المبادرة السعودية.. الجزرة التي تسبق العصا

> لم تنجح كل الوساطات الإقليمية والدولية في إيقاف حرب الحوثيين ضد كل شيء في اليمن، ضد الدولة والمكونات السياسية والقبلية والمدنية، وضد التعليم والدين والاقتصاد والعملة والموانئ، ضد خدمات المواطن وصحته وقوته.. إلخ. حتى أن الحوثيين ضموا إلى قائمة حربهم سفن الدول الأجنبية في البحار اليمنية والدولية ومدن ومطارات ومنشآت نفط دولة السعودية، الدولة التي تشترك مع اليمن في حدود وتاريخ وثقافة مشتركة بأقدار متشابكة وعلى شبه جزيرة واحدة وتربطها علاقات مصاهرة أسرية مع شيوخ القبائل في الشمال ومصالح اقتصادية مع كل اليمن (علاقات تجارية وتصدير واستيراد منتجات متبادلة).

المبادرة السعودية الأخيرة بالفعل هدفها وقف الحرب وخلق الظروف الضرورية لتسوية طويلة الأجل للأزمة واستعادة الهدوء في اليمن والسعودية، لكن ماذا عن البند (المرحوم) في المبادرة، الذي يحمل عنوان "المرجعيات الثلاث"، ومن سيعيده إلى الحياة؟، هل ستقبل طهران بها؟، وهل ستتفق فصائل التشكيل الحوثي على المبادرة؟، أم أنها ستكون مثل سابقاتها من المبادرات والاتفاقات، التي تمتد من مفاوضات الحكومة اليمنية وجماعات الحوثي في أول اتفاق صلح لم يكتب له النجاح في صعدة (2006)، الذي احتوى على بعض التنازلات التي قدمها الجانب الحكومي من أجل تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والمحلية حينها، ومن ثم اتفاق الدوحة (2008)، تليه اتفاقية السلم والشراكة (2014)، ثم مفاوضات جنيف 1 (يونيو 2015)، ثم مفاوضات جنيف 2 (ديسمبر 2015)، ثم مشاورات الكويت (2016) جنيف 3 انتهت قبل أن تبدأ (سبتمبر 2018)، ثم اتفاق ستوكهولم (ديسمبر 2018).

مبادرة السعودية الجديدة تحمل في طياتها وبشكل لا يقبل الشك مفهوم (العصا والجزرة) وإشارة إلى لغة الواقع للقوة الناعمة والقوة الصلبة، وفي هذا السياق تشير الجزرة السعودية إلى الوعد والنية بالفعل في المساعدة على إنهاء الحرب وتقديم مساعدات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية ووقف الطائرات المسيرة العشوائية نحو الأراضي السعودية، بينما قد تكون العصا تهديداً بعمل عسكري كبير بعد أن حصلت على التأييد الدولي والإقليمي الكبير على حقها في الدفاع عن النفس والتنديد بهجمات الحوثيين ضد الأهداف المدنية والاقتصادية، وأخيراً الدعم للمبادرة السلمية الأخيرة التي ستحدد بوصلة الأوضاع في المستقبل القريب إما نحو حسم عسكري أو حل سياسي سلمي.

مبدأ العصا والجزرة أو الثواب والعقاب هو تعبير مجازي خليط للحث على السلوك المرغوب، مصدره أوروبا، عندما كان أهلها يروضون البغال والحمير باستخدام العصا والجزرة، بحيث يتم وضع الجزرة تتدلى أمام الحمار، وعصا بيدٍ أخرى، فيسير الحمار إن طاوع الجزرة وإن عصى فله العصا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى