في بلادنا.. دراجة نارية لحامل الماجستير ووظيفة مرموقة لمن لا يفقهون

> تقرير/ هشام عطيري:

>
  • متخصص في الاقتصاد التجاري يسرد معاناة 35 عاما
  • رياح الوحدة بعثرت أحلامه ويصارع لعيش كريم
سعي المرء واجتهاده في مقاعد الدراسة غالبا ما يكون خلفه الحلم بالقدرة على تعويض ما قاساه من عناء، وما فقده من وقت، من خلال العمل الذي سينتسب إليه بفضل الجهد الذي بذله لينال شهادة نجاحه. لكن الصدمة عظيمة على من تخرجوا من الجامعات حاملي شهادات البكالوريوس خلال العقد الماضي ذلك أن شهاداتهم لم تدفع عنهم فاتورة ما لقيهم بعد مغادرتهم أسوار الكليات.
جمال سعد يعرض شهادة الماجستير من روسيا
جمال سعد يعرض شهادة الماجستير من روسيا

هناك ردا فعل ناتجان عن الصدمة: الأول هو الاستسلام والتباكي على ما فات وهدر ما بقي، والثاني اتخاذها درسا مع عدم اليأس والمحاولة بشتى الطرق الممكنة، وهو ما فعله جمال سعد أبو بكر الذي تحمل الغربة محملا بالطموح ليعود، وقد أغلقت في وجهه أبواب الوطن.

لم يكن جمال يعلم ما يخفي له القدر حينما غادر مبتعثا إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الاقتصاد، فقد كان يأمل أن يكون له بصمة في تغيير واقع بلاده وتطوير الجانب الاقتصادي من خلال المعارف التي حصل عليها في مجال تخصصه ودراسته العليا للاقتصاد التجاري، وكان يحلم أن شهادته ستصدره لمركز مرموق في سلك التوظيف الحكومي، لكن الأمر كان أشبه بالوهم في ظل التغيرات التي حدثت في البلاد حينها.

يقول جمال: "خرجت مبتعثا من دولة الجنوب عام 1987م للدراسة في روسيا ضمن البعثات الطلابية للنقابات العمالية، درست خمس سنوات في جامعة موسكو، وتخرجت في العام 1991م، وحصلت على الماجستير في علوم الاقتصاد التجاري".
ويضيف أنه سعى لاستكمال دراسته العليا، إلا أنه لم يستطع توفير نفقات الدراسة، مما دفعه للبحث عن عمل استغرق منه 15 عاما من عمره ليكمل 20 عاما بعيدا عن الأهل الوطن.

وتابع يسرد قصته: "عدت إلى الوطن عام 2006م، وصدمت بالتحول الذي رأيته، فقد كنت خرجت من البلاد قبل الوحدة، ولم يخطر لي أن واقع البلاد سيتغير بهذا الشكل الكارثي. فور وصولي بحثت عن عمل حكومي حسب تخصصي النادر وشهادتي التي أحملها، لكني لم أوفق. هناك كثير ممن تخرجوا لم يجدوا وظائف، فيما تبسم الحظ لقليل منهم".

يعمل جمال سائقا لدراجة نارية ليتمكن من الإنفاق على أسرته المكونة من 5 أفراد، لم يتذمر رغم شعوره بخيبة الأمل فهو لا زال مع كل صباح يخرج فيه على ظهر دراجته يطلب الرزق، ويبحث عن وظيفة تناسب ما ناله من شهادة.
"يتفاجأ العديد من الناس في أثناء ركوبهم على متن دراجتي حينما يعرفون أني أحمل شهادة الماجستير، ولم أجد غير العمل على دراجة نارية هي الملاذ لسد الحاجة في ظل عدم استغلال القدرات والكفاءات".

لم يجد جمال وسيلة لمواجهة صعوبة العيش سوى العمل بأي شكل، وهو ما ساعده على امتصاص الصدمة فيما شاهده من تدهور لواقع بلاده، أما صدمته في ضياع سنين عمره هباء فلن يزيلها سوى الحصول على وظيفة أحلامه، التي لم ييأس من البحث عنها طيلة 15 سنة مضت، والتي ستعينه على تحسين معيشته.

قيد جمال ضمن العديد من الخريجين في مكتب الخدمة المدنية لينتظر السراب بعد توقف التوظيف منذ العام 2014م، فيما يبحث في أثناء تنقله بين شوارع الحوطة عن بصيص أمل يوصله لمراده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى