المؤمن كيّس فطن إلا من أبى

> تعلمنا من المأثور الإسلامي الرائع حكماً وأقوالاً هي الجواهر الثمينة التي لا يمكن أن تكون إلا تجارة رابحة في الدين والدنيا، ومن ذلك المأثور الذي يضعه كل عاقل سوي نصب عينيه وبداخل فؤاده في حله وترحاله، في قوله وفعله، وذلك المأثور البليغ هو (المؤمن كيّس فطن)، وكذلك (الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحبها)، وهذا ينطبق على الكل عوامهم وأكابرهم، أو كما نقول بمصطلح الزمن الحاضر: النخب والساسة، لكن بالنسبة لأكابر القوم ونخبهم فهم أحوج الناس وأولاهم بالحكمة والفطنة وحسن القول والتصرف.

أما إذا رأيت من نراه كبيراً وذا مرتبة عالية وهو يسقط في فاحش القول ويتصرف بحماقة، فاعرف أن ذلك الكبير قد هوى في أعماق الهاوية، ولن يستطيع الارتفاع من القاع الذي هبط فيه اختياراً وإن صنعوا له أجنحة كأجنحة الشاهين.
المؤمن كيُس فطن نعم في مجمل الحالات إلا من أبى، ومن أبى فلقد حق عليه القول: إنه ناكث غزله بيديه، وفضح ذلك الساتر العنكبوتي الجميل بجملة سهلة اللفظ وعديمة النفع، بل هي الهاوية السحيقة التي انتكس فيها وحط عليها.

لعل كبار القوم أو النخب في بلدان كثيرة يحرصون على قلة الكلام وقصر الحديث والإيجاز فيه مع حسن انتقاء الكلمات معنى ومبنى، فربما تسقطك كلمة من العلو لترمي بك في أسفل منزلة بلحظة نشوة وخيلاء، وربما كلمة معتبرة وحكيمة رفعتك بين الملأ، وصرت من الذين يستشهد الناس بكلمتهم لحسن وقعها في عقول وقلوب المستمعين.

نعم هناك من الكبار من يصيبه الحمق والغرور وحب الانتقام فيخرج عن الكياسة وحسن السياسة، فيصيب بطيش كلامه نفسه قبل إصابته الآخرين، فكل الكلام مردود على قائله إن خيراً وإن شراً.
لذلك فمن ترك الحكمة والكياسة فقد أبى على نفسه التقدير والاحترام وخسر نفسه وإن أعجبته نفسه لحظة التلفظ بمثل ذلك الكلام الهابط.

إن النخب هم في عداد القدوة للآخرين، أو هكذا يجب أن يكونوا.
والقدوة يجب أن يكون كلامه موزوناً بالميزان المستقيم، وإلا فلن يحصل على تلك المرتبة، وهي مرتبة القدوة الطيبة والصالحة.

للأسف لدينا فائض ممن لا يريدون أن يحسنوا القول والعمل، ويبدو أن شخصياتهم لديها من مركبات النقص الكثير، وإلا فالحكمة يعض عليها الناس الأسوياء بالنواجذ، وكذلك الكلام الطيب والمفيد يقضي كثير من الناس معظم وقتهم في تعلمه وحفظه والامتثال به واتباعه.
وليتنا في نهاية الحديث هذا نكون ممن يسمع ويعي الكلام ويتبع أحسنه وأنفعه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى