قصص التوابين: ذكر التوابين من الملائكة عليهم السلام

> هاروت وماروت

> عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ إِلَى الأَرْضِ قَالَتِ: الْمَلائِكَةُ: أَيْ رَبَّنَا. ((أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ)) . [البقرة: 30] .
قَالُوا: رَبَّنَا! نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلائِكَةِ: هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلائِكَةِ حَتَّى نُهْبِطَهُمَا إِلَى الأَرْضِ فَتَنْظُرُوا كَيْفَ يَعْمَلانِ.
قَالُوا: رَبَّنَا! هَارُوتَ وَمَارُوتَ.

فَأُهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ وَمَثُلَتْ لَهُمَا الزَّهْرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ، فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا قَالَتْ: لا وَاللَّهِ! حَتَّى تَتَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الإِشْرَاكِ.
فَقَالا: لا وَاللَّهِ! لا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا.

فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا. فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ! حَتَّى تَقْتُلا هَذَا الصَّبِيَّ فَقَالا: لا وَاللَّهِ! لا نَقْتُلُهُ أَبَدًا.
فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ! حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ فَشَرِبَا حَتَّى سَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتِ: الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ إِلا فَعَلْتُمَاهُ حِينَ سَكِرْتُمَا، فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا والآخرة فاختارا - عذاب الدنيا".

وروي أنه لمَّا أَنْ أَفَاقَا جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مِنْ عِنْدِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهُمَا يَبْكِيَانِ فَبَكَى مَعَهُمَا وَقَالَ: لَهُمَا: مَا هَذِهِ الْبَلِيَّةُ الَّتِي أَجْحَفَ بِكُمَا بَلاؤُهَا وَشَقَاؤُهَا؟.
فبكيا إليه فقال له: ما: إِنَّ رَبَّكُمَا يُخَيِّرُكُمَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَأَنْ تَكُونَا عِنْدَهُ فِي الآخِرَةِ فِي مَشِيئَتِهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَكُمَا وَإِنْ شَاءَ رَحِمَكُمَا، وَإِنْ شِئْتُمَا عَذَابَ الآخِرَةِ. فَعَلِمَا أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ وَأَنَّ الآخِرَةَ دَائِمَةٌ وأن الله بعباده رؤوف رَحِيمٌ. فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَا فِي الْمَشِيئَةِ عِنْدَ اللَّهِ.

قَالَ: فَهُمَا بِبَابِلِ فَارِسَ مُعَلَّقَيْنِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فِي غَارٍ تَحْتَ الأَرْضِ يُعَذَّبَانِ كُلَّ يَوْمٍ طَرَفَيِ النَّهَارِ إِلَى الصَّيْحَةِ، وَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَلائِكَةُ خَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا فِي الْبَيْتِ ثُمَّ قَالُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَلَدِ آدَمَ، عَجَبًا كَيْفَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُطِيعُونَهُ عَلَى مَا لَهُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ!.
قال الربيع بن أنس: لما ذهب عن هاروت وماروت السكر عرفا ما وقعا فيه من الخطيئة، وندما وأرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا، ولم يؤذن لهما، فبكيا بكاءً طويلًا وضاقا ذرعًا بأمرهما.

ثم أتيا إدريس - عليه السلام - وقالا له: ادع لنا ربك فإنا سمعنا بك تُذكَر بخير في السماء، فدعا لهما، فاستجيب له، وخُيِّرا بين عذاب الدنيا والآخرة.
وروي أن الملائكة لما قالوا لله - تبارك وتعالى -: ((أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)) [البقرة: 30] طافوا حول العرش أربعة آلاف عام يعتذرون إلى الله - عز وجل - من اعتراضهم عليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى