كلمات في رمضان.. كُن أعبد الناس

>
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ، أو يعلمهنّ من يعمل بهنّ؟)، قال أبو هريرة: فقلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدّ خمسًا، قال: (اتّق المحارم، تكُن أعبدَ النّاس، وارضَ بما قسَم الله لك، تكُن أغنى النّاس، وأَحسن إلى جارك تكُن مؤمنًا، وأحِبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك، تكن مُسلمًا، ولا تُكثر الضّحك، فإنّ كثرةَ الضّحك تُمِيتُ القلب) رواه أحمد، والتّرمذي، وحسّنه الألباني، ويحتوي الحديث على توجيهات ووصايا وخصال عظيمة.

الخَصلة الأولى: اتّقاء المحارم.
(اتّقِ المحارم تكُن أعبد الناس): المحارم تشمل جميع المحرّمات من فعل المنهيّات، وترك المأمورات التّي جاء ذكرها في كتاب الله تعالى، وفي سنّة نبيّه المصطفى صلى الله عليه وسلم، كالشّرك، وقتل النّفس، والسّرقة، والزّنا، والنّميمة، والكذب، والخيانة، وقولِ الزور، وأكل الربا، وعقوق الوالدين، وقطع الرحم، وشرب الخمر، والسّحر وغيرها.

الخَصلة الثانية: الرّضا بما قسم الله.
(وارض بما قَسَم الله لك تكن أغنى النّاس)،السّعيد الحقّ هو من رضي بما قسم الله له، وصبر لمواقع القضاء خيره وشره، والرّضا هو السّياج الذي يحمي المسلم من تقلّبات الحياة، وهو الغنى الحقيقي؛ قال الله تعالى: {يوم لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم} (الشّعراء: 88-89).

الخَصلة الثّالثة: الإحسان إلى الجار.
(وأحسِن إلى جارك تكُن مؤمنًا): جعل النّبي صلّى الله عليه وسلّم الإحسانَ إلى الجار من علامات الإيمان، ويكونُ الإحسان إلى الجار بأمورٍ كثيرةٍ، منها: ردّ السّلام عليه، وإجابةُ دعوته، وكفّ الأذَى عنه، وتحمّل أذاه، وتفقّده، وقضاء حوائجه، وستره، وصيانة عرضه، والنّصح له.
والجيران ثلاثة: جارٌ قريبٌ مسلمٌ؛ فله حق الجوار والقرابة والإسلام، وجارٌ مسلمٌ غريبٌ؛ فله حقّ الجوار والإسلام، وجارٌ كافرٌ؛ فله حقّ الجوار، وإن كان قريبًا فله حقّ القرابة أيضًا.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) متّفقٌ عليه.

الخَصلة الرابعة: أحبّ للنّاس ما تُحبّ لنفسك.
(وأَحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك، تكن مسلمًا): من كمال الإسلام وسموّه أن تُحبّ للنّاس حصولَ ما تُحبّه لنفسِك، وحُبّ الخير للنّاس خلقٌ إسلاميّ أصيلٌ، ينبغي أن يتحلّى به كلّ مُسلمٍ، ولم ينصّ على أن يُبغض لأخيه ما يُبغض لنفسه.

الخَصلة الخامسة: لا تُكثرِ الضّحك.
(ولا تُكثر الضّحك فإن كثرة الضّحك تُميتُ القلب): الضّحك من خصائص الإنسان، فالحيوانات لا تضحك؛ لأنّ الضّحك يأتي بعد نوع من الفهم، والمعرفة لقول يسمعه، أو موقفٍ يراه.
والإسلام لا يُصادِر حق الضّحك؛ بل يرحّب به، ويُحِبُّ للمُسلم أن تكون شخصيته متفائلة، وأسوةُ المسلمين في ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان على الرغم من همومه يمزح وفي الوقت نفسه لا يقول إلا حقًا، ويحيا مع أصحابه ويشاركهم في ضَحِكهم، كما يشاركهم آلامهم، ولذا فإن المنهي عنه في هذا الحديث ليس الضّحك، بل كثرته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى