كهرباء عدن عنوان فشل الشرعية والانتقالي وبداية خروج التحالف

> عدن «الأيام» تحليل

>
  • المواطن ضحية صراع مصالح بين الشرعية والانتقالي
  • الجرائم بحق المدنيين ترتقي إلى جرائم حرب
> أصبحت عدن مدينة غير صالحة للسكن، تعصف بها الأزمات واحدة تلو الأخرى. الكهرباء أحالت حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق، ولا خدمات يمكن الحديث عنها في المدينة، فالماء والتعليم والصحة والأمن والطرقات جميعها تشهد حالة من الانهيار المتواصل منذ سبعة أعوام، هي عمر هذه الحرب.

استبشر المواطنون عند تحرير المدينة أن دولا خليجية أتت إلى المدينة لإنقاذها وانتشالها، وها هي أغنى دولة عربية عاجزة عن إضاءة مصباح في عدن، لكن اللوم ليس عليها.

إن العجز المتأصل في عهد الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومات المتعاقبة، أصبح العادة وليس الاستثناء. التعيينات تتم كلها بالمحسوبية، وعلاقة ذوي القربى أو التقاسم الحزبي، فأصبح المؤهلون لإدارة البلد في البيوت، وتقلد الجاهلون المناصب، وأوصلوا البلاد إلى الخراب.

وبالمحصلة بعد سبع سنوات حرب، أصبح المواطنون أمام انهيار شامل في مستويات المعيشة، فالرواتب أصبحت اليوم لا تكفي لشراء قوت يومهم بعد أن انهار الريال من 215 ريال للدولار الواحد في بداية الحرب، إلى 910 ريال للدولار البارحة، ونفس الانهيار مس كل مناحي الحياة من تعليم وصحة وماء وطرقات وكهرباء، والأخيرة أخطرها، إذ أنها موضوع حياة أو موت في بيئة البلاد الحارة.

تقول المملكة العربية السعودية وعدد من المانحين إنهم قد صبوا مليارات من المساعدات، لكن في الواقع لم نرَ أي من تلك الأموال، ولم تقم كل تلك المساعدات بتغيير مستوى معيشة المواطنين، فأين ذهبت؟

يكفي أن تشاهد تلك الكروش المنفوخة للمسؤولين في الشرعية لتعرف أين ذهبت كل تلك الأموال، فهذا البلد يشهد مستويات فساد غير مسبوق في كل درجات العمل الحكومي، وكل ذلك الفساد يدفع ثمنه المواطن الذي نشاهده يمشي في الشوارع نحيلاً أكله الجوع والهم.

والانتقاد اليوم ليس للشرعية وحسب، بل أيضا للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي أصبح بلا رؤية للحل أو بصيرة لإيصال البلاد إلى بر الأمان. وامتاز المجلس بالتخبط في عمليات اتخاذ القرار، فلا هو انقلب وأسس دولته، ولا هو شارك وغير من مسار الشرعية. يريد الحكم دون تحمل أي مسؤولية عن قراراته، وهذا لا يجوز.

أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي عضوا في الحكومة الجديدة، لكنه لم يقدم شيء فيها، ولم يحدث وزراؤه أي تغيير يلمسه المواطنون... اجتماعات وتصريحات وأخبار متوالية وجعجعة بلا طحين. وبعد خروج الحكومة الأخير من عدن ها هو اليوم يدعوها للعودة.

حتى محافظ عدن، أحمد حامد لملس، المنتمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، لم يحصل على دعم المجلس بالكامل، بل يتفرجون عليه وهو يتخبط وسط هذه الفوضى دون أي دعم حقيقي له، وكأنهم يرجون فشله.

إن إصلاح موضوع الخدمات أمر سهل إذا ما كان هناك إرادة سياسية للإصلاح، فوضع الكهرباء اليوم في عدن مفتعل لخلق أزمة سياسية على حساب المواطنين، والحل هو بتخصيص كل قطاعات الخدمات العامة، فالدولة لا مكان لها في الخدمات خاصة، وقد أثبتت فشلها الذريع.

في كل بلاد العالم المتقدم تقدم الخدمات عبر شركات خاصة، تقدر على تقديم خدمات كبيرة وتطويرها وتحصيل إيرادها. ومشكلة اليمن أن السياسيين لا يريدون تخصيص قطاع الخدمات بدون أن يدخلوا هم أنفسهم شركاء في الشركات الجديدة، مقابل الموافقة فقط على التخصيص. وهناك من السياسيين من يعتقد أن الخدمات موضوع سيادي لا يحق لاحد سوى الدولة الدخول فيه، والأساس هو ضمان استمرار نهب الأموال العامة لجيوبهم فقط.

إن المنحة السعودية الأخيرة، وهي منحة كريمة، لن تحل أساس المشكلة في قطاع الكهرباء، والحل يجب أن يكون من الداخل وليس الخارج.

إن إصلاح الحال اليوم يتطلب توكيل القطاع الخاص في بناء محطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع للمواطنين، وإبعاد الدولة عن هذا الأمر تماما، وبنفس الطريقة، يجب إدخال القطاع الخاص إلى كل القطاعات الحيوية لنضمن تحسن الوضع ووقف الانهيار.

لكن الأمر الأهم هو ضرورة أن تقوم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بطرد السياسيين اليمنيين المقيمين فيها إلى اليمن؛ ليواجهوا مصيرهم، فإما أصلحوا البلاد، أو خرجوا من الحياة السياسية للسماح لغيرهم بإصلاح ما أفسدوه.

أما التحالف العربي فطال الوقت أم قصر فسيترك هذا البلد ليواجه مصيره وحده، وعلى الجميع الاستعداد لذلك اليوم، فلن يبني هذا البلد إلا أبناؤه.

وعلى الدول العظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وبالذات المملكة المتحدة، تقع مسؤولة حماية المواطنين المدنيين من بطش الفاسدين والمستفيدين من استمرار هذا العبث بحياة المواطنين من خلال استمرار الحرب.

وليعلم الجميع أن هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية والمدنيين في البلاد، وخاصة في الجنوب، وبالتأكيد، سنشهد يوما إحقاق العدالة أمام محكمة الجنايات الدولية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى