إذاً فمن المسؤول؟

> من خبرتنا في الجهاز الحكومي لمدة 40 عاماً، هل يوجد في بلادنا جهاز قادر على دراسة قضية (الواسطة)، ووضع ضوابط خاصة تضمن تلك العادة الخاطئة.

وأنا أكتب موضوعي هذا، القصد منه أن أقول: إن كل هذه الكلمات مجرد ملاحظات عابرة، إذا رأى المسؤولون في بلادنا أن لا صحة لها فلهم اعتذاري، لكن إذا رأى واحد منهم أو منكم أنها صحيحة، فأرجو من كل واحد ليس له (ظهر) أن يكتفي بالدعاء في هذا الشهر الفضيل (شهر شعبان)، وهذا أضعف الإيمان لكل الضعفاء الذين بلا (ظهور) تحمي حقوقهم، أضيف إلى ذلك: إذا كان لك ظهر فلن تأمن فقط شر (عدم الضرب والمرمطة وتعال بكرة)، لكن ذلك الظهر سيوفر لك وظيفة (ميري) لا تحلم بها، وبأجر لن تجد مثله في أي قطاع.

ومن أعجب العجاب والغرائب أن هؤلاء المخالفين لما تنص عليه القوانين هم في وادٍ والقوانين واللوائح المنظمة لطبيعة العمل في وادٍ آخر، يمطرونك بتأكيداتهم المستمرة بأن الأسس والقوانين والنظام هو ما يحكم عملهم، وأن التجاوزات أو الواسطات ليس لها دور مطلقاً في نظام التعيين المعمول به لديهم، بينما تسمع وتشاهد أن الأقراء والمحاسيب تكتظ الوزارة أو المؤسسة أو الشركة بهم لا هناك يؤدون عملاً، بل مجرد التسكع في ردهات المرفق، والكثير منهم لا يأتون ولا يباشرون أي عمل في المرفق مجرد قوى عاملة (مقنعة).

وبالرغم من نفيهم الدائم بكل ما ينشر بهذا الصدد، ولما يقال على لسان العامة من أن فلاناً عين بالواسطة أو المحسوبية وآخر تخرج منذ أكثر من عقد من الزمان ولم يجد له فرصة عمل حكومية ولم يحصل على حقه في الوظيفة (لأنه غير مدعوم)، لا يدرك مسؤولو المرافق أن العمل حق من حقوق المواطن، وأن هناك ميزانية للقوى الوظيفية توجد في كل مرفق حكومي، معتمدة من قبل جهات الاختصاص (وزارة المالية والخدمة المدنية) بإمكان المرفق أن يعين أشخاصاً في حدود الوظائف المقررة له مالياً في موازنة القوى الوظيفية، ولا يحق له أن يتجاوز ذلك.

لكن بعض المرافق تعين أشخاصاً خارج التشكيلات (ديوان الخدمة المدنية) وخارج دائرة الموازنة، وهم كذلك دون الثانوية العامة، هؤلاء كما نلاحظ أن معظمهم عينوا عن طريق المعرفة (المحسوبية) أو عن طريق المتنفذين داخل المؤسسات وعدد كبير ولهم أسماء ورواتب على القوائم، ودوامهم يقتصر فقط على تواجدهم في المنازل، يأتون نهاية الشهر لاستلام رواتبهم.

كل هذه المخالفات الإدارية - المالية حدثت أيام (الهوشلية) أثناء غياب الحكومة وجهات الرقابة، ولا تزال هذه المخالفات سارية المفعول، وهذا خطأ كبير، حيث إن هذه المخالفات التي تلعب الواسطة والمحسوبية فيها دور كبير، يضيع من خلالها حق أصحاب الحقوق ليصعد على أكتافهم أبناء المتنفذين أو المدعومين بالواسطات، لا شك أنه أمر في غاية الخطورة، إذ يزيد الشعور بالظلم وعدم تحقيق العدالة والمساواة.

وغالباً ما يبرئ المسؤولون ذمتهم من هذا الظلم، ليضعوه في رقاب غيرهم، إذاً فمن المسؤول عن ضياع الحقوق وعدم تحقيق العدالة، وخاصة في الوظائف الحكومية التي أصبحت تخضع للواسطة والمحسوبية كمعيار أفضل بكثير من معيار الخبرة والكفاءة العلمية لتختل بذلك الموازين؟، وربما تختل معها العقول أيضاً، فمن المسؤول؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى