نفط الحضارم يقتل الحضارم

> بظهور النفط في حضرموت وتدفقه لم تتحول تلك الصرخة التي رددها الجميع حينها "يا حضرموت افرحي"، إلى فرح بقدر ما تحولت جلداً وسجناً وقمعاً وقتلاً، على حد المثل الحضرمي القائل "أنا جبته لنفسي ماحد جابه لي".
فمنذ ظهور البشارة بأن حضرموت تختزن النفط الذي يجلب الغنى والترف والرفاهية، حتى شهدت البلاد كلها نزاعاً وحرباً، وتمركزت المصالح الكبيرة والصغيرة في حضرموت واستبعدت حينها حضرموت، من حضرموت وتولى غيرها إدارتها وحكمها.

كل ما أصاب حضرموت من تنكيل وإبعاد وتهجير وتعطيل، كان سببه المباشر النفط الحضرمي نفسه، ومعه كل المنتفعين منه كباراً صغاراً وتابعين وأذيالاً من الحضارم أيضاً، ولم يعد أمام حضرموت من مشروع إلا أن تقبل أو تقتل.

بعد أن شهدت المنطقة كلها تلك الطفرة النفطية، وسالت الصحاري مالاً وذهباً، كانت حضرموت تجوع وتتسول العمل في بلاد النفط، وترجو أن تجود الأقدار عليها بالخير، وتفتح أمامها أبواب الرزق من باطن الأرض باستخراج النفط، لكن بعد ظهور وإنتاج النفط انفتح أمام الحضارم سجن كبير وقيدت إرادتهم، وانهالت الأطماع فيهم ضرباً وتفرقة وتنكيلاً.

وأمام ما أصابنا من لعنة النفط، وما أصابنا أيضاً من بغض له وكره، لم نعد نريده أن يجري لا تحت الأرض ولا فوقها ولا في شوارعنا، حتى أن أبناء حضرموت، وتحت ظلال الحكم وجشعه انسلخوا عن حضرموت، وتحولوا إلى هراوات علينا، فالمسألة ليست هنا أن ما يجمعنا حضرموت بقدر ما تفرقنا ثقافة الحكم وجلاديه من أبنائنا قبل غيرهم، وأن ما ننادي بها من مشاريع ترفع بها حضرموت رقبتها بعز أمام الغير، جعلها تنتكس بسبب من شربوا ثقافة الطمع الشمالي، وغير الشمالي، ولبسوا ما لا نلبسه، وغيروا صرخة الفرحة إلى أسى، وداسوا الفقراء بجنازير الأنانية والطمع، وأطلقوا الرصاص علينا من مال النفط الحضرمي نفسه، ذلك النفط الذي تمنينا أن يسقينا شهداً وعسلاً، فسقانا ناراً ورصاصاً وقتلاً.

إذا نحن نعاقب ومن دون ليه! لسببين رئيسيين، أولهما أننا حضارم، والثاني لأننا حضارم ومعنا نفط، وبالمناسبة أتذكر، وهذا للأمانة والتاريخ، ذلك اليوم حين دار مفتاح أنبوب النفط بمنطقة المسيلة، وقد كنت حاضراً حينها، وآنذاك جرني سياسي حضرمي كبير وقال لي: "أخاف أن نصاب بعين النفط، ونحترق به".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى