قصص التوابين: [توبة داود عليه السلام]

> َخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَنْبَأَ ثَابِتٌ أنا أَبُو عَلِيٍّ أنا مَخْلَدٌ أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أنا إِسْمَاعِيلُ أنا إِسْحَاقُ قَالَ: وَأَنْبَأَ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

"كَانَ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - قَدْ قَسَّمَ الدَّهْرَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَيَوْمٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُدَارِسُهُمُ الْعِلْمَ وَيُدَارِسُونَهُ وَيَوْمٌ لِلْمِحْرَابِ وَيَوْمٌ لِلْقَضَاءِ وَيَوْمٌ لِلنِّسَاءِ فَبَيْنَا هُوَ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُدَارِسُهُمْ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لا يَأْتِي عَلَى ابْنِ آدَمَ يَوْمٌ إِلا يُصِيبُ فِيهِ ذَنْبًا فَقَالَ دَاوُدُ فِي نَفْسِهِ: الْيَوْمُ الَّذِي أَخْلُو فِيهِ لِلْمِحْرَابِ تَتَنَحَّى عَنِّي الْخَطِيئَةُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا دَاوُدُ! خُذْ حِذْرَكَ حَتَّى تَرَى بَلاءَكَ".

قال إسحاق: وأخبرنا ابن بشر عن قتادة عن الحسن قال: فبينا هو في محرابه منكب على الزبور يقرؤها إذ دخل عليه طائر من الكوة فوقع بين يديه جسده من ذهب وجناحاه من ديباج مكلل بالدر ومنقاره زبرجد وقوائمه فيروزج.
فوقع بين يديه فنظر إليه فحسب أنه من طير الجنة فجعل يتعجب من حسنه - وكان له ابن صغير - فقال: لو أخذت هذا فنظر إليه ابني فأهوى إليه فتباعد منه ويطمعه أحيانا من نفسه حتى تكاد تقع يده عليه فتباعد منه أيضا. فما زال كذلك يدنو ويتباعد حتى قام من مجلسه وأطبق الزبور.

فطلبه فوقع في الكوة فطلبه في الكوة فرمى بنفسه في بستان فاطلع داود فإذا بامرأة تغتسل.
فأخرج رأسه من الكوة فإذا هو بامرأة تغتسل فنظر إلى أحسن خلق الله. ونظرت المرأة وإذا وجه رجل فنشرت شعرها فغطت جسدها.

فزاده ذلك بها إعجاباً. فرجع إلى مكانه وفي نفسه منها ما في نفسه.
فبعث لينظر من هي؟ فرجع إليه الرسول فقال: هي تشايع ابنة حنانا وزوجها أوريا ابن صورا - وهو في البلقاء مع ابن أخت داود محاصرين قلعة -.

فكتب داود إلى ابن أخته كتابا إذا جاءك كتابي هذا فمر أوريا بن صورا فليحمل التابوت وليتقدم أمام الجيش - وكان الذي يتقدم لا يرجع حتى يقتل أو يفتح الله عليه -.
فدعا صاحب الجيش أوريا فقرأ عليه الكتاب فقال: سمعا وطاعة فحمل التابوت وسار أمام أصحابه فقتل. وكتب ابن أخت داود بذلك إلى داود.

فلما انقضت عدة المرأة أرسل إليها داود فخطبها فتزوجها.

وعن قتادة عن الحسن قال: إن داود لما تزوج تشايع بنت حنانا وكان يخلو للعبادة في المحراب فبينا هو في المحراب إذ سمع صوتا عاليا ثم تسور عليه رجلان حتى اقتحما عليه فلما رآهما فزع منها قالا: ((لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ)) - يعني اعتدي بعضنا على بعض فظلمه ((فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ)) - يعني لا تجر ((وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ)) [ص: 22]- يعني إلى قصد السبيل.

فقال داود: قصا علي قصتكما قال: ((إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقال أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)) - يعني قهرني وظلمني - وأخذ نعجتي فضمها إلى نعاجه ((وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)) [ص: 22] يعني إذا تكلم كان أبلغ في المخاطبة مني وإذا دعا كان أسرع إجابة مني وإذا خرج كان - يعني - أكثر تبعا مني -.
فقال داود: ((قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)) [ص: 24]

قال: فضحك المدعى عليه فقال داود: تظلم وتضحك؟ ما أحوجك إلى قدوم يرض منك هذه وهذه - يعني جبهته وفاه.
قال الملك: بل أنت أحوج إلى ذلك منه وارتفعا.

وفي رواية قال: فتحولا في صورتهما وعرجا وهما يقولان: قضى الرجل على نفسه.
وعلم داود أنه إنما عني به هو فخر ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة لا بد منها ثم يعود فيسجد لا يأكل ولا يشرب وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه وهو ينادي ربه - عز وجل - ويسأله التوبة.

وكان يقول في سجوده: سبحان خالق النور الحائل بين القلوب! سبحان خالق النور! إلهي خليت بيني وبين عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي سبحان خالق النور! إلهي لم أفارق الزبور ولم أتعظ بما وعظت به غيري إلهي! أمرتني أن أكون لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالزوج الرحيم فنسيت عهدك! سبحان خالق النور! إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة وإنما الظالمون من طرف خفي سبحان خالق النور! إلهي! الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصاب! سبحان خالق النور! إلهي! الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء فيقال: هذا داود الخاطىء! سبحان خالق النور! إلهي! أنت المغيث وأنا المستغيث فمن يدعو المستغيث إلا المغيث؟ سبحان خالق النور إلهي إليك فررت بذنوبي واعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين ولا تخزني يوم الدين - في مناجاة كثيرة.

قال: فأتاه نداء: أجائع أنت فتطعم؟ أظمآن أنت فتسقى؟ أمظلوم أنت فتنصر؟ ولم يجبه في ذكر خطيئته. قال: فصاح صيحة هاج ما حوله ثم نادى: يا رب! الذنب الذي أصبت؟
فنودي: يا داود! ارفع رأسك فقد غفرت لك.

وعن وهب بن منبه أن داود أتى قبر أوريا فقام عنده وجعل التراب على رأسه ثم نادى فقال: الويل لداود ثم الويل الطويل لداود! سبحان خالق النور! الويل لداود ثم الويل لداود إذا نصبت الموازين! سبحان خالق النور! الويل لداود ثم الويل الطويل لداود يوم يقتص للمظلوم من الظالم! سبحان خالق النور! الويل لداود ثم الويل الطويل لداود يوم يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النار! سبحان خالق النور! الويل لداود ثم الويل الطويل لداود!

قال: فأتاه نداء من السماء: يا داود! قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك وأقلت عثرتك، قال: يا رب! كيف تعفو عني وصاحبي لم يعف عني؟
قال: يا داود أعطيه يوم القيامة من الثواب ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه فأقول: رضي عبدي؟ فيقول: يا رب! من أين لي هذا ولم يبلغه عملي؟ فأقول له هذا عوض من عبدي داود فأستوهبك منه فيهبك لي.

قال: يا رب! الآن عرفت أنك قد غفرت لي.
ذَلِكَ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْمُرَ بَعْضَ الشَّيَاطِينِ فَيُصَوِّرُونَ لِي صُورَةَ أَبِي فِي دَارِي فَأَرَاهُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا رَجَوْتُ أَنْ يَذْهَبَ عَنِّي حُزْنِي وَيُسَلَّى عَنِّي بَعْضُ مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي.

فَأَمَرَ سُلَيْمَانُ صَخْرًا الْمَارِدَ فَمَثَّلَ لَهَا أَبَاهَا فِي هَيْئَتِهِ فِي نَاحِيَةِ دَارِهَا لا تُنْكِرُ مِنْهُ شَيْئًا إِلا أَنَّهُ لا رُوحَ فِيهِ. فَعَمَدَتْ إِلَيْهِ فَزَيَّنَتْهُ وَأَلْبَسَتْهُ حَتَّى تَرَكَتْهُ فِي هَيْئَةِ أَبِيهَا وَلِبَاسِهِ فَإِذَا خَرَجَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مِنْ دَارِهَا تَغْدُو عَلَيْهِ كُلَّ غُدْوَةٍ مَعَ جَوَارِيهَا فَتُطَيِّبُهُ وَتَسْجُدُ لَهُ وَتَسْجُدُ جَوَارِيهَا وَتَرُوحُ بِمِثْلِهِ - وَسُلَيْمَانُ لا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ -.
حَتَّى أَتَى لِذَلِكَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَبَلَغَ النَّاسَ وَبَلَغَ آصِفَ بْنَ بَرْخِيَا - وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ - فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَقُومَ مَقَامًا أَذْكُرُ فِيهِ مَنْ مَضَى مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَأُثْنِي عَلَيْهِمْ بِعِلْمِي فِيهِمْ.

قَالَ: فَجَمَعَ سُلَيْمَانُ النَّاسَ فَقَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ مَنْ مَضَى مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَأَثْنَى عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ بِمَا فِيهِ وَذَكَرَ مَا فَضَّلَهُمُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سُلَيْمَانَ فَذَكَرَ فَضْلَهُ وَمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ فِي حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَصِغَرِهِ ثُمَّ سَكَتَ. فَامْتَلأَ سُلَيْمَانُ غَيْظًا. فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ. فَقَالَ: يَا آصَفُ! ذَكَرْتَ مَنْ مَضَى مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَأَثْنَيْتَ عَلَيْهِمْ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي زَمَانِهِمْ كُلِّهِ فَلَمَّا ذَكَرْتَنِي جَعَلْتَ تُثْنِي عَلَيَّ بِخَيْرٍ فِي صِغَرِي وَسَكَتَّ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِي فِي كِبَرِي فَمَا الَّذِي أَحْدَثْتُ فِي كِبَرِي؟.

قَالَ: أَحْدَثْتَ أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ يُعْبَدُ فِي دَارِكَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي هَوَى امْرَأَةٍ.
قَالَ: فِي دَارِي؟ قَالَ: فِي دَارِكَ.

قَالَ: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عَرَفْتُ مَا قُلْتَ هَذَا إِلا عَنْ شَيْءٍ بَلَغَكَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى دَارِهِ وَكَسَرَ ذَلِكَ الصَّنَمَ وَعَاقَبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَوَلائِدَهَا ثُمَّ دَعَا بِثِيَابِ الطُّهْرِ فَلَبِسَهَا. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى فَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ فَفُرِشَ لَهُ الرَّمَادُ ثُمَّ أَقْبَلَ تَائِبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَجَلَسَ عَلَى ذَلِكَ الرَّمَادِ يَتَمَعَّكُ فِيهِ مُتَذَلِّلا مُتَضَرِّعًا يَبْكِي وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَقُولُ: يَا رَبِّ! مَا هَذَا بَلاؤُكَ عِنْدَ آلِ دَاوُدَ أَنْ يَعْبُدُوا غَيْرَكَ وَأَنْ يُقِرُّوا فِي دَارِهِمْ وَأَهْلِهِمْ عِبَادَةَ غَيْرِكَ؟!. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَمْسَى. ثُمَّ رَجَعَ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ سَمَّاهَا الأَمِينَةَ. وَكَانَ إِذَا أَتَى الْخَلاءَ أَوْ أَرَادَ إِتْيَانَ امْرَأَةٍ وَضَعَ خَاتَمَهُ عِنْدَهَا وَكَانَ لا يَمَسُّهُ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مُلْكَهُ فِي خَاتَمِهِ.

قال وهب: فجاء يوما يريد الوضوء فدفع الخاتم إليها. وجاء صخر المارد فسبق سليمان فدخل المتوضأ فدخل سليمان لحاجته وخرج الشيطان على صورة سليمان ينفض لحيته من الوضوء لا تنكر من سليمان شيئا فقال: خاتمي يا أمينة! فناولته إياه لا تحسب إلا أنه سليمان فجعله في يده. ثم جاء حتى جلس على سرير سليمان وعكف عليه الطير والجن والإنس.

وخرج سليمان فقال للأمينة: خاتمي قالت: ومن أنت؟ قال: أنا سليمان بن داود - وقد تغير عن حاله وذهب عنه بهاؤه - قالت: كذبت إن سليمان قد أخذ خاتمه وهو جالس على سريره في ملكه.
فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته.

قال الحسن: فخرج سليمان هاربا مخافة على نفسه. فمضى على وجهه بغير حذاء ولا قلنسوة في قميص وإزار.
فمر بباب شارع على الطريق - وقد جهده الجوع والعطش والحر - فأتى الباب فقرعه فخرجت امرأة فقالت: ما حاجتك؟ فقال: ضيافة ساعة فقد ترين ما أصابني من الحر والرمضاء قد احترقت رجلاي وبلغ مجهودي من الجوع والعطش.

قالت المرأة: زوجي غائب وليس يسعني أن أدخل رجلا غريبا علي فادخل البستان فإن فيه ماء وثمارا فأصب من ثماره وتبرد فيه فإذا جاء زوجي استأذنته في ضيافتك فإن أذن لي فذاك وإن أبى أصبت ما رزق الله ومضيت.

فدخل البستان فاغتسل ووضع رأسه فنام - فآذاه الذباب - فجاءت حية سوداء فأخذت ريحانة من البستان بفيها وجاءت سليمان فجعلت تذب عنه الذباب حتى جاء زوج المرأة فقصت عليه القصة فدخل إلى سليمان فلما رأى الحية وصنيعها دعا امرأته فقال لها: تعالي فانظري إلى العجب! فنظرت ثم مشيا إليه فأيقظاه ثم قالا له: يا فتى! هذا منزلنا لا يسعنا شيء يعجزك وهذه ابنتي قد زوجتكها - وكانت من أجمل نساء زمانها - فتزوجها وأقام عندهم ثلاثا ثم قال: لا يسعني إلا طلب المعيشة لي ولأهلي.

فانطلق إلى الصيادين فقال لهم: هل لكم في رجل يكون معكم يعينكم وترضخون له من صيدكم وكل يأتيه الله برزقه؟.
فقالوا: قد انقطع عنا الصيد وليس عندنا فضل نعطيكه.

فمضى إلى غيرهم فقال لهم مثل هذه المقالة. فقالوا: له: نعم وكرامة نواسيك بما عندنا.
فأقام عندهم يختلف كل ليلة إلى أهله بما أصاب من الصيد حتى أنكر الناس قضاء سليمان وفعاله. فلما رأى الخبيث أن الناس قد فطنوا له انطلق بالخاتم فألقاه في البحر.

قال الحسن: أمسك الخاتم أربعين يوما. وروي أنه قعد على كرسي سليمان فاجتمع له الجن والإنس والشياطين. وملك كل شيء كان يملكه سليمان - عليه السلام - إلا أنه لم يسلط على نسائه.
وخرج سليمان يسأل الناس ويتضيفهم ويقوم على باب الرجل والمرأة ويقول: أطعموني فإني سليمان بن داود. فيطردونه ويقولون له: ما يكفيك ما أنت فيه حتى تكذب على سليمان وهذا سليمان على ملكه حتى أصابه الجهد واشتد عليه البلاء.

فلما تم عليه أربعون يوما قال: آصف: يا معشر بني إسرائيل! هل رأيتم من خلاف حكم ابن داود ما رأيت؟ قالوا: نعم فعمد عند ذلك الخبيث فألقى الخاتم في البحر.

فاستقبله جري فابتلع الخاتم فصار في جوفه مثل الحريق من نور الخاتم. فاستقبل جرية الماء فوقع في شباك الصيادين الذين كان سليمان معهم فلما أمسوا قسموا السمك فأسقطوا الجري فجعلوه لسليمان فذهب به إلى أهله فأمرهم أن يصنعوه فلما شقوا بطنه أضاء البيت نورا من خاتمه فدعت المرأة سليمان فأرته الخاتم فتختم به وخر لله ساجدا وقال: إلهي! لك الحمد على قديم بلائك وحسن صنيعك إلى آل داود. إلهي! أنت ابتدأتهم بالنعم وأورثتهم الكتاب والحكم والنبوة فلك الحمد إلهي! تجود بالكبير وتلطف بالصغير فلك الحمد نعماؤك ظهرت فلا تخفى وبطنت فلا تحصى فلك الحمد. إلهي! لم تسلمني بذنوبي فلك الحمد تغفر الذنوب وتستجيب الدعاء فلك الحمد إلهي! لم تسلمني بجريرتي فلك الحمد ولم تخذلني بخطيئتي فلك الحمد إلهي فأتم نعمتك علي واغفر لي ما سلف وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فذلك قوله تعالى: ((وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ)) [ص: 34] .

وروي عن عكرمة أن سليمان لما أصاب الملك أمر بحمل أهل ذلك البيت فوضعهم في وسط المملكة ولم يكن سليمان - عليه السلام - نال تلك المرأة حتى رد الله عليه ملكه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى