كلمات في رمضان .. ما بين العيب والحرام

> بعض المجتمعات تتمسك بالعيب حتى أكثر من الحرام نفسه، فتجدها تخلق قيودا ليس لها أصل في الدين، فما هو العيب؟ وما الفرق بينه وبين الحرام؟ ومن أين جاءت ثقافة العيب؟ وما السبيل لتصحيح هذه الثقافة وجعلها في إطارها الصحيح؟
فالعَيْبُ في اللغة هو الوصمة، والنقيصة، والشائبة، والمذمة، وجمعها أعياب وعيوب، واجتماعيا هو التصرف غير الملائم، والمنظور له كتصرف سيء ضمن المجتمع.

لكن معنى العيب الحالي المنتشر بيننا توسع وأخذ أبعادا اجتماعية وأخلاقية، وأيضا دلالات ذات علاقة بالشرف والكرامة، وأصبح ثقافة معيقة ومعطلة، وتؤثر في المناحي الحياتية للفرد.
وإذا تساءلنا عن الفرق بين العيب والحرام، فالعيب يستمد قوانينه من قواعد بشرية قد تسمى ذوقا أو أدبا أو مروءة، أما الحرام فهو مستمد من شريعة الله، وفاعله مؤاخذ شرعا.

فالعيب هو ما عابه الشرع وحرمه، وليس ما عرف بين الناس من عادات وتقاليد. وليس كل عيب حرام، إنما كل حرام هو عيب ولا يجوز القيام به.

فالطلاق، والمطلقات، والنظرة السلبية لهن، والطفل الذي نسكته في حضرة الكبار، ومن إذا أراد أن يذكر لفظ امرأة قال: أكرمكم الله، ومن يرى أنه من العار أن يذكر اسم أمه أو زوجته، وأن الرجل لا يعيبه إلا جيبه، وغيرها من الأمور تحت مسمى العيب، مما جعل المرأة تشعر بالدونية في مجتمعات العيب هذه، وأثر على سلوكها العام، وأصبحت تعاني من عدم الثقة بالنفس، والشك والريبة من إمكانية إخفاقها، وهذا مفهوم مرتبط بالعادات المتعارف عليها اجتماعيا.

فثقافة العيب وما يتصل بها من قوانين ما هي إلا الملاذ الأخير لكل عاجز عن إيجاد دليل من الكتاب والسنة، يسند ويدعم ما يرى ويعزز سلطته وسطوته على الآخرين، ويفرض ثقافته الأحادية كي يسير الناس حسب ما تهواه نفسه.

ولو بحثنا عن سبب ذلك؟
في الحقيقة، إن مفهوم "العيب" مرتبط بالعادات المتعارف عليها اجتماعيا؛ والعرف يؤخذ به في الناحية الشرعية، إن كان صحيحا وليس فاسدا.
والعرف معناه عند الأصوليين: "هو ما اعتاده الناس، وساروا عليه من كل فعل شاع بينهم، أو لفظ تعارفوا على إطلاقه"، فهو يشمل العرف القولي، والعرف العملي.

والعرف الصحيح هو: ما اعتاده الناس دون أن يصادم الشرع، فلا يحلل حراما ولا يحرم حلالا. أما العرف الفاسد: هو ما اعتاده الناس، ولكنه يحل حراما أو يحرم حلالا، وهذا مرفوض شرعا، ففي القرآن: نجد في تقدير الكسوة والنفقة للأم التي أرضعت ولدها، قال تعالى: ((وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) البقرة: 233.
- أما في السنة: قول النبي- صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. أخرجه البخاري.
فالفرق بين العيب والحرام يجب تبسيطه للناس، ونؤسس لمفهوم جديد يربط فيه المسلم كل سكناته وحركاته بالدين لا بالعادات والتقاليد، فالمجتمع إن حاسبك فلن يعاقبك، لكن الله إن حاسبك عاقبك، والمسلم لا يعبد إلاّ الله عز وجل، ولا يرجو سواه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى