قصص التوابين: توبة موسى عليه السلام

> لما سمع موسى - عليه السلام - كلام ربه - عز وجل - طمع في رؤيته. فقال: ((رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي)) [الأعراف: 143] .
قال الله تعالى: يا ابن عمران! إنه لا يراني أحد فيحيا قال موسى: رب لا شريك لك إني أن أراك وأموت أحب إلي من أن لا أراك وأحيا رب أتمم علي نعماك وفضلك وإحسانك بهذا الذي أسألك وأموت على أثر ذلك.

ولما رأى الله الرحيم بخلقه من حرص موسى على أن يعطيه سؤله قال: انطلق فانظر الحجر الذي في رأس الجبل فاجلس عليه فإني مهبط عليك جندي ففعل موسى.

فلما استوى عليه عرض الله تعالى عليه جنود سبع سماوات فأمر ملائكة سماء الدنيا أن يعرضوا عليه فمروا بموسى - عليه السلام - ولهم أصوات مرتفعة بالتسبيح والتهليل كصوت الرعد الشديد ثم أمر ملائكة السماء الثانية أن يعرضوا عليه ففعلوا فمروا به على ألوان شتى ذوو وجوه وأجنحة منهم ألوان الأسد رافعي أصواتهم بالتسبيح ففزع موسى منهم وقال: أي رب! إني ندمت على مسألتي رب! هل أنت منجي من مكاني الذي أنا فيه؟

قال له رأس الملائكة: يا موسى! اصبر على ما سألت فقليل من كثير ما رأيت.
ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى فأقبل ما لا يحصى عددهم على ألوان شتى ألوانهم كلهب النار لهم بالتسبيح والتهليل زجل فاشتد فزع موسى - عليه السلام - وساء ظنه ويئس من الحياة.

فقال له رأس الملائكة: يا ابن عمران اصبر حتى ترى ما لا تصبر عليه.
ثم أوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء الرابعة أن اهبطوا إلى موسى بالتسبيح فهبطوا ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج لهم أصوات عالية بالتسبيح والتقديس لا تشبه أصوات الذين مروا به.

فقال له رأس الملائكة: يا موسى اصبر على ما سألت.

فكذلك أهل كل سماء إلى السماء السابعة ينزلون إليه بألوان مختلفة وأبدان مختلفة وأقبلت ملائكة يخطف نورهم الأبصار ومعهم حراب الحربة كالنخلة الطويلة العظيمة كأنها نار أشد ضوءًا من الشمس وموسى - عليه السلام - يبكي رافعا صوته يقول: يا رب اذكرني ولا تنسني أنا عبدك ما أظن أن أنجو مما أنا فيه إن خرجت احترقت وإن مكثت مت.

قال له رأس الملائكة: قد أوشكت أن تمتلئ خوفا وينخلع قلبك هذا الذي جلست لتنظر إليه.
قال: ونزل جبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في سبع سماوات وحملة العرش والكرسي وأقبلوا عليه يقولون: يا خاطئ ابن الخاطئ ما الذي رقاك إلى هاهنا وكيف اجترأت أن تسأل ربك أن تنظر إليه؟ وموسى - عليه السلام - يبكي وقد اصطكت ركبتاه وتخلعت مفاصله.

فلما رأى الله - عز وجل - ذلك من عبده أراه قائمة عرشه فتعلق بها فاطمأن قلبه فقال له إسرافيل: يا موسى! والله - إنا لنحن رؤساء الملائكة - لم نرفع أبصارنا نحو العرش منذ خلقنا خوفا وفرقا فما حملك أيها العبد الضعيف على هذا؟
فقال موسى: يا إسرافيل - وقد اطمأن - أحببت أن اعرف من عظمة ربي ما عرفت.

ثم أوحى الله - عز وجل - للسماوات: إني متجل للجبل فارتعدت السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والنجوم والسحاب والجنة والنار والملائكة والبحار وخروا كلهم سجدا وموسى ينظر إلى الجبل ((فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً)) [الأعراف: 143] ميتا من نور رب العزة جل وعلا فوقع عن الحجر وانقلب عليه فصار عليه مثل القبة لئلا يحترق.

قال الحسن: فبعث الله تعالى جبريل - عليه السلام - فقلب الحجر عن موسى وأقامه فقام موسى - عليه السلام - فقال: ((سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ)) [الأعراف: 143] مما سألت ((وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)) الأعراف: 143] أي أنا أول من آمن أنه لا ينظر إليك أحد إلا مات وقيل: أنا أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى