أكذوبة المحكمة العليا بعدن

> د. حميد عبدالقادر

> كشف الإضراب في محاكم ونيابات المحافظات المحررة الذي دعا إليه نادي قضاة الجنوب في شهر فبراير الماضي على خلفية تعيين نائب عام جديد من خارج السلطة القضائية - خلافًا لقانون السلطة القضائية والدستور - حقيقة وضع المحكمة العليا بعدن باعتبارها أعلى محكمة في البلاد بعد نقلها من تحت سيطرة مليشيات الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد تحرير عدن حيث اتضح أن قرار نقل المحكمة لم ينفذ كما يعتقد كل مواطن وإنما تم نقل فقط مكتب رئيس المحكمة العليا وتعيين تسعة قضاة للنظر ما يحال إليهم من أحكام مطعون فيها من محاكم المحافظات المحررة، حتى أن هؤلاء القضاة الذي تم تعيينهم لم يستكمل التعيين إجراءاته القانونية بصدور قرار جمهوري بالتعيين طبقًا لنص (59/1) ولم يتم تشكيل دوائر المحكمة العليا ومكتبها الفني وجمعيتها العامة طبقًا لقانون السلطة القضائية .

حيث حددت المادة (16/أ) من قانون السلطة القضائية عدد الدوائر الذي تتكون منها المحكمة العليا بعدد (٨) دوائر وحددت المواد ( 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25 ) من ذات القانون اختصاصات كل دائرة وكيفية تشكيلها وعدد قضاة كل دائرة وكيفية تعيين رئيس كل دائرة .

إلا أن الحقيقة أن هذه الدوائر لم يتم تشكيلها باستثناء الدائرتين المدنية والجزائية أما بقية الدوائر وهي الدائرة الدستورية، والدائرة الإدارية، والدائرة التجارية، والدائرة العسكرية، ودائرة فحص الطعون، ودائرة الأحوال الشخصية، فلازالت تحت سيطرة الحوثيين ولم يقم رئيس المحكمة العليا القاضي حمود الهتار بتشكيلها وفقًا للقانون وهذا يعني أن جميع الأحكام التي تصدر من تلك الدوائر التي لازالت تحت سيطرة جماعة الحوثي أحكام صحيحة لعدم نقلها وتشكيلها في مقر المحكمة الحالي بعدن، وهذا يعد شرعنة للأحكام الصادرة من الانقلابيين خاصة وأن هناك عدد من القضاة تحدثوا أن رئيس المحكمة العليا القاضي حمود الهتار صدق على عدد من الأحكام الصادرة من الانقلابيين بغية تنفيذها في مناطق الشرعية بحجة أن الدوائر في صنعاء التي أصدرتها لازالت تتبع المحكمة العليا بعدن.

بل الكارثة والذي يؤكد صحة أحكامها أن مرتبات قضاة هذه الدوائر التي لا زالت في صنعاء يقوم بصرفها القاضي الهتار رئيس المحكمة ويرسلها إليهم إلى العاصمة صنعاء من العام ٢٠١٦ وحتى تم إيقافها من قبل الحكومة ومجلس القضاء بداية العام ٢٠٢٠ بسبب رفض الحوثيين للعملة الجديدة وليس بسبب بقائهم للعمل تحت سلطة الانقلابيين، ولم يقف الأمر عند حد صرف مرتباتهم وإنما أيضًا علاواتهم التي يتم إضافتها شهريًا على الراتب .

بل يتضح من خلال بيان نادي القضاة الأخير أن حتى الدائرتين المدنية والجزائية المشكلة لم يتم تشكيلها تشكيل صحيح، حيث أن قضاتها لم يصدر قرار تعيينهم للعمل في المحكمة العليا من رئيس الجمهورية وأن رئيس هذه الدائرتين يرأسها القاضي الهتار رئيس المحكمة العليا.

بل الكارثة أن هذه الدائرتين تنظر جميع الأحكام بما فيها الأحكام الصادرة في المسائل التجارية و الشخصية والإدارية والعسكرية...إلخ وهذا يعد مخالف لقانون السلطة القضائية الذي حدد لكل نوع من هذه الأحكام دائرة مختصة بنظرها وهو مالم يقم رئيس المحكمة بتشكيلها، بالإضافة إلى التسبب بتكدس ملفات الأحكام المطعون فيها في إدراج المحكمة العليا وعدم البت فيها في وقت معقول، والذي يشكي العديد من المواطنين أن الأحكام التي طعنوا فيها لم تنظرها المحكمة العليا على الرغم من أنها مرفوعة إليها قبل أكثر من سنتين.

وحيث أن قوام قضاة أعضاء المحكمة العليا الحالي ٩ قضاة والعاشر رئيس المحكمة القاضي الهتار الذي عين نفسه رئيس الدائرتين، فهل يعقل أن أعلى محكمة في البلاد يكون قوام أعضائها ٩ قضاة وهذا يؤكد على الفساد المستشري في قيادة هذا المحكمة .

ويفترض قوام تشكيلها التشكيل الصحيح عدد ٤٢ قاضيًا ليغطوا كل دوائرها طبقًا لقانون السلطة القضائية ورفض رئيسها القاضي الهتار نقل الدوائر من تحت سيطرة الحوثيين وتشكيل قضاتها يؤكد تماهيه مع سلطات جماعة الحوثي وخدمة لها.

فإذا كان مثل هذا الفساد مستشري في أعلى محكمة في البلاد فكيف ينتظر المواطن قضاء عادل خاصة وأن ميزانية المحكمة تصرف كماهي معتمدة في ميزانية العام ٢٠١٤ أكثر من أربعة مليار ريال فأين تذهب هذه الميزانية على الرغم من أن هيئاتها وكادرها القضائي والإداري لم يتشكل كما حدده القانون باستثناء عدد بسيط لا يتجاوز٢٠ % من قوامها الحقيقي الذي رصدته الميزانية لتغطي احتياجاته المالية واللوجستية .

وعلى الرغم من انتقادي لنادي القضاة الجنوبي في البداية على الدعوة للإضراب في العمل القضائي بغية إعادة تشكيل المجلس إلا أنه عندما تأكد لي الوضع الحقيقي للمحكمة العليا والفساد المستشري فيها والضعف والهوان الذي ينتاب مجلس القضاء، اقتنعت أن ما يقوم به النادي من مطالبة لإعادة تشكيل المجلس وإصلاح وضع المحكمة العليا ورفض النائب العام الجديد هو الطريق الصحيح في إصلاح المنظومة القضائية والحفاظ على استقلال ونزاهة القضاء وتطبيق القانون التطبيق الصحيح وإيصال الحقوق إلى أهلها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى