إضراب القضاة ضد تسيس العدالة

> يعد الإضراب حق معترف به في العديد من القوانين الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحقوق الاجتماعية، فقد أعلن قضاة هايتيون الإضراب في 15 فبراير 2021 لأجل غير مسمى حتى تلبية مطالبهم بالكامل، كما أصيب النظام القضائي التونسي في ديسمبر 2020 بالشلل بسبب إضراب القضاة، وقبلهم في 2018 أضرب القضاة والنيابة في إسبانيا ، وكانت أهم مطالبهم استقلال القضاء وتغيير نظام انتخابات مجلس القضاء وغالبية السكان تضامنوا مع إضراب القضاة، لأن لدى الناس انطباع بأن القضاء ليس مستقلا كما ينبغي أن يكون في إسبانيا، تصوروا في هذا البلد الأوربي العريق ديمقراطيا وعدالة أن السكان يتهمون القضاء بعدم الاستقلالية، ماذا نقول نحن عن نظامنا القضائي؟

مفهوم حق الإضراب في اليمن دائما ما يتعرض لهجوم وانتقادات على الصعيد الوطني، وبالذات في المحافظات الجنوبية، وقد اشتدت حدة هذا الهجوم بعد إضراب المعلمين المطحونين أصلا، واتهامهم بتعطيل العملية التعليمية والإضرار بالتعليم دون النظر إلى مطالبهم الأساسية والعادلة، وأولها تحسين أوضاعهم المعيشية، التي تم تهدئتها باستخدام وعود مطاطية لازالت " تمتط " حتى اليوم ، تلتها عدة إضرابات منها إضراب عمال منشأة الغاز المنزلي في البريقة، والمعينون أكاديميا في كليات جامعة عدن، جميع هذه الإضرابات تم الالتفاف عليها بوعود واهية مغلفة باتهامات للمضربين بعرقلة الإصلاحات، من دون الحديث عن الأوضاع المزرية التي تعيشها المناطق المحررة ومن دون ذكر الفساد والفاسدين الذين هم السبب الرئيس في الصراعات والإضرابات وفي تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

إضراب القضاة الذي أتى استجابة لدعوة نادي القضاة الجنوبي من أجل: أولاً: رسالة رفض لقانون الهاتف وتدخلات السلطة التنفيذية وإعادة توزيع قنوات التأثير على النظام القضائي من هيئات المجتمع القضائي لصالح الإدارة الرئاسية، ثانيا: الإضراب يعكس مطالب بإصلاح وتقوية دور السلطة القضائية العادل في العلاقة بين المحاكم والنيابات والمجتمع، ثالثاً: الإضراب ناتج عن أزمة ثقة عميقة بين السلطة القضائية وبقية السلطات " التنفيذية والتشريعية "، رابعاً: الإضراب يعكس صورة أزمة القانون نفسه والوعي القانوني وهي أزمة منهجية تتطور نتيجة التطبيق غير الناجح للإصلاح القانوني والقضائي في البلاد، ولذلك الإضراب يجب أن يكون نقطة للحوار والإصلاح لمنح البلاد والقضاء اتجاهاً جديدا، وليس ساحة صراع أصبح واضح المعالم، وأرجو أن لا يكون طويلا لأن مصالح الضحايا هي التي تتضرر وليس الجناة.

علينا أن نعترف بأن القضاء الحالي لا يلبي احتياجات المجتمع، ومساحة العدالة في المناطق المحررة تتضاءل وتتقلص، وما يحدث الآن يشبه معضلة الدجاجة والبيضة، من الذي أتى أولاً ؟ هل المجلس الأعلى للقضاء هو من يشكل وينظم عمل السلطة القضائية أم السلطة القضائية هي من تشكل وتنظم عمل المجلس الأعلى للقضاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى