، يتذكر أبو بدر تلك الأيام، ويقول: "شاركت في إضراب الشهور الستة، والتحقت بقوات المقاومة ضد الإنجليز واليهود المهاجرين والعصابات الصهيونية".

في تلك الأيام، لم يفكر أبو بدر طويلا، وقرر "مقاومة الغزاة" مع أهالي فلسطين، وشاركه في ذلك عدد ممن رافقوه الرحلة من الحجاز إلى القدس.

أيام قليلة فصلت بين وصول أبو بدر إلى القدس واستشهاد عز الدين القسام في نوفمبر 1935 بينما كان يقاتل الإنجليز، ويقول أبو بدر: "سمعت قصة جهاد القسام الذي جاء لفلسطين من سوريا، وحارب الإنجليز لمنعهم من تسليم فلسطين لليهود، وقررت أن أصمد وأقاتل مع الفلسطينيين".

أسير حرب

صمت أبو بدر للحظات، وسقطت دمعة من عينه وهو يروي تفاصيل المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحماية القوات البريطانية، وقال: "كنا نقاتل بأسلحة بدائية ضد عصابات بأسلحة فتاكة".

كان أبو بدر قد تزوج فتاة فلسطينية من مدينة يافا، ومع اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، تركها عند أهلها وهي حبلى بجنينها الأول، واشترى سلاحا من ماله الخاص والتحق بقوات المقاومة المساندة للجيوش العربية.

وبينما كان في جبهة القتال، نزل عليه خبر استشهاد زوجته وأهلها كالصاعقة، فقد نسفت العصابات الصهيونية عشرات المنازل الفلسطينية في مدينة يافا، وارتكبت مجازر في دير ياسين وكفر قاسم وغيرها من المدن والقرى، من أجل إجبار السكان على الهجرة والهروب.

وقع أبو بدر أسيرا، وتحرر ومعه آلاف الأسرى من المقاتلين العرب من جنسيات مختلفة، بعد توقيع اتفاقية الهدنة بين إسرائيل والدول العربية إثر هزيمة جيوشها عام 1949.

فلسطين واليمن بالقلب

وبعد نقله من فلسطين المحتلة إلى مدينة العريش المصرية، قرر أبو بدر العودة إلى فلسطين من بوابة غزة التي كانت تحت الحكم المصري في ذلك الوقت وحتى النكسة عام 1967.

عاش أبو بدر سنوات طويلة وحيدا في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، وعمل في مجالات عدة، قبل أن يتزوج ويستقر به الحال في جباليا شمال القطاع إلى الآن.

المعمّر أبو بدر اليمني أنجب 5 أبناء و3 بنات، وله 51 حفيدا
المعمّر أبو بدر اليمني أنجب 5 أبناء و3 بنات، وله 51 حفيدا

أنجب أبو بدر 5 أبناء و3 بنات، وله 51 حفيدا، يحرص على جمعهم حوله باستمرار، ليحدثهم عن فلسطين واليمن ويزرع في نفوسهم حب الوطن.

وقد ذاق أبناء أبو بدر الخمسة ويلات الاحتلال، وتعرضوا للاعتقال، وكاد أكبرهم أن يستشهد عندما أصابه عيار ناري من قوات الاحتلال إبان الانتفاضة الشعبية عام 1987.

لا يخفي أبو بدر حنينه الدائم لليمن، ويتألم للمآسي التي يتعرض لها الشعب اليمني منذ سنوات، رافعا كفيه إلى السماء بالدعاء: "يا رب أسألك الحرية لفلسطين والأمن لليمن ولكل بلاد المسلمين".

الجزيرة نت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى