نحن ورمضان

> في مثل هذه الأيام كانت (ست الكل) المذيعة الخالدة في قلوبنا (نبيلة حمود) تملأ أثيرنا تراتيل وابتهالاً، بمجرد أن تكشف عن الخارطة البرامجية عبر إذاعة عدن الرائدة، فنعرف أن رمضان على الأبواب.
رحلت النبيلة (نبيلة حمود) عن دنيانا الفانية، ورحلت معها أيام رمضانية لها رائحة العطر، سكتت إذاعة عدن كرهاً وحقداً وغلاً فتشابهت علينا الأيام مثلما تشابهت علينا البقر.

رمضان يقترب في هدوء دون ضجيج المنابر وكأنه شهر مثل باقي الشهور، مع أنه شهر الله وهو يجزي به، حري بنا أن نبتهج لاستقباله وننتظر هلاله بفارغ الصبر، لكن كيف نفعل ذلك ووضعنا المعيشي في (التنكة)؟

ورمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، يأتي في وضع إنساني مأساوي، فالمواطن بين فكي رحى سلطة مهاجرة ومغتربة، وأحزاب سياسية تتاجر بمعاناتنا اليومية، وقيادات دراكولية تعصر المواطن وتحاربه في رزقه ومعاشه، طمعاً في تحقيق مكاسب سياسية كيدية، ولو كان الثمن ازدهار المقابر في هذه الأيام الروحانية المباركة.

رمضان يحتاج الشيء والشويات، فكيف سيتدبر المواطن أمره في شهر العبادة والأعمال الصالحة التي ليس بينها وبين الله حاجز؟

إليك يا رب يشكو المواطن قلة حيلته في شهرك الكريم، حرب الخدمات تفقده فيوزاته، وإيقاف المرتبات تشل توازنه وتعيق حركته، ومتطلبات الشهر الفضيل أرق يطير النوم من عينيه، إنك يا الله شاهد على ألاعيب فرقاء السياسة، وترى عيونك التي لا تنام ظلم ذوي القربى ومكاييلهم التي تستند على المبدأ المكيافيلي الأعرج (الغاية تبرر الوسيلة).

مواطن معدم معاشه التقاعدي ثلاثون ألف ريال، المطلوب منه شراء أبسط احتياجات رمضان: كيس رز وكيس سكر وكيس دقيق، بقية اللوازم الرمضانية لم تعد ممكنة حتى في أحلام اليقظة، فإذا كانت تسعيرة الرز والدقيق والسكر ثمانين ألف ريال، فكيف للمواطن أن يعوض الفارق؟

يا الله.. لقد ضاق بنا الحال من عمليات التجويع السياسية الممنهجة ذات الطابع (التتاري)، وأنت شاهد على حفنة سياسيين مختلين عقلياً وسلوكياً يستئثرون بخيراتنا في الخارج مع عوائلهم، بينما الشعب هنا معذب في الأرض، لا ماء لا كهرباء لا معاش لا خدمات، حتى الموت أصبح مشكلة للمواطن وخراب بيوت وجيوب والعهدة على (الحانوتي) الذي أصبح ينافس البترول في ارتفاعه.

نستقبل رمضان بصرخة شعب يموت جوعاً، صرخة أنارت ما بين السماء والأرض، لكنها لم تصل إلى المسؤولين في إسطنبول والقاهرة والدوحة وأبو ظبي والرياض.

لم يعد هم المواطن في رمضان كيف يصوم بلا سحور؟ ولا كيف يفطر على بصلة؟ لكن المعضلة الإنسانية التي توجع وتؤلم كيف ينام بلا كهرباء في عز الرطوبة العالية؟ وكيف يتغلب على البعوض وسط موجة الحرارة وارتفاع منسوب المجاري؟ كيف يقي نفسه شر فيروس كورونا المستطير؟ كيف يسمع نصيحة وزارة الصحة: خليك بالبيت، وبيته أصلاً مصدر الداء وبيئة حاضنة لكل الفيروسات الطائرة و الزاحفة؟

حتى زكاة رمضان حولها بعض التجار السياسيين إلى برنامج سياسي دعائي، مطلوب صورتك وبطاقتك وخلفيتك السياسية، ثم يقف المواطن في طابور طويل أمام بيوت (الشهبندرات) السياسية وكأنه متسول يبحث عن مكرمة مغموسة في ذل معاناته، لا في موسم زكاة فرضها الله على كل مقتدر شريطة أن تكون خالصة لوجه الله يطهر بها نفسه وتجارته، وليس تحويلها إلى مسلسل درامي يتفنن في سرد محاسن منهم على شاكلة الشيخ (طفاح) الذين ذكرهم الله في كتابه وتوعدهم يوم القارعة بنار حامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى